بقلم: عـادل عطيـة
عندما رأي نابليون بونابرت، اثني عشر تمثالاً من الذهب الخالص، في جنبات احدى الكاتدرائيات، سأل: من هم أصحاب هذه التماثيل؟، فقيل له: أنهم الاثنا عشر رسولاً من تلامذة السيد المسيح. فقال لهم: انزلوهم، واسكبوهم نقوداً، ودعوهم يطوفون صانعين خيراً كما فعل معلمهم!
وما أكثر التماثيل التي انتشرت في زوايا الوطن، والتي طلت نفسها باللون الأصفر، لون العلة. ونصبت قوائمها في واجهات الحديد، وانتصبت تتفرج على الحقل كيف يحترق، وعلى العمارة كيف تتهدم، وعلى الإنسان كيف ينتحر... وهي جامدة كالصلب تحت أقدام الصليب!
هذه التماثيل التي يفترض فيها أن تكون هي الرائدة، وهي المتحركة، وهي ناشرة رسالة السلام والخير والوفاق، اكتفت بالتفرج والصمت إلى حد التواطؤ. ونسيت ما قاله من رفض أن يكون في الهند تمثالاً. هذا الرافض هو "جواهر لال نهرو"، الذي أطلق صيحته المشهورة: "نحن الزعماء، من أقدس واجبنا أن نبث في الشعب روح الأمل، والتفاؤل، والمستقبل السعيد. فإن الشعوب الضعيفة المقهورة لن تقوى، ولن تنتصر ما بقيت يائسة متشائمة مذعورة. ولكن لا سبيل إلى ذلك، إلا إذا ضرب الزعماء الأمثال على أنهم في المقدمة والطليعة: جرأة، واقداماً، وتضحية"!
كم نحتاج إلى هكذا زعماء، ينزلون عن علياء كبريائهم، ويسكبون عاطفتهم الإنسانية مشاعر خلاقة، منادين بالتوقف عن تمجيد صناعة التماثيل البشرية العارية من النبض، مستعيدين درس سقراط، الذي عندما شاهد تماثيل تفنن في إبداعها بعض النحّاتين، قال: "عجباً لهؤلاء الفنانين كيف يحيلون الأحجار إلى أشباه الناس. وأعجب من ذلك أن نرى أناساً يحيلون أنفسهم إلى أشباه الأحجار، بما فيها قلوبهم!