بقلم: فاضل عباس
بعد أيام ينفصل جنوب السودان عن شماله والذي أصبح في حكم المؤكد، نتيجة الاتفاقية المشؤمة وهي اتفاقية مشاكوس الذي وقعها نظام الحكم في الخرطوم والحركة الشعبية لتحرير السودان وهي من أعطت الحق بما يسمى تقرير المصير للجنوبيين، ولكن هذا الانفصال له تداعياته على السودان بعد الانفصال وله في نفس الوقت أسباب عديدة.
لا يختلف احد على الموقف الأمريكي لفصل الشمال عن الجنوب في السودان وهذا يظهر بوضوح في الحماسة الأمريكية لإجراء الاستفتاء بل وتهديدها نظام الخرطوم بعواقب التأجيل أو عدم الاعتراف بنتائجه كما لعبت الإدارة الأمريكية دورا كبيرا في توقيع الاتفاق المشئوم وهي اتفاقية مشاكوس ودعمت وجود بند حق تقرير المصير، وهي ازدواجية أمريكية تخدم مصالحها لأننا لم نسمع من الولايات المتحدة الأمريكية أي حماس لحق تقرير المصير في الشيشان أو في إقليم الباسك في اسبانيا أو لحل المشكلة القبرصية بل حماستها هو لتجزئة الأقطار العربية المجزئة أساسا باتفاقية سايكس – بيكو لعام 1916، وهي سياسية استعمارية يعرفها الجميع، ولا تتوقف عند السودان بل تصل إلي العراق ولبنان ودول أخرى مهددة بالتقسيم.
ولكن كل ذلك لا يعفي النظام الحاكم من مسؤوليته عما حدث، لقد كان كل انقلاب عسكري في السودان منذ الاستقلال ينتهي بانقلاب آخر ولكن المشكلة هنا أن انقلاب الإنقاذ لعام 1989 انتهى بكارثة وطنية وقومية وهي تقسيم السودان إلي جزأين لحد الآن والقادم أعظم لأن السودان به عرقيات وديانات كثيرة والأصوات في شرق السودان بدأت تعلو أيضا تطالب بحق تقرير المصير أسوة بالجنوب ولا نستبعد أن يكون هناك حماس أمريكي في المستقبل لهذا الطلب.
من غير المعقول أن يعيش الجنوبيون في فقروجهل وجوع بينما أكثر من 70% من إنتاج النفط السوداني يكون من الجنوب و90% من الاحتياط النفطي في الجنوب وهنا النظام عن عدم التنمية المتوازنة الشاملة وعن تراجع الحريات وحرية التعبير وفرض الشريعة الإسلامية بدون مبرر في دولة يوجد بها تعددية ثقافية وعرقية ودينية كل هذه الأمور تؤكد للأسف فشل الدولة الوطنية بعد الاستقلال ليس في السودان فقط بل في العديد من الأقطار العربية نتيجة غياب سلطة الشعب الحقيقية، كان على النظام الحاكم في الخرطوم رفض مبدأ تقرير المصير من الأساس في اتفاقية مشاكوس.