قبل قانون بناء الكنائس... أين الحق الدستوري للأقباط في الصلاة؟!
يوسف سيدهم
الأحد ٤ ديسمبر ٢٠١٦
بقلم يوسف سيدهم
قراءة في ملف الأمور المسكوت عنها (614)
كتبت مرارا عن قانون بناء وترميم الكنائس, وآخرها كان الأسبوع الماضي حين تساءلت: هل كفل القانون يسرا أم أضاف عسرا؟… والحقيقة أنه في الوقت الذي نرقب فيه القانون وماذا هو فاعل في طلبات بناء وترميم الكنائس وفتح الكنائس المغلقة, لا يجب أن ننسي الأصل الدستوري وراء هذا القانون وهو تمكين الأقباط من ممارسة شعائرهم الدينية وإقامة الصلوات والطقوس الخاصة بهم… إذا الأمر ليس مقصورا علي مبان سواء جديدة أو قائمة أو مغلقة, بل الأمر في الأساس مرتبط بكفالة حرية العقيدة وضمان حرية ممارسة الشعائر وحرية إقامة الصلوات ومباشرة الطقوس… وذلك يفتح ملفا
مريرا مسكوتا عنه!!.
إنه ملف السلطة المسئولة عن تفعيل القانون وحماية المواطنين والذود عن حقوقهم ضد أي محاولات لعرقلة ذلك… السلطة المسئولة عن فرض هيبة الدولة أمام قوي الشر والإرهاب التي تمارس التطرف والكراهية والتحريض والعنف… السلطة المسئولة عن الضرب بيد من حديد علي مؤامرات اغتصاب صولجان القانون وتهديد السلام الاجتماعي وازدراء الأديان… هل تستشعر تلك السلطة -محلية كانت أو سياسية أو أمنية- مسئوليتها الجسيمة في فرض كرامة وهيبة وصرامة الدولة, أم تترك الأوضاع تتردي والعابثين والمنفلتين يستقوون ويتوحشون أمام عجزها؟.
للأسف الشديد أنه بينما نرقب بحذر كل ما يتصل بمباني الكنائس, نرصد بقلق ما يتصل بحرية ممارسة الشعائر… وطبعا لا غرابة في أن تكون بؤرة الأحداث في هذا الإطار محافظة المنيا التي طالما تصدرت محافظات مصر في العنف والإرهاب وتحدي القانون, كما تصدرتها في تقاعس السلطات بها عن إيقاف الانفلات وحماية الأقباط وفرض القانون والذود عن هيبة الدولة. وبالرغم من أننا استبشرنا خيرا منذ بضعة أشهر عندما تم تغيير محافظ المنيا وتعيين محافظ جديد, إلا أن تداعيات الأحداث وما تمثله من تهديد وإرهاب للأقباط فيها مازالت تعوزها الصرامة والحسم الواجبان من المحافظ الجديد!!.
هذا ما تعرضت له وطني العدد الماضي في تغطيتها للأحداث البائسة التي تجري في قرية كرم اللوفي مركز سمالوط بالمنيا والتي تعود إلي يونية الماضي حين بدأ مواطن قبطي في بناء مسكنه فإذا بشائعة مغرضة تسري في القرية متهمة إياه بمحاولة بناء كنيسة ينطلق علي أثرها الغوغاء ليعيثوا ترويعا للأقباط في القرية وتدميرا لمنازلهم وسط تراخي وتقاعس السلطة الأمنية عن التدخل الحاسم لحماية الأقباط وممتلكاتهم واكتفائها بالقبض علي عدد من المجرمين بعد انتهاء الجريمة وتقديمهم للنيابة التي باشرت التحقيقات معهم وقامت بإخلاء سبيلهم (!!!) ليعودوا إلي القرية منتصرين ومستأسذين لينشروا انفلاتهم وإرهابهم مجددا… ولا غرابة في ذلك إذا عرفنا أن عجز وتقاعس السلطة الأمنية لا يقل عنه عجز وتقاعس السلطة الإدارية التي باركت مجالس الصلح العرفية وسكتت عن التهديد والترويع الذي تعرض له الأقباط فيها, وبالتالي استمر تردي الأوضاع -حتي في ظل تعيين المحافظ الجديد- إلي أن بلغ الأمر توزيع منشور مناهض لما سبق الاتفاق عليه من تمكين الأقباط من الصلاة في مبني مغلق يتم فتحه لهم… والمذهل هو لغة الصلف والازدراء والتحريض التي كتب بها المنشور واستنفاره مسلمي القرية للاحتشاد في موعد صلاة الجمعة في مساجد محددة للخروج عقب الصلاة في مسيرات مناهضة لصلاة الأقباط ولكنيستهم حتي أن المنشور المذكور جاء ختامه كالآتي: … عاوزين تصلوا؟ مش هايحصل… مش هايحصل… هاتبنوا كنيسة؟… مستحيل!!!.
فهل اتخذت السلطة المحلية والسلطة الأمنية الخطوات الواجبة لتفعيل وفرض القانون والضرب بيد من حديد علي أيدي العابثين به ومكدري السلام الاجتماعي ومزدري الأديان؟… ما رصدته وطني ينحصر في قيام قوات الأمن بتكثيف تواجدها في القرية ومنعها خروج مسيرات وفرضها طوقا أمنيا علي منازل الأقباط… لكن في المقابل ينصاع الأمن لجبروت المتشددين ويستمر في مساعيه لإقناعهم بالموافقة علي فتح المبني المتفق علي تخصيصه للأقباط للصلاة لكن دون جدوي فالمتشددون يرفضون ويعاندون ويصرون بكل جرأة أنه لن تكون في القرية ذات الأغلبية المسلمة كنيسة أو كما يروج بعضهم: بلاد المسلمين لن تبني فيها دور كفر!!!.
محافظ المنيا الجديد فشل في تحريك ذلك الصلف والتحدي ويبدو أنه لا يملك أدوات أو وسائل لفرض القانون وهيبة الدولة وحماية حقوق الأقباط التي نص عليها الدستور سوي المضي في محاولات إقناع المتشددين بالحسني (!!!)… ولعله يتساءل باستغراب: لماذا يعاندون؟… ولماذا يستقوون؟… ولماذا يستأسدون؟!!.