الى قداسة البابا تاؤضروس بابا وبطريرك الكنيسة المصرية
البروتوبرسفيتيروس أثناسيوس حنين
الأحد ٤ ديسمبر ٢٠١٦
بقلم الأب الدكتور أثناسيوس حنين
مطرانية بيرية – اليونان
Θεόδωρος
ثيؤدوروس (عطية الله)
ترحاب ونداء ورجاء
أخاطبكم ’ سيدى ’ بلقب (يا أبى) لأن الأبوة لا تسقط بالتقادم والبنوة لا تمحوها قرارات ’ فوقية أكانت أم تحتية ’ ولا أغالى اذا قلت أن العالم المسيحى برمته قد أستبشر خيرا بقدومكم على سدة البطريركية القبطية ’ لأنهم يؤمنون بأن الأقباط ’ أيا كان رأيهم فى أنفسهم تواضعا أو حقيقة ’ هم قوة روحية كبيرة وهم استنارة لاهوتية كامنة وهم نهضة تاريخية واعدة .
لقد جئت ’ يا صاحب الغبطة ’ الى كرسى البطريركية ’ بترتيب عجيب ’ لم تسعى اليه ولكن العناية الالهية قد سعت به اليك ’ جئت وفى قلبك أن تجمع ما تفرق ’ وتضمد ما قد أنجرح ’ وتحفر أبار المعرفة اللاهوتية القديمة التى تم ردمها أو كادت. كان هاجسكم وما يزال العلوم اللاهوتية وهمكم الهوية المصرية فى أساسها القبطى لأنكم تؤمنون بأنكم لستم أمينا للمتحف القبطى بل علامة للرب فى أرض مصر ’ ورائدا للابداعات وقائدا للحوارات فى السيمنارات والنقاشات بين أولادكم الشباب والشابات بلا حرمانات ولا ممنوعات ’ وفوق كل شئ بتم تؤمنون بأن أهل الخبرة ولو انتقدوا علميا وبلباقة ’ أفضل كثيرا من أهل الثقة حينما ينافقون بجهل و ببجاحة وبعدم لياقة .
تباركت بلاد الأغريق بقدومكم وأنت تأتى اليها بأدعية الأبرار من برارى مصر ’ تأتى بالأنجيل محمولا على فكر الأغريق مثلما حدث بين العظماء أثناسيوس الهيللينى الثقافة وأنطونيوس القبطى النشأة ’ ولغتهم التى طالما أحببتموها وقد ظهر ذلك جليا فى تكريمكم لفقهائها من خيرة علماء وشباب مصر فى مركز الدراسات الأبأئية بالقاهرة . تأتون الى بلاد الأغريق حيث تثاقفت الهوية المصرية مع الثقافة الهيللينية وصارت كل منهما مصدر للأخر ’ وأخرجتا لنا أروع ما أبدعته قريحة البشرية من علوم وأداب ولاهوتيات وثقافة وأنتم من الحريصون على التقارب والساعون الى الوحدة الكنسية على أسس لاهوتية وتاريخية رصينة . حينما أرادت الكنيسة اليونانية تكريم اللغة القبطية ’ كلفتنى بقرأة أنجيل القيامة باللغة القبطية فى أحد الأناستاسيس (وصار هذا تقليدا سنويا)’ وما أن أنهيت القرأة حتى صرخ الأباء الحاضرون ’ وكلهم من العلماء واللاهويتون ’ وعلى رأسهم سيادة مطران بيرية سيرافيم (نحن كأننا نسمع لغتنا فالنص القبطى حافل بالكلمات اليونانية!) ’ لهذا فما جمعه الله والأباء بين التراثين المصرى والهيللينى ’ لا ولن يفرقه انسان .
من هذا المنطلق ’ يحلو العتاب ’ لأنه هناك من يريد أن يهمش
فى زيارتكم التاريخية ويقزمها
(حارةالنصارى اليونانية !) ’ ويحرم منها أجيال من الشيوخ والشباب اليونانيين والمصريين قضوا معظم عمرهم يعملون ويتبرعون ويقفون على مرصد الأيام فى انتظار تحقق الرؤية والتى تؤأنت أحيانا وتوارت أحيانا أكثر ولكنها ’فى النهاية ’ وبفضل صلو ات وابتهالات ودموع وصبر وتعب
وسخاء
الكثيرين ’ أتت أتيانا ولم تتأخر (حبقوق 2 :1 -3 )
جأت صرختنا بعد أن لمسنا الفرحة العارمة التى أجتاحت نفوسا كثيرة ’ حينما قمنا مع بعض الأصدقاء بنشر عدد من الصور لتاريخ تأسيس الكنيسة المصرية الأولى فى اليونان والتى كانت جاهزة للصلاة ’ ما عدا بعض الرتوش والكماليات ’ من شهر مايو 2010 وقد ظهر فى الصور العديد من الشخصيات والوجوه والصور لا تكذب وأن كذبت النصوص ولا تمكر وان مكرت النفوس !’ ولقد أنهالت علينا الاتصالات تهنئ بفرح وتتذكر بسعادة وتعتب بحزن وتترجى بحب !
تهنئ بفرح لأن الحلم صار حقيقة ! وتعتب بحب وحزن لانه لم يتم دعوة وتكريم كل من كان له تعب فى هذا العمل الكبير خلال تاريخه الطويل ’ ويتسألون ببنوة وخضوع :
لماذا لا يتم دعوة كل من له تعب فى هذا الصرح العظيم من كل الأمم ومن كل القبائل من البدايات الى اليوم ؟ لقد بدأ الحضور القبطى فى اليونان منذ الثمانينات من القرن الماضى ’ و هناك الكثيرون من الكهنة والرهبان والعلمانيين بل والاساقفة ممن شاركوا خلال هذا التاريخ ’ لماذا يتم استبعادهم ؟ ولمصلحة من ؟ وكنا قد ترجينا ’ سيدنا ’ أن يكون عهدكم ’ هو عهد الكنيسة التى تجمع جميع اولادها تحت جناحيها ’ وليس استمرار
لعهود تهميش ودسائس وتقزيم وتصغير لتعب الشعب القبطى العملاق العظيم ؟
يا صاحب الغبطة
أن تحجيم زيارتكم الرسمية والتاريخية والتى ستتناولها وسائل الاعلام فى اليونان وخارجها بالتأريخ والكتاب والمفكرين بالتحليل والتدقيق ! ’ فى عدد محدد بلا ذكر ولا دعوة لكل من كان له تعب بشكل أو بأخر ’ هو أهانة كبيرة لعرش مار مرقس وللجالس عليه ! أن حرمان أباء كبار وعلمانيين كثر من هذا العيد هو أهانة كبيرة لعهدكم الجديد ’ والقائمة تطول من داخل وخارج اليونان ومن الأحياء والذين رقدوا ’ بلا تكريم’ بعد أن قدموا الكثير ’روحيا وماديا للكنيسة (السيدة المقدسة أيفون بطرس والاستاذ عادل ضيف على سبيل المثال لا الحصر). ونعلم جميعا أن المجتمعات الراقية تقوم بعمل لوحات تذكارية من أجل تكريم كل الذين شاركوا فى مشروع ما عظيم بغض النظر عن أنتمائتهم وأرائهم وحجم عطاياهم ونوعية خدمتهم.
صاحب الغبطة
بأسم الأغلبية الصامتة ’ أتوسل اليكم أن تصلكم صرختهم وتعيدون هذا الحدث التاريخى الى كرامته التى تليق بشخصكم وبالكنيسة المصرية العريقة وبتعب المئات والالاف من المسيحيين القبط وأن يكون فرصة ’ فى أيديكم ’ لجمع أبناء الله المتفرقين من المصريين واليونانيين الى واحد ’ وليست فرصة ’ فى يدى الشيطان ’ لزرع الخصومات بين الأخوة فى بلاد الغربة .
ودمتم ذخرا لمصر كلها