الأقباط متحدون - الحياة الأبدية
  • ٠٠:٢١
  • السبت , ٣ ديسمبر ٢٠١٦
English version

الحياة الأبدية

نسيم عبيد عوض

مساحة رأي

٢٤: ٠٨ ص +02:00 EET

السبت ٣ ديسمبر ٢٠١٦

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

بقلم نسيم عبيد عوض
الحياة هى الله ‘حسب قوله " أنا هو الطريق والحق والحياة ."يو14: 6‘ وأيضا " أنا هو القيامة والحياة ."يو11: 25‘ لأنه مصدر الحياة ‘ والحياة التى يقصدها الرب هى الحياة الأبدية ‘فالخلود الممنوح للإنسان  له وجهان حياة أبدية للأبرار‘ وموت أبدى للأشرار ‘ فبعد أن جبل الله الإنسان من تراب نفخ فى أنفه نسمة حياة فصار آدم نفسا حية ‘وقد خلقنا الله لنعيش معه فى حياة أبدية خالدة لا تعرف الموت فى وسط الجنة أو الفردوس ‘ولأن الموت دخل الى العالم بحسد إبليس فأسقط آدم فى خطية التعدى فحكم عليه بالموت وعلى كل نسله ‘ وأصبح نسل آدم الى ماقبل صليب المسيح يموت ومكانة الجحيم ‘ ولذلك جاء سؤال الشاب الغنى للسيد المسيح " ماذا أفعل لأرث الحياة الأبدية؟" مر10: 17.

ولذلك كان سؤال البشرية قبل التجسد الإلهى والصليب ‘ كيف أرث الحياة الأبدية ؟ أو ماذا أعمل حتى أرث الحياة الأبدية ؟ وهو السؤال الذى أورده انجيل مرقس البشير 10: 17-31 حسب نص الكتاب "وفيما هو خارج الى الطريق ركض واحد وجثا له وسأله ايها المعلم الصالح ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية؟". ويتصف صاحب السؤال بأنه شاب مت19: 20 ‘وذو أموال كثيرة ورئيس فى مجمع اليهود لو18: 18‘ مستقيما يحفظ الوصايا ‘جاء راكدا يبحث عن مايوصله للحياة الأبدية ‘ أنسان على خلق وأدب لسجوده إجلالا وإحتراما للمعلم الصالح‘ أيضا متواضعا لسجوده أمام جموع الشعب. ولكن مهما كانت صفات هذا الشاب ‘فسؤاله يهم البشرية كلها ‘ ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية؟ وهذا سؤال يعرف إجابته كل مؤمنى العهد الجديد بعكس مؤمنى الناموس الموسوى مثل هذا الشاب ‘ كقول الكتاب " لأن الناموس بموسى أعطى . أما النعمة والحق فبيسوع المسيح صارا.يو1: 17‘ فأن المؤمنين بالمسيح يسوع ولدوا ولادة جديدة بخلقة جديدة بالماء والروح ‘ وأعطاهم الله سلطانا أن يصيروا أولاد الله.وبالتالى وارثين للحياة الأبدية ‘ فكيف تكون الإجابة على السؤال اليوم ‘ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية؟

الحياة الأبدية
1- كلمة الحياة فى الإنجيل عامة وفى العهد الجديد خاصة هى الحياة غير القابلة للموت (لأن الموت عقوبتة الخطية ‘فأجرة الخطية هى موت أما هبة الله حياة أبدية.)

2- الحياة فى الله والتى يمنحها الله بروحه القدوس هى وحدها تسمى الحياة ‘ وهى تختلف عن الحياة الجسدية التى مآلها الموت ‘ أما الحياة فى الله فهى الحياة الحقيقية أو الحياة الأبدية.

3- الحياة الأبدية أو الحياة الحقيقية هى الحياة التى نكتسبها الآن لحساب مابعد الموت‘ كوصف القديس الرسول بولس أنها تقترن بالحاضر والمستقبل ‘ فيقول لتلميذه تيموثاوس (1تيم4: 8 ) ولكن التقوى نافعة لكل شيئ إذ لها موعد الحياة الحاضرة والعتيدة.."فالحياة فى الكتاب المقدس هى الحياة الأبدية . ويقول الكتاب المقدس " لأنه كما ان الآب له الحياة فى ذاته . كذلك أعطى الأبن أيضا أن تكون له حياة فى ذاته."يو5: 26 ‘ أى ان له سلطان الله فى هبة الحياة الأبدية .ولذلك يقول الرب يسوع " من يسمع كلامى ويؤمن بالذى أرسلنى فله حياة أبدية .ولا يأتى (فى المستقبل)الى دينونة .بل (الآن )قد أنتقل من الموت الى الحياة." يو5: 24‘والمعنى هنا أن الحياة الأبدية تخلصت نهائيا من الموت فأصبحت بالنسبة لنا (خلاصا).

4- المولود الجديد يرث الحياة الأبدية فى عالمه الحاضر على أساس الرجاء الحى الذى نعيشة بالإيمان.كقول الكتاب" مبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح الذى برحمته الكثيرة ولدنا ثانية لرجاء حى بقيامة يسوع المسيح من الأموات لميراث لا يفنى ولا يتدنس ولا يضمحل فى السموات لأجلكم.1بط1: 3و4.

5- روح الله القدوس هو الذى يقوم الآن بإعطاء الحياة فى الله كقول الرسول بولس"لأن الحرف يقتل لكن الروح يحيي.."2كو3: 6.

6- كلمة الله التى بها تهب رياح النعمة التى هى رائحة المسيح التى فى الكلمة لتحيي من يسمعها ويؤمن بها.كقول الكتاب " متمسكين بكلمة الحياة . في2: 16‘ ومن فم رب المجد " الكلام الذى أكلمكم به هو روح وحياة."يو6: 63‘ ويقول الملاك للرسل " إذهبوا قفوا وكلموا الشعب فى الهيكل بجميع كلام هذه الحياة.أع5: 20

7- الحياة الأبدية هى أسم استخدمه السيد المسيح للتعبير عن ذاته ونفسه" أنا هو القيامة والحياة." يو11: 25.وهو يمنح الحياة للذين يلتصقون به ويتبعونه من كل قلوبهم ‘ ولأنه له الحياة فى ذاته  فهو يحيي من يشاء مثل الآب‘ فيقول" خرافى تسمع صوتى وأنا أعرفها فتتبعنى.وأنا أعطيها حياة أبدية .ولن تهلك الى الأبد ولا يخطفها أحد من يدى.."الحق الحق أقول لكم أن من يسمع كلامى ويؤمن بالذى أرسلنى فله حياة أبدية ولا يأتى الى دينونة بل قد إنتقل من الموت الى الحياة.. ولهذا يقول عن نفسه أنه "هو الحياة" كقوة ألهيه فعاله ومحييه " فيه كانت الحياة والحياة كانت نور الناس والنور أضاء فى الظلمة والظلمة لم تدركه."يو1: 4و5.

وفى حياة غربتنا على الأرض ونحن ورثة الملكوت ‘ أعطانا الله الوسائل التى إستودعها سر الحياة لكى نقر بها ونحيى:
1- سر المعمودية "إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله ."يو3: 5

2- فى سر الشكر (بكسر الخبز وشرب الكأس بعد البركة -الأفخارستيا-)"أنا هو الخبز الذى نزل من السماء .إن أكل أحد من هذا الخبز يحيا الى الأبد.يو6: 51.

3- كلمة الله "الكلام الذى أكلمكم به هو روح وحياة.يو6: 63‘ لأن كلمة الله فى كتابة المقدس وهى وحيه الإلهى : - هو قانون الحياة الحاضرة.مز19: 7‘ ناموس الرب يرد النفوس‘ هى إعلان الحياة العتيدة ‘ هى إعلان عن ذات الله وعن قصده الإلهى نحو البشر‘ الذى شمل الماضى والحاضر والمستقبل‘ كقول الكتاب" الذى خلصنا ودعانا دعوة مقدسة لا بمقتضى أعمالنا بل بمقتضى القصد والنعمة التى أعطيت لنا فى المسيح يسوع قبل الأزمنة الأزلية.وإنما أظهرت الآن بظهور مخلصنا يسوع المسيح الذى أبطل الموت وأنار الحياة والخلود بواسطة الإنجيل."1تيمو1: 9و10.

الحياة الأبدية هى المقابل الإيجابى لغفران الخطايا والتوبة الصادقة لأن مقابل الخطية موت.‘ كقول الكتاب" لأن ناموس روح الحياة يسوع قد أعتقنى من ناموس الخطية والموت ."رو8: 10‘ فالحياة الأبدية تنمو وتزدهر فينا بقدر مايقع علينا من ضيق وتجارب قاسية وإضطهادات " فإنى أحسب أن آلام الزمن الحاضر لا تقاس بالمجد العتيد أن يستعلن فينا." رو8: 18 ‘ لأن لى الحياة هى المسيح والموت هو ربح." في1: 21. وهذا مايؤكده القديس يوحنا أن حياتنا الأبدية هى فى المسيح" وهذه هى الشهادة أن الله أعطانا حياة أبدية وهذه الحياة هى فى إبنه .ومن له الأبن فله الحية .ومن ليس له إبن الله فليست له حياة." 1يو5: 11و12.

ولكى نظل وارثين ومحتفظين بالحياة الأبدية لآبد أن نستمر متحدين مع الله ‘كقول الرسول " لا أحيا ما أنا بل المسيح يحيا في." كقول الرب فى صلاته الختامية فى يوحنا 17" ليكون الجميع واحدا ‘كما أنك أنت أيها الآب في وأنا فيك.ليكونوا هم أيضا واحدا فينا."يو17: 21 ‘لأن هذه الوحدة  هى التى تسوقنا للحياة الأبدية.

وتتحقق الوحدة مع الله بعنصرين أساسيين هما:
أولا : معرفة الله كقول الرب " وهذه هى الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقى وحدك ويسوع المسيح الذى أرسلته" .يو17: 3‘ والحياة الأبدية التى نعرفها على الأرض هى حياة معاشة وإختبار يومى ‘ولذلك يجب أن ننفصل عن الحياة الأرضيى بمفهومها المادى والتى نهايتها الموت‘ ونتعايش مع ميراث الحياة الأبدية التى لا يوجد فيها موت. فالحياة الأرضية بكل متغيراتها – فرح ينقلب الى حزن وسلام ينتقل الى قلق وإضطراب ‘ حب يصير كراهية وبغضة ‘ أمل ورجاء الى يأس وقنوط. أما الحياة الأبدية فى معرفة الله فكل صفاتها وأحوالها دائمة وغير قابلة للتغيير للضد ‘ بل هى دائما الى الأفضل.

ثانيا: بالإيمان .. وهو الإيمان التصديقى بالروح –بدون برهان- "تؤمنوا بى" " فى ذلك اليوم تعلمون انى أنا فى أبى وأنتم في وأنا فيكم." يو14: 20‘"  والذى يحبنى يحبه أبى وأنا أحبه وأظهر له ذاتى. "  ولذك يوصىالرسول تلميذه تيموثاوس"جاهد جهاد الإيمان الحسن وأمسك بالحياة الأبدية التى اليها دعيت ايضا." 1تيمو6: 12.

وللإجابة على سؤال  البشر نسألكم جميعا هل ورثنا الحياة الأبدية؟ ‘ ونعيشها على الأرض قبل أن نصعد للسموات‘  وكل شخص له أن يجيب على السؤال لنفسه بكل صدق حتى يختبر حياته‘ ويعضدها حتى لا يهلكها . حياتنا على الأرض وقتية وهى كلها إمتحان لتذكية خلاصنا وتقوية إيماننا لحساب الحياة الأبدية فى المسيح يسوع ‘ وفى أيام صوم الميلاد الذى نعيشه اليوم نتذكر دائما الحياة الأبدية التى تنتظرنا فى السموات ‘فلنجاهد فى حياتنا الروحية وعيوننا على بيتنا الأبدى.الرب مع جميعكم.

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
حمل تطبيق الأقباط متحدون علي أندرويد