معركة إيران القادمة مع الرئيس ترامب
مقالات مختارة | د.جهاد عودة
السبت ٣ ديسمبر ٢٠١٦
عندما فاز رونالد ريجان، برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، عام 1981، أطلق الإيرانيون سراح 52 أمريكياً من موظفى السفارة فى طهران، كانت أسرتهم في عهد سلفه جيمى كارتر، لأكثر من 400 يوم، وذلك في أول أسبوع من رئاسة ريجان، فهل يمكن إجبار إيران على إعادة التفاوض بشأن الملف النووى فى عهد الرئيس الجديد دونالد ترامب؟.
فى عام 2015 اعتبر الرئيس الأمريكى المنتهية ولايته، باراك أوباما، توقيع الاتفاق النووى الإيرانى أحد أهم إنجازاته، والذى جاء بعد نحو عامين من المفاوضات بين إيران ومجموعة القوى الكبرى الست «الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا»، ويضمن الاتفاق منع طهران من تخصيب اليورانيوم لفترة لا تقل عن 10 سنوات، واقتصاره فقط على الطبيعة السلمية، مقابل رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران تدريجياً، وفتح العلاقات الدبلوماسية المقطوعة مع الدولة الشيعية منذ 1980.
وكان الرئيس ترامب عبَّر عن معارضته للاتفاق النووى، واصفا إياه، بـاأسوأ اتفاق وأنه قد يؤدى لـهولوكوست نووية. علما أنه سبق لقيادات من حزب ترامب الجمهورى، انتقاد الاتفاق، وصوت معظمهم في الكونجرس لإفشال بعض مطالب الرئيس أوباما، مثل بيع الطائرات المدنية لإيران، ردًا عليه.
فى حين ذكر وزير الخارجية الإيرانى، الرئيس الأمريكى الجديد بأن الاتفاقية النووية مع إيران ليست ثنائية، ولكن دولية، تم توقيعها في سويسرا، مع 5 دول إلى جانب الولايات المتحدة.
وظهر فى التفاعل أن إيران حصلت على معاملة استثنائية وسخية من الرئيس أوباما لكنها قابلته بمعاملة سيئة في ممارساتها الوحشية في المنطقة، متحدية دعواته لها بالتعاون في العراق وسوريا، أيضاً، عاملت القيادة الإيرانية أوباما بصلافة وعجرفة عندما اعتقلت البحارة الأمريكيين وأذلتهم أمام كاميرات التليفزيون، ثم لاحقًا، اعتقلت أمريكيين من أصول إيرانية كانوا في زيارة لذويهم.
وسارعت بعض الدول العظمى للرد على تصريحات ترامب، فاستبعد الرئيس الفرنسى فرانسوا هولاند، تعديل الاتفاق النووى، واصفا تلك الخطوة بأنها ستكون خطيرة للغاية، وأكدت ألمانيا رفضها تصريحات الرئيس الأمريكى الجديد، مشددة على أنها ستسعى لإقناعه بأن هذا الاتفاق سياسة سليمة.
تمسك فرنسا وألمانيا بالاتفاق نابع من الحفاظ على مصالحهما مع إيران، حيث ترتبطان بمشروعات تجارية كبرى مع طهران، أما بالنسبة لبكين وموسكو فالأمر أكبر بكثير؛ حيث بدأت روسيا - المزود الأهم والأكبر لإيران بالسلاح - محادثات لإبرام صفقات أسلحة ضخمة مع طهران تقدر بنحو 10 مليارات دولار، حسب وكالة نوفوستى الروسية، تشمل تلك دبابات من طراز تى 90 وأنظمة مدفعية وطائرات حربية ومروحية، وفى الوقت نفسه وقع حسين دهقان، وزير الدفاع الإيرانى، مع نظيره الصينى، اتفاقا لإجراء تدريبات عسكرية مشتركة بين البلدين.
قال مستشار ترامب، للسياسة الخارجية العربية، وليد فارس: إن الاتفاق النووى مع إيران سيتغير بشكل يضع في الحسبان دول المنطقة التي تضررت من التدخلات الإيرانية، وأن ترامب أكد خلال الحملات الانتخابية على أن الاتفاق لا يعجبه، ومن الممكن إعادة التفاوض بشأن بعض بنود الاتفاق وإعادة إرساله إلى الكونجرس الأمريكى، وأن ترامب أشار إلى أن واشنطن أعطت كل شيء لطهران ولم تأخذ شيئا، كما لم تراع مصالح الدول العربية المجاورة لإيران، وأن هذه الدول يجب أن تكون جزءاً من أي ترتيبات تخص هذا الملف، خاصة في ظل تنامي التهديدات الإيرانية.
وأضاف فارس:اسيجلس ترامب مع الحلفاء والشركاء وينظرون كيف يتم التعامل مع الدور الإيراني«، مؤكداً أن العلاقة مع الدول العربية ستتحسن في عهد ترامب، خاصة في الخليج ومصر.
والمرجح أن السياسة الأمريكية تجاه إيران في عهد ترامب ستمر بـ5 خطوات: الأولى: تشييع آمال الإيرانيين بإلغاء الاتفاق النووي، الثانية: إضعاف النظام الحاكم بتشديد العقوبات عليه، ثالثا: تشديد العقوبات على طهران من أبواب أخرى كانتهاك حقوق الإنسان ودعم الإرهاب وتطوير الصواريخ الباليستية، رابعاً: دعم المعارضة الإيرانية حتى يتم إسقاط النظام الحالي، خامساً: تفعيل العقوبات والغرامات من قبل الخزانة الأمريكية على الشركات الأجنبية التى تتعامل مع شركات يمتلك الحرس الثوري منها أكثر من 25%، بينما كانت هذه النسبة أكثر من 50%.
إن التوتر الموضوعى بين واشنطن وطهران بدأ بقول محمد جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني إن بلاده تطبق الشقَّ الخاص بها من الاتفاق النووي، «وأَسِف لأن الإدارة الأمريكية الحالية لم تفعل ذلك».
الاتفاق يلزم إيران بالحد من قدرتها على تخصيب اليورانيوم وتخزينه والقبول بالمفتشين الدوليين، بينما انتقدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الأسبوع الماضي، طهران لانتهاكها الاتفاق، بحيث أنتجت 130 كيلوجراماً من اليورانيوم المخصب.
وفى غضون ذلك أكد ترامب أنه سيأمر البحرية الأمريكية بإطلاق النار على الزوارق الحربية الإيرانية إذا حاولت التحرش بالمدمرات البحرية التابعة للولايات المتحدة، قال ديفيد فريدمان كبير مستشاري ترامب: إن إدارة الأخير ستعود للتعاون مع الأطراف العالمية بطريقة تسعى لإعادة الضغط على طهران، لأن إيران نووية بعد 9 سنوات غير مقبولة.
وفق ترامب هناك عوامل كثيرة تعمل على زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط، من بينها النظام الإيرانى،. صحيح أن نظرة الرئيس الأمريكى الجديد إلى العالم ليست جيوسياسية بقدر ما هي اقتصادية، ولهذا فهو ليس مهتماً بالشرق الأوسط كثيراً، لكن يبقى الشرق الأوسط مهمًا من ناحية النفط، والممرات، ثم إن شركات ترامب نفسها عملت فى الخليج، هو يعتقد أن كل شىء قابل للتفاوض، وسرعان ما يكتشف أن عدم الاستقرار في الشرق الأوسط يؤثر على المصالح الاقتصادية والأمنية الأمريكية.
نقلا عن الأهرام