دعنا نلامس ندوبنا بلا خجل
مقالات مختارة | بقلم:نعيم يوسف
٥١:
٠٨
ص +02:00 EET
الخميس ١ ديسمبر ٢٠١٦
بينما كان القمر ساطعًا في السماء.. جلس "بردجر" و"كلوفر" أسفل شجرة كبيرة.. قال لها "بردجر": "أنتِ تنظرين إلي مباشرة؟؟" فردت عليه: لأن ذلك يكون أسهل في الظلام!
"كلوفر" كانت تعاني من ندبة في وجهها، تسبب لها خجلًا كبيرًا، ولا تستطيع أن تنظر في وجه الناس مباشرة.. وكانت تعتقد أنها غير جميلة، ولن تُعجب أحدًا.. حتى التقت "بردجر".
قال لها "بردجر" إننا جميعًا نُخفي ندوبًا.. وكشف لها عن أثر عملية أجراها لزراعة قلب.. وببطء لمس ندبتها التي تُخفيها بشعرها.. وهمس لها: "أنتِ جميلة جدًا"!!
هذا جزء من مشهد في فيلم "Love Everlasting" استوقفني جدًا.. فكل منا لديه ندوبه الخاصة التي يخجل منها.. ويحاول أن يغطيها بكل قوته.. قد نكون مسؤولين عن هذه الندوب، أو لا.. قد نكون ساهمنا أو تواطئنا في صناعتها، أو نكون ضحايا لاعتداء آخرين، أو حتى ولدنا بها ولا ذنب ولا جريرة لنا فيها.. قد نعيها في كبرنا أو ندركها منذ الطفولة.. المهم أننا لدينا ندوبنا التي نخفيها!!
الكثير منا يخشى الدخول في علاقات، خوفًا من كشف ندوبنا للآخر.. وربما نكون مررنا بتجارب رفض أو فشل تزيد من الأمر تعقيدًا.. وقد يعتقد البعض أن "الحب بيجي وحده".. وهذا صحيح.. لكن ما هو دورنا في استقبال الحب ومنحه؟!؟!.. تخيل معي عزيز القارئ أن أحد الضيوف جاء "لوحده" لزيارتك.. فتركته في الخارج دون أن تفتح له بابًا.. كيف تستمتع بوجوده في حياتك إذًا؟؟
في أي مستوى من العلاقات الحميمة، سواء كانت صداقة، أم حب وزواج، أم علاقات أخوية وأسرية، التواصل بالندوب شيء مريح جدًا وصحي جدًا جدًا.. فعندما نكشف للآخرين ندوبنا، وهم يكشفون لنا ندوبهم، نشعر براحة كبيرة.. نشعر باحتواء الآخر لنا.. بقبولنا.. حتى لو كانت بنا ندوب، فإننا مقبولون من شخص ما.. وهذا أروع ما في الأمر، لأن المميزات كل الأشخاص يعرفون كيف يتعايشون معها.. لكن الندوب لا... قليلون هم من يستطيعون القول لنا "أنت جميل/ة جدًا" بعد أن يروا ندوبنا.. لذلك لا يجب علينا أن نظل أسرى لماضينا، ونخشى الخروج للآخر.
التواصل بالندوب وكشفها، يكون واضحًا وجليًا في مجموعات المساندة.. فمن مروا بهذه التجربة -مثلي- يعلمون جيدًا أن الجميع فيها يكشفون عن ندوبهم، دون خوف من استغلال.. أو خشية رفض.. قد يكون الأمر صعبًا في البداية، أن تخرج من سجنك، الذي صنعته بنفسك لتحمي نفسك به.. لكن بالتدريج، والاستمتاع بالتواصل مع الآخرين دون خوف، ستجد نفسك تتخذ قرارًا بهدم كل سجونك -التي كنت تظن أنها حصونك- بيدك.. وأنك لن تعود لطريقتك الأولى في التعامل مع الآخرين، مهما كلفك الأمر.
في البداية ستخشاهم.. لن تريد أن تلتقي عينيك بأعينهم مرة أخرى ولو مصادفة.. إلا أنك بعد التعافي ستعرف أن أيامك معهم من أجمل الأيام.. بل ستتخذ عددًا منهم أصدقاء قريبين جدًا.. لأنهم قبلوك وأحبوك كما أنت... بندوبك.. وهذا ما أنا فعلته وأدعوك لتفعله.
إذا كان هناك شخص ما في حياتك، عزيزًا عليك.. يُمكنك إرسال هذا المقال له، وأبدأ في التلامس بلا خجل مع ندوبك وندوبه.. وأنا على المستوى الشخصي، أهدي هذا المقال إلى إنسانة غالية جدا، استطعت في علاقتي بها أن أكشف ندوبي بلا خجل.. وبمناسبة مرور عام على علاقتنا.. وبمناسبة عيد ميلادها.. كتبت هذا المقال عرفانًا وشكرًا وتقديرًا لها.
نقلا عن الطريق