آدم ... ماذا حدث؟
كمال زاخر موسى
٢٢:
٠٨
م +02:00 EET
الاثنين ٢٨ نوفمبر ٢٠١٦
بقلم : كمال زاخر
من يتابع قصة الخلق بحسب التوراة يتوقف عند العلاقة بين آدم ذلك الكائن المحدود وبين الله الخالق، كيف كانت فى الجنة؟،
وما هى طبيعتها؟،
وفيما كانا يتكلمان؟،
وهل ما صنعه ادم حين كسر وصية الله له كان مجرد عصيان،
وهل ... وهل ... وهل .....؟
خلت نفسى هناك فى تلك اللحظة
ارقب واتابع علاقة آدم بالله فى تطورها حتى انقطاعها، علاقة بين الفرع والأصل
لكن الأصل لا يقاس ولا ندرك كنهه، ولا نستوعب مداه، فهو خارج ادوات القياس، وعندما يتخذ آدم قراره بالإنفصال عن مصدر المعرفة والإدراك الكونى يكون قد احدث ما يشبه الإنشطار النووى، وما ينتج عنه، من طاقة مدمرة، لم يعد معها ذهن آدم مستوعباً لما يحدث، ولاحقته التشوهات فى كيانه الذى انقطع عن مصدر وجوده، فكان الموت، وعندما اراد أن يتذكر ما كان لم يجد فى ذاكرته سوى خيالات مشوشة عن ما سبق، اخذ يرددها بقدر ما تسعفه ذاكرته التى تشوشت، لهذا راح ابناءه يرددون ما سمعوه بقدر ادراكهم، وتوارثت اجيالهم بالتواتر حكاياتهم، ويستمر التشوش، وتتوالد الحكايات، وتولد وتتشكل الأساطير، فتجد الحكايات تتشابه فى مضمونها وتختلف فى شخوصها، ولعل ابرزها تصورات الجماعات البشرية عن الله، فتتناقل الحضارات القديمة، تصور الله الثالوث، فى حضارات اسيا وافريقيا، بين الهند ومصر وقبائل اوروبا،
العقل الإنسانى تشوش
فيتدخل الله ليرد آدم ويصحح تصوراته المشوشة، وقد صار عاجزاً عن اعادة التواصل مع الله، فالطبيعة فسدت وفقدت الغطاء الواقى الذى يسمح لها بالإقتراب من المجال الحيوى الإلهى، وفى آدم فسد الجميع، ولا يستطيع الفاسد أن يدرك عدم الفساد، لكن تصحيح الأساطير لا يتوقف، عبر سلسلة ممتدة من الأنبياء، حتى ينتهى الأمر إلى تدخل مباشر من الله، فالعقل المشوش لا يصححه إلا العقل الكونى، اللوغس، الكلمة، وما افسده الإنشطار النووى يصححه اندماجاً نووياً، فى الحضور الإلهى عبر التجسد، ففى المسيح تلاقت الطبيعتان، آدم الإنسان (الناسوت) والله (اللاهوت)، بغير اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير، وفيه تستعلن لنا طاقة الحب اللا متناهى، التى راحت تطارد الموت حتى اسرته، لتطلق سراح ادم الأول، وتعلن انتصار آدم الثانى، الإله المتجسد، الإبن الكلمة، اللوغس، الذى أعلن لنا فى تجسده سر الله، وكان الصليب علامة المصالحة وكان عقد الصلح مكتوباً وموقعاً بالدم، الذى تخضبت به خشبة الصليب.
فى آدم مات الجميع وفى المسيح يحيا الجميع
::::::::::::::::::::::::
من صلوات القداس :
"أنت يا سيدي حولت لي العقوبة (الموت) خلاصًا كراع صالح سعيت في طلب الضال، كأب حقيقي تعبت معي أنا الذي سقطت، أدبتني بكل التأديبات المؤدية إلى الحياة
أنت الذي أرسلت لي الأنبياء من أجلي أنا المريض، أعطيتني الناموس عونًا أنت الذي خدمت لي الخلاص لما خالفت ناموسك، كنور حقيقي أشرقت للضالين وغير العارفين"
" أنت الكائن في كل زمان، أتيت إلينا على الأرض، أتيت إلى بطن العذراء، أيها الغير المحوي إذ أنت الإله لم تضمر إختطافًا أن تكون مساويًا لله، لكن وضعت ذاتك وأخذت شكل العبد، وباركت طبيعتي فيك وأكملت ناموسك عني، وأريتني القيام من سقطتي أعطيت إطلاقًا لمن قبض عليهم في الجحيم، أزلت لعنة الناموس، أبطلت الخطيئة بالجسد
أريتني قوة سلطانك وهبت النظر للعميان، أقمت الموتي من القبور، أخضعت الطبيعة بالكلمة، أظهرت لي تدبير تعطفك أحتملت ظلم الأشرار، بذلت ظهرك للسياط وخديك أهملتهما للطم، لأجلي يا سيدي لم ترد وجهك عن خزي البصاق"