الأقباط متحدون - دعائم الديمقراطية الأمريكية
  • ٠٤:٢٦
  • الاثنين , ٢٨ نوفمبر ٢٠١٦
English version

دعائم الديمقراطية الأمريكية

منير بشاي

مساحة رأي

٣١: ٠٩ ص +02:00 EET

الاثنين ٢٨ نوفمبر ٢٠١٦

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

 بقلم منير بشاى

 
فى الانتخابات الرئاسية الامريكية الاخيرة رأينا نموذجا حيا للديمقراطية الصحيحة.  ورغم وجود مشاعر سلبية عند بعض الناس تجاه امريكا، ولكن لا يستطيع احد ان ينكر أن امريكا هى التى صنعت الديمقراطية وان الديمقراطية هى التى صنعت امريكا.  وفيما يلى بعض الدعائم الاصيلة التى تقوم عليها الديمقراطية الأمريكية فيما يتعلق باختيار رئيس البلاد.
 
1- اتاحة حق الترشح
        الترشح لمنصب الرئيس فى امريكا هو حق متاح لمن يريد.  لا توجد بأمريكا عائلة مالكة ولا طبقة من الامراء او النبلاء.  ولا يوجد توريث للحكم او استيلاء على السلطة بالانقلابات او الثورات.  لقد وجدنا رئيسا يتم انتخابه وينتمى الى طبقة السود التى كانت تعانى العبودية منذ عهد قريب.  ووجدنا رؤساء ممن ينتمون الى الطبقات الدنيا.  وروعة الممارسة ليست فقط فى وجود قانون يقرها ولكن فى وجود ناخبين ينفذوها وينتخبون من يعتقدون انه الأصلح للمنصب رغما عن لونه او عرقه او دينه.  نعم هناك بقايا للعنصرية فى امريكا ولكنها اقل من بلاد كثيرة.
 
2- فحص المرشحين
        جزءا هاما من العملية الانتخابية فى امريكا هو خضوع المرشح للفحص والتمحيص الشديد.  الهدف من هذا هو اختبار مدى قدرة المرشح على تحمل الضغوط التى هى جزءا من منصب الرئيس.  وفى نفس الوقت يصبح هذا الفحص اداة يستطيع منها الناخب ان يعرف الجوانب الخفية فى حياة المرشح.  من حق كل مرشح ان يحفر فى تاريخ خصمه والخصم من حقه ان يدافع عن نفسه.  هذا وتعقد المناظرات التى يتم توجيه الاسئلة لكل مرشح والتى تمكن الناخب من ان يفاضل بين المرشحين ويختار من يعتقد انه الاصلح. 
 
3- شفافية التصويت
        التصويت يتم بطريقة تضمن النزاهة والشفافية الكاملة.  عملية التصويت لا تستغرق عادة اكثر من 5 الى 10 دقائق، تنتقل من موظف الى آخر الى ان تأخذ بطاقة الانتخاب وتجد نفسك امام كابينة التصويت فتقوم به ثم تسلمها لمن يضعها امامك داخل الصندوق.  لا ترى امام اللجان رجال الشرطة او الجيش كما لا ترى قضاة يشرفون ولا ترى من يحاول شراء صوتك الانتخابى لأن هذا امر مرفوض بالضمير قبل القانون.  المواطن هو حارس ديمقراطيته وليس فقط الدولة.
 
4- التمثيل المتكافىء
        الفائز ليس من يحصل على الغالبية المطلقة للاصوات (majority vote) ولكن على غالبية النقاط التى تمثلها كل ولاية (electoral college) وهو نظام يضمن للولايات الصغيرة ان يكون لها رأى فى من سيفوز وبالتالى يحاول كل مرشح الاهتمام بها وبمشاكلها. 
 
5- قبول الهزيمة
       بعد دقائق من اغلاق باب الانتخابات وتسليم الصناديق الى المركز الرئيسى يتم فرزها بواسطة الكومبيوتر وتظهر النتائج خلال دقائق.  جزء مهم من التقاليد الامريكية ان المنهزم يقبل النتيجة بصدر رحب ويعلن ذلك سواء فى كلمة الى مؤيديه او اتصال تليفونى منه او من ممثل حملته الى الفائز يعلن فيها قبوله لنتيجة الانتخاب وتهنئته للفائز مع تمنياته له بالتوفيق ويعده بالتعاون معه لخير الوطن.
 
6- الانتقال السلمى للسلطة
        جزءا هاما من تقاليد الانتخابات الامريكية هو الانتقال السلمى للسلطة.  الرئيس فى امريكا لا يبقى على كرسيه الى ان يموت او يعزل من منصبه.  منصب "رئيس سابق" شائع فى امريكا، ويوجد حاليا خمسة رؤساء سابقين.  الرئيس يعرف انه محدود المدة وانه عليه ان يسلمها لمن يختاره الشعب محله.  الرئيس الحالى يدعو الرئيس المنتخب الى البيت الابيض لتسليمه السلطة وليعرفه بالمكان الذى سيعيش فيه خلال الاربعة سنوات القادمة.  والرئيس القديم يضع نفسه تحت طلب الرئيس الجديد ليتصل به اذا كانت لديه استفسارات.  وفى بعض الحالات الحرجة المصيرية يتم عقد مؤتمر مع جميع الرؤساء السابقين الذين على قيد الحياة لمعرفة رأيهم.
        
7- عدم الانتقام من الخصوم
        فى الديمقراطية الأمريكية لا يستغل الفائز السلطة التى اصبحت فى يده لتصفية حساباته مع خصومه خلال الحملة الانتخابية.  التقاليد الامريكية تطالب الفائز ان ينسى خلافاته  وينسى ارتباطاته الحزبية ويعتبر نفسه رئيسا للجميع سواء من انتخبوه او من انتخبوا منافسه.
 
        ليس من شك ان عظمة هذا البلد هى من عظمة ديمقراطيته.  والديمقراطية ممارسة يتعلمها ويعيشها المواطن فى البيت وفى المدرسة منذ فترة الحضانة ثم يطبقها بعد ذلك فى كل مراحل حياته.  وهى ليست مجرد صندوق الانتخابات ولكنها طريقة حياة.  كما هى ليست مجموعة اجراءات عقيمة يتمنى الانسان الخروج عنها كلما استطاع، ولكنها قيم تصبح جزءا من حياة الانسان ولا يطيق الخروج منها..
Mounir.bishay@sbcglobal.net