العنف ضد المرأة وتجديد الخطاب الدينى
مقالات مختارة | أحمد عبد الظاهر
الاثنين ٢٨ نوفمبر ٢٠١٦
فى 25 نوفمبر من كل عام، يحتفل المجتمع الدولى باليوم العالمى للقضاء على العنف ضد المرأة. كذلك، ولمناهضة هذه الظاهرة البغيضة، أطلقت الأمم المتحدة حملة عالمية تمتد 16 يوماً، تبدأ من 25 نوفمبر (اليوم العالمى لمناهضة العنف ضد المرأة) وحتى 10 ديسمبر (اليوم العالمى لحقوق الإنسان).
والواقع أن العنف يعتبر من الظواهر التى تعانى منها المرأة فى كل دول العالم، إلا أنها تختلف من مجتمع إلى آخر، بحسب المفاهيم والمعتقدات والتقاليد السائدة ومستوى الوعى المجتمعى ودرجة عدالة القيم الاجتماعية. وفيما يتعلق بالمجتمعات الإسلامية، لا يمارى أحد فى أن الشريعة الإسلامية تكرم المرأة وتمنحها جميع حقوقها، ويكفى للتدليل على ذلك أن إكرام المرأة واتقاء الله فيها من خواتيم وصايا النبى صلى الله عليه وسلم حيث قال: «استوصوا بالنساء خيراً». ومع ذلك، ثمة بعض الأفكار التى ينسبها البعض إلى الشرع الإسلامى، ويمكن أن تشكل أساساً دينياً للعنف ضد المرأة. فعلى سبيل المثال، وإذا كان المشرع المصرى قد عمد مؤخراً إلى تجريم ختان الإناث وتشديد العقوبة على هذه الجريمة، فإن هذا التجريم لن يحقق أغراضه ما لم يقترن بخطاب دينى تجديدى يعمل على استئصال المعتقدات الزائفة بأن الختان سنة نبوية ويحمل المنافع المتعددة للمرأة. ولعل هذه الثقافة المجتمعية هى التى تقف وراء ندرة الأحكام القضائية الصادرة بشأن جريمة ختان الإناث وضعف الأثر الرادع لها. فعلى الرغم من أن تجريم ختان الإناث يعود إلى العام 2008م، ورغم انتشار هذه الجريمة بشكل واسع فى المناطق الريفية، فإن أول حكم قضائى بإدانة مرتكبى هذه الجريمة قد تأخر صدوره حتى العام 2015م، حيث أصدرت محكمة استئناف المنصورة حكمها بسجن طبيب سنتين وثلاثة أشهر، بعد عملية ختان أدت إلى وفاة فتاة. وكانت محكمة جنح أجا قد قضت ببراءة المتهم بعد أن قدم والد الفتاة تنازلاً رسمياً عن شكواه ضد الطبيب. أما الحكم الثانى، فقد صدر من محكمة جنوب القاهرة، حيث قضت بتغريم والد الفتاة 1000 جنيه فقط. ولعل ما يستوجب الإشارة إليه أن صدر المادة 242 مكرراً من قانون العقوبات، والخاصة بتجريم ختان الإناث، ينص على «مراعاة حكم المادة (61) من قانون العقوبات». وبقراءة هذه المادة، يلاحظ أنها تتعلق بحالة الضرورة، ولا ندرى ما هو وجه الربط بين جريمة ختان الإناث وبين حالة الضرورة. وغنى عن البيان أن حالة الضرورة سبب عام للإباحة، ولا تقتصر على طائفة محددة من الجرائم، ومن ثم فإن الإشارة إلى هذا السبب فى خصوص جريمة ختان الإناث قد يؤدى إلى إفراغ النص من مضمونه.
ومن ناحية أخرى، تنص المادة (60) من قانون العقوبات على: «لا تسرى أحكام قانون العقوبات على كل فعل ارتكب بنية سليمة عملاً بحق مقرر بمقتضى الشريعة». وفى تطبيق هذه المادة، يلاحظ تردد القضاة بشأن حق الزوج فى تأديب زوجته. إذ إن بعض أحكام القضاء قديماً أنكرت حق التأديب، محتجة بعدم نص القانون صراحة عليه. خلافاً لذلك، أطلق بعض أحكام القضاء حق التأديب من كل قيد. ولكن، استقرت أحكام القضاء فى الوقت الحاضر على الاعتراف بهذا الحق، فى القيود التى تقررها الشريعة. فالضرب للتأديب مقيد بألا يكون شديداً ولا شائناً. وإذا تحقق الزوج أو ظن عدم إفادة الضرب، فلا يضرب، لأنه وسيلة لإصلاح الحال، والوسيلة لا تكون مشروعة عند ظن عدم ترتب المقصود عليها. ومؤدى ذلك أنه إذا لم يكن فعل الزوج فى هذه الحدود، كأن ترتب عليه أثر فى جسم الزوجة، ولو سحجات بسيطة، أو كان لغير التهذيب، فالزوج مسئول عنه جنائياً.
نقلا عن الوطن