اذبحوا الدكتورة «منى» أو اصلبوها..!
مقالات مختارة | عبدالعظيم درويش
السبت ٢٦ نوفمبر ٢٠١٦
بداية أعلم تماماً أن السطور التالية أشبه بـ«السباحة ضد التيار»، وأقر بأننى لم أشرُف بلقاء أى من أبطال «ضجة إعادة استخدام السرنجة مرتين» أو حتى محادثة أى منهم تليفونياً، ولذا فإننى لا أستهدف انتقاد أحد أو الدفاع عن آخر، ولكننى أحاول مناقشة «الأمر» بعقلانية دون انفعال أو إطلاق رصاصات العمالة على أحد.
وحتى كتابة هذه السطور لا أعلم ما إذا كانت «القضية» قد انتهت بانتهاء المبالغة فى الانفعال اللحظى، أو أن تداعياتها ومحاولة شيطنة الدكتورة منى مينا وكيل نقابة الأطباء، لا تزال تتوالى وتتضخم مثل كرة الثلج..!
عموماً فإن ما قالته حرفياً: «وصلتنى رسالة على موبايلى من أحد شباب الأطباء، يستغيث من تعليمات شفوية من إدارة المستشفى، لاستخدام نصف المستلزمات، المريض الذى يستخدم جهازين لتعليق محاليل خلال 24 ساعة، يستخدم جهازاً واحداً، المريض المحتاج سرنجتين، يستخدم سرنجة واحدة، لمرتين، والكلام هنا واضح أنه يعنى أن الاستخدام مرتين لنفس المريض وليس من مريض لآخر، ولكنه مرفوض بالطبع حتى لنفس المريض، وذلك لمخالفته قواعد مكافحة العدوى».
واضح تماماً من «كلام» الدكتورة «منى» أنها تعترف بخطورة ذلك ولكنها تتحدث عن نقص الأجهزة والمعدات الطبية بالمستشفيات العامة التى يشعر بها كل من يتردد عليها.. وعموماً فإننى لا أناقش ما إذا كانت الدكتورة «منى» قد تلقت بالفعل مثل هذه الرسالة أم لا.. ولكنها كشفت عن واقع يعانى منه معظم المرضى وبخاصة مرضى «الفشل الكلوى» الذين فوجئوا بتهديد مراكز «الغسيل الكلوى» بالامتناع عن تنظيم جلساته لهم بسبب عدم توافر المحاليل اللازمة، إضافة إلى غيرهم من المرضى الذين أصابهم الهلع بسبب اختفاء الأدوية التى يعالجون بها سواء فى المستشفيات أو الصيدليات وبخاصة تلك التى تتعلق بـ«القلب والسرطان» وغيرهما من الحالات الحرجة التى يعلمها الجميع دون وزارة الصحة التى تصدعنا -كل 6 ساعات مثل «الأنتى بيوتيك» سواء على لسان وزيرها أو المتحدث الرسمى باسمها- بتوافر هذه الأدوية بكثرة وهى هنا تشابه «المخبر» الذى يعلم جميع مَن فى الشارع الذى يسير فيه حقيقته عدا هو نفسه الذى لم يكتشف بعد أنه «مخبر»!!
وفيما يتعلق بالأصوات التى طالبت الدكتورة «مينا» بأنها كان لابد أن تخطر وزارة الصحة بهذه الواقعة بدلاً من «تفجير» الأمر تليفزيونياً، فإننى أضم صوتى إليها إذا كانت الوزارة ترد على «مكاتبات واتصالات النقابة» ولكنها لا تفعل وهو ما أكدته وكيلة النقابة أكثر من مرة.. ويبدو أن مسئولى الوزارة قد انضموا إلى «أهل الكهف»..!
على جانب مناقض لتأكيدات وزارة الصحة ومريديها بتوافر الأدوية والمعدات الطبية بجميع المستشفيات وبخاصة الجامعية منها، فاجأ الدكتور أشرف الشيحى وزير التعليم العالى الرأى العام بتصريح صحفى نشرته جريدة «الوطن» يوم الاثنين الماضى، بأن الوزارة بالتنسيق مع المجلس الأعلى للجامعات، سيقدمون مذكرة رسمية إلى مجلس الوزراء بنواقص الأدوية بالمستشفيات الجامعية، وذلك بعد أن قام «الأعلى للجامعات» بتشكيل لجنة عاجلة لوضع حل فورى لتوفير الأدوية الناقصة والمستلزمات الطبية، بسبب امتناع الشركات عن توريد الأدوية بسبب ارتفاع سعر الدولار.
وأضاف مصدر بالوزارة أن المقترحات التى سوف يتم إرسالها إلى مجلس الوزراء لحل أزمة نواقص الأدوية، تتضمن توفير المستلزمات الناقصة من وزارة الصحة أو التأمين الصحى أو إدراجها على بند نفقة الدولة، أو توفير «الدولار» للأدوية الأساسية المصرية أو المستوردة التى ليس لها بديل، موضحاً أنه سيتم إرسال المذكرة خلال أيام.. وهو هنا يؤكد كلام الدكتورة «منى» حول نقص الأدوية والمستلزمات الطبية!
ومنذ أن نطقت وكيل نقابة الأطباء وكشفت عن «المستور»، رغم أنه واضح للجميع، انهالت البلاغات على النائب العام تطالب بمحاكمتها بتهمة الإضرار بسمعة مصر الطبية بدرجة أمهل فيها رئيس جامعة القاهرة الدكتور جابر نصار نقابة الأطباء 48 ساعة لمحاسبتها «وإلا...» ولا أدرى لماذا انتفض الدكتور «نصار» ثائراً هذه المرة ولم يحرك ساكناً عندما انفجرت فضيحة اكتشاف 17 مريضاً بالفشل الكلوى إصابتهم بفيروس «سى» بسبب ماكينات الغسيل الكلوى بمستشفى قصر العينى، وهو تابع له باعتباره رئيساً لجامعة القاهرة؟.. ويبدو أن الدكتور نصار «عمل نفسه من بنها» وقتها!
أتصور أن تلك الضجة المفتعلة ضد الدكتورة «مينا» أشبه بالمثل الشعبى الدارج «.. تعالى فى الهايفة و..» فالقضية ليست «سرنجة» بل أحكام بالموت على المرضى لنقص الأدوية وأن من العدل أن يخضع كل من يحاول أن يخدع الرأى العام بتوافرها للمحاكمة العاجلة فهم الذين يسيئون بالفعل لسمعة مصر الطبية وليست هى.. فإن لم يحدث ذلك فلتذبحوا الدكتورة «منى» أو تصلبوها..!
نقلا عن الوطن