هل ضاعت الفرصة؟
مقالات مختارة | بقلم : د. عماد جاد
الاثنين ٢١ نوفمبر ٢٠١٦
نجح تحالف ٣٠ يونيو فى إسقاط حكم المرشد والجماعة. ورغم ما كان بالتحالف من زوائد التحقت به لحسابات سياسية، فقد كان الأمل يحدو القوى السياسية الرئيسية فى أن تبدأ مرحلة جديدة من بناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة تليق بمكانة مصر وتعوّض المصريين عن نضالهم الطويل، كان الأمل يحدونا فى بناء نموذج شراكة وطنية فى القلب منه قواتنا المسلحة، نموذج يبنى تجربة ديمقراطية وطنية وفق منهج التدرج، بمعنى أننا لم نكن نراهن على تحول ديمقراطى فورى ينقل مصر إلى مصاف الدول الديمقراطية الكاملة، لأن هذه الدول لم تتحول إلى الديمقراطية بين ليلة وضحاها، بل ناضلت شعوبها لفترات طويلة، بعضها قام بثورات دموية ودفع ثمناً باهظاً، وبعضها الآخر ناضل سنوات طوالاً وحقق التحول الديمقراطى بشكل تدريجى، وهناك من اعتمد على تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية أولاً، وترك نتائج هذه التنمية تفرض نفسها على من فى السلطة وتجبره على السير باتجاه التنمية السياسية أو الديمقراطية. وأعتقد أن النموذج الأخير من أصلح النماذج لمصر، فلا يمكن تحقيق الديمقراطية فى بلد تلامس فيه نسبة الفقراء نحو ٤٠٪ من مجموع سكانه، وتفوق نسبة الأمية ربع عدد السكان، وتستند الرؤية هنا على تحقيق التنمية الاقتصادية أولاً، وخفض معدلات الفقر بدرجة كبيرة، وتقليص معدلات الأمية أيضاً، الأمر الذى يعنى اتساع الطبقة الوسطى وهى المعنية بالتحول الديمقراطى، فهى الطبقة التى نالت قدراً معتبراً من التعليم العالى وحققت معدلات دخل معقولة تمكن أفرادها من العيش بمستوى حياة لائق، الاستثمار فى تعليم الأبناء وتوفير قدر من الدخل ادخاراً للمستقبل. هذه الطبقة عادة ما تطرق مجال تحقيق الذات معنوياً، بمعنى أنها تبحث عن احترام حقوقها وحرياتها ونمط حياتها، باختصار هى الطبقة التى تطلب الديمقراطية وتعمل على تحقيقها مهما كلفها ذلك، فبعد الإشباع المادى يأتى البحث عن الإشباع المعنوى.