بائعان سمك ومجتمعات الحكرة (الحقرة)
ملاك جاد
٥٠:
٠٩
ص +02:00 EET
الاثنين ٢١ نوفمبر ٢٠١٦
ملاك جاد
البائع الأول هو في غرب القارة الأفريقية في المملكة المغربية تحديداً ويدعي "محسن فكري" شاب عمره 30 عاما أمازيغي يعيل أسرة تتكون من 10 أفراد – أستوقفه أحد رجال الأمن المغاربة وهو يحمل قوت أسرته ,وفاجأه بالقاء سمكاته القليلة مصدر رزقه داخل شاحنة نفايات لأنه أشتراها من صياد ولم يكن لديه أثبات بأن هذا الصيد ليس عليه حذر للصيد - وعندما رأي هذا البائع المسكين سمكه الذي أنفق عليه مدخراته يتطاير في الهواء متجها نحو قلابة النفايات ألقي بنفسه وراء السمك داخل الشاحنة وظن الحاضرون أن رجل الأمن سيعطف عليه ويفرج له عن مصدر رزقه وما كان من ظابط الأمن ألا أن أصدر أمره بأعدامه بجملته الشهيرة التي لن ينساها المغاربة واجيالهم لسنوات عديدة قادمة "طحن مو" أي "أطحن .. أمه" فقضي الرجل مع سمكه مع النفايات أمام ذهول من شاهدوا الواقعة..
وقعت أحداث هذه الجريمة في أكتوبرالماضي وخلفت ورائها حالة من البركان والمظاهرات مازالت تؤرق ملك المغرب ..
وعبر المغاربة عن الجريمة بمصطلح " مجتمع الحكرة" أي عندما تحتقر السلطات وأصحاب النفوذ والطبقات المهيمنة الأقليات والبسطاء من الشعب وتطحنهم ظلما حتي تسرب هذا الأحتكار الي المجتمع المغربي بأكمله الذي أصبح في حالة أحتقار لبعضه البعض كما عبرت الصحف المغربية..
وننتقل الي شرق القارة الي القاهرة وبائع السمك الثاني وأسمه مجدي مكين الذي مات فرما أيضا داخل قسم شرطة (القسم يمثل حافلة نفايات أيضا بسبب ما حدث)..
كان مكين عائدا من عمله بعربته "الكارو" وعند كمين شرطة بمسطرد حدث أحتكاك عربته بعربة قسم الأميرية فكان نصيبه التنكيل به من جميع أفراد الكمين بأوامر رقيب الشرطة ثم أقتادوه الي القسم حتي قضوا عليه تماما بالأحذية والعصي حتي لقي حتفه حسب رواية أحد الشهود – وروي شاهد أخر أن رقيب الشرطة لم يعجبه أسلوب البائع المسكين الذي لا يجيد اللغة التي يعشقها بعض أفراد الشرطة: المديح والأبواق "يا باشا" "يا بيه" "سيادتك" "خدامين السيادة" "وخدامين الحكومة" وغيرها من الكلام الذي يحلو لهم أن يسمعوه..
والي الآن نلاحظ النقاط التالية في جريمة تعذيب مجدي مكين:
- الطب الشرعي نفي تعذيب مجدي مكين وأرجعوا مابه من تشوهات بسبب مرضه بالسكر؟!!
- نيابة الأميرية عاينت الجثة بنفسها وقالوا في تقريرهم المبدئي أن الجثة بها آثار تعذيب واضح - وصورا الجثة بتليفون محمول،ونفوا كل أقوال قيادات الداخلية التي حاولت إخفاء الحقيقة..
- شهادة الأطباء : إصابة المريض بالسكر لا يمكن أن تسبب هذا المنظر البشع الذي ظهرعلى جثته في الصور، حتى ولو مر وقت علي القتل (الوفاة حسب الداخلية)..
- الشهود والصور والفيديوهات تظهر علامات تعذيب واضحة علي كثير من معالم جسد مكين أذنه ,عينه,عموده الفقري,المنطقة الحساسة و المؤخرة..
تقول الداخلية أنا مجدي مكين ورفقائه أصحاب سوابق,, وحتي ولو صح هذا هل يتم تطبيق القانون علي أصحاب سوابق بتعذيبهم وقتلهم؟!!
حقائق:
- يأبي بعض أفراد الداخلية أن يتطهروا وكانهم كانوا ينتظرون ستارا ليعودوا الي سابق عهدهم قبل الثورات فجميع جرائمهم وتجاوزتهم مسجلة وسوف نوردها تفصيليا في سياق آخر..
- قال الحكيم "ان دققت الاحمق في هاون ... بمدق لا تبرح عنه حماقته ... " هذا للأسف حال بعض أفراد الداخلية الذين يصرون علي عدم التغيير وابقاء الوضع كما هو عليه بالسابق وللأسف الأنسان سريع النسيان هل كان يظن حبيب العادلي يوما بكل طغيانه وجبروته أنه سيقف كمذنب داخل قفص حديد, هل خطر علي فكر مبارك وأسرته ما حدث لهم ,هل فكر الديكتاتور صدام الذي كانت صوره في الجرائد ترعب شعبه أنه سيختبأ في أحدي الحفر, هل نجا أولاد صدام من جرائمهم وكذلك القذافي وغيرهم,, فالتاريخ يشهد أن من سلسلة أعمال أي ديكتاتور ظالم هو حفر قبره بنفسه ..
الله يجازي المستكبرين الظالمين الذين يسحقون البسطاء الذين يظنون أن الله لايري ولا يسمع (حاشا) مع أن الله عادل بل مطلق في عدله وسوف يرد عليهم اثمهم وكما زرعوا سيحصدوا ويرجع العدل الي القضاء كما بشرنا المرنم..
الدور الأنساني:
- أشعر بأنين من موقف النواب الأقباط الذين خذلونا الحادثة تلو الأخري وينطبق عليهم القول باعوا خاصتهم بغير مال وما ربحوا بثمنهم كان الأشرف لهم تقديم أستقالات جماعية من مجلس النواب مع أصرار وزير الداخلية عدم المثول للأستجواب بعد كل حادثة ضد الأقباط..
- لن تدوم لهم مقاعدهم ولن نغفر لهم توانيهم!!
- في حين أن نوابا من أصحاب الأنسانية ثاروا لما حدث لمكين!!
- أشعر بتهاون شديد من مجالس حقوق الأنسان الذين تم توجيههم لمهمة واحدة فقط دون غيرها هو أدراج جماعة معينة تحت بند المنظمات الأرهابية والذي حدث لمجدي مكين وغيره الكثيرون يفوق الأرهاب ذاته تعريفا وتفصيلا وكان ينبغي أن تفعلوا ذلك ولا تتركوا تلك..
- الكنيسة القبطية الواحدة الجامعة الرسولية (بجميع طوائفها) مجاملات في منتهي المبالغة للنظام الحالي "التدليل الذي يفسد" – وليحاللني جميع الأباء تذكروا أن "مبريء المذنب ومذنب البريء كلاهما مكرهة للرب"..
- أذا أصرت الداخلية في أنكار واقعة التعذيب ,,سنحث المحامين الأقباط بالمهجر لأنتداب لجنة تحقيق محايدة في الحادث حسب ما نصت عليه المواثيق الدولية..
مجتمع الحقرة:
كما وصفت صحافة المغرب حال بلدهم "بمجتمع الحقرة" لا يختلف الوضع عنه في مصر بل أصعب منهم - هذا الأحتقار من أصحاب النفوذ للبسطاء والغلابة .. أو عندما تحاول فئة معينة (أغلبية) فرض هيمنتها وسطوتها علي باقي الأقليات بقصد أو بدون عبر مجموعة من الممارسات الحياتية اليومية من تهميش وفرض معتقداتهم علي باقي الاقليات سواء عبر مكبرات الصوت أو الملصقات الدينية أو رفض الأخر المختلف واقصائه وغيرها من الأفعال (....) وينسون أو ويتناسوا من هم أصحاب البلد الأصليين (الناتيف) وباقي الفئات..
هل نتعلم
الظلم وسحق الفقير هو برميل برود- الغضب المكبوت الكامن هو مستصغر من الشرر اذا مس البارود سيؤدي الي أنفجار أنتفاضي يزلزل الأستقرار..
التعذيب جريمة لا تسقط بالتقادم