السجن
مقالات مختارة | فاطمة ناعوت
الاثنين ٢١ نوفمبر ٢٠١٦
يكرهونَ الشَّدوَ يا حبيبي
لهذا
يُصوّبون نِبالَهم
نحو جناحيَّ الأعزلين
حتى تُسقطَ حصواتُهم
ريشةً وحُلمًا
فلا أطيرُ
إلى حيثُ صوتِك
يُغنّى فوق الشجر:
تعاليْ يا حبيبتى.
سهِروا لياليَ
إثرَ ليالٍ
يجدلونَ قضبانَ الحديدِ
وتَرساناتِ رصاصٍ
ويفرشون الأرضَ الحزينةَ
بالخرسانة المسلحة
حتى يصنعوا سِجنًا مُحكمًا
يليقُ بجموحِ أفكارى التى تطيرُ
-رغمًا عنهم
ورغمًا عنّي-
فيما وراء الحُجُبِ
نحو السمواتِ العُلا.
ألمْ يخبرهم العارفونَ
أن خيطًا نحيلاً من الحريرِ
كان يكفي
ليربِطَ مِعصمي
ويكسرَ جَناحى؟
ألم يُخبرْهم ذوو المعرفة
أن حصوةً ضئيلةً
من أقواسِهم
تشُقُّ طريقَها
نحو قلبي
كانت تفى بما عزموا عليه عزمَهم؟!
ألم يُخبرهم العرّافون
أن العصافيرَ
لا تحتاجُ أكثرَ من عودِ قشٍّ نحيلٍ
لنحرِ أعناقِها؟ّ
لو كانوا يعلمون
لوفَّروا أطنانَ الحديدِ
وشكائرَ الأسمنتْ
من أجلِ الفقراءِ
يبنون لهم
منازلَ وأكواخًا
تحمى أجسادَ العرايا
من ويلاتِ الصقيع.
لكنهم يا حبيبي
يكرهونَ الموسيقى
لهذا
أغضبَهم همسى إليكْ:
أدركْني
يا بعيدَ الدارْ
هاتِ قيثارتَكْ
وغنِّ لي
أغنيةَ الفرح.
أيها السجّانون الغلاظُ
وفِّروا زنازينَ العتمة
لسافكى الدمِ
وسفاحى الأحلامْ
وخلّوا عنى كلبشاتِ الفولاذْ التي
أولى بها
لصوصُ العقولِ
وسارقو الأوطان.
لا تُشهِروا أمام وجهي
سيوفَكم
فلا حاجةَ لى بها لأُنحَر
أنا
تقتلُنى كلمةٌ
تخرجُ من فمٍ عبوسْ
لا يحبُّ النغَم.
أمهلونى برهةً
حتى ينتهى شهرُ الربيع
وعهدًا:
سآتى إليكمْ
طائعةً
عاصِبةً العينين
بورقةِ شجرٍ
رابطةً مِعصميَّ
بسعفةِ نخيلٍ خضراءَ
حاملةً فوق ظهري
مِخلاةً
تحملُ أفكارى التي
ستطيرُ من ثقوبِ الجدران الخرسانية
إلى حيث لا تطالُها أياديكم
ثم لا تسألوا عن قلبي
فقد أودعتُه قبل مجيئي
فى كفّ حبيبي
حتى يجعلَه ريشةً
يعزفُ بها على قيثارتِه.
نقلا عن المصري اليوم