الكنيسة ومجدى مكين
مقالات مختارة | عمرو هاشم ربيع
الاثنين ٢١ نوفمبر ٢٠١٦
لم تخرج الكنيسة من ممارسة العمل السياسى كى يدعى البعض أنها عادت إليه، وذلك بعدما صدر بيان كنسى عن وفاة مجدى مكين فى قسم شرطة الأميرية. الوفاة كغيرها من الوفيات التى تتهم الشرطة سواء بشكل فردى أو نظامى بالقيام بها- تأتى ضمن ثلة من انتهاكات، مرد عليها الأمن.
منذ سنوات، قيل إن جهاز الشرطة غير طائفى، وكما أن الحقوق أمام الجهاز العدلى تتوزع فى المحاكم دون تمييز، سعيًا لتطبيق القانون، فإن تجاوزات الأمن تقوم على المواطنة، لا فرق فى المهانة بين مسلم ومسيحى، الكل سواسية أمام عصا الانتهاك.
كان يظن أن الكنيسة تدرك ذلك، كما تدرك بالمقابل، أن كثيرين يأخذون حقوقهم الصاع صاعين لأنهم مسيحيون، أو خشية أن يحولوا قضيتهم لطائفية والطائفية منها بريئة.
لكن الحادث أنها تريد بأفعالها التمييز على الجانب الآخر، أو أن لسان حالها يقول سأدافع عن بنى جلدتى، أما الآخرون فللبيت رب يحميه، أى أن الأزهر يتولى مهمة انتهاك الشرطة لحقوق المسلم.
غدًا تصدر الكنيسة البيان تلو الآخر لاستبعاد بولس من بطاقة التموين، لأنه من المنتمين للطبقة العليا، أو للاحتجاج على نقل الموظف مينا إلى منطقة نائية لحاجة العمل إليه مع آخرين، أو إلى استبعاد جرجس من الترقى لكثرة تغيبه، أو لحرمان جورج من التعيين لبلوغه السن المقررة فى شروط الوظيفة.
الدولة بالتأكيد لا تلوم إلا نفسها، فى تأسيس دولة داخل دولة، فهذا ما زرعته فينا كمصريين، فميراث الاضطهاد للمسيحيين الذى بدأ ينحسر، جعلها تقبل بالتمييز على الجانب الآخر، وتخشى مجرد شكوى مدنية من مسيحى أن يحولها من تلقاء نفسه لشكوى دينية.
على الباغى تدور الدوائر طالما احتجت اليوم لمؤسسة ما ولبت احتياجك لدعمك أمام الداخل والخارج، فلا تلومن تلك المؤسسة على احتجاجها على سلوكك المدان حتى لو كان من وازع المواطنة لا الطائفية (حادث مكين).
الدولة تستبعد، بشكل عام، الأحزاب السياسية كوسيلة لنقل السلطة والتعبير عن مصالح الانتماءات السياسية المختلفة، نقلت كل ذلك للمؤسسات الاجتماعية. قانون الانتخاب ومن بعده البرلمان، ما زالت الدولة تفتخر بأن لديها فى مؤسستها التشريعية عدد س مسيحى، وعدد ص مرأة وعدد ع شاب... إلخ. حولت كل السياسة إلى شأن اجتماعى، جاء الدور لتدفع ثمن موت السياسة بموت الأحزاب.
المفترض فى أى نظام سياسى متمدين أن تنأى الدولة عن الاستعانة بالمؤسسات الدينية فى العمل السياسى.
فتح الباب أمام تلك المؤسسات لممارسة الدعم والتأييد خاصة فى حالة ضمور الشرعية، سيفضى لتحول المجتمع للطائفية. وحتى المؤسسات الدينية نفسها يجب أن تدرك ذلك، فنار الدولة يمكن أن تمس ثيابها، وقد وجدنا لعبة السادات ومبارك مع الكنيسة عن ماذا أسفرت.
الأزهر هو الآخر فى مرمى تلك النيران، بل إنه مُعرض لها بشكل أكبر بسبب إبداء الرأى فى كل كبيرة وصغيرة فى الأمور الحياتية. قد نرى موقفا كنسيا سديدا بشأن بناء الكنائس، وهو أمر محمود وواجب لتدخل الكنيسة لمواجهة غبن دينى، أما الوقوف عند كل شاردة وواردة لمطالبة النظام بتسديد فواتير قديمة، فهو أمر يتحمله الجانبان.
نقلا عن المصري اليوم