كتب: رجائي تادرس
بعد أن قضي العام الماضي بالآمه وأحزانه وبالمماطلة في القصاص لشهداء نجع حمادي.. وفي مطلع العام الجديد بعد نصف ساعة من ولادته جاءت هدية العيد لأقباط العالم أجمع بمجزرة من العيار الثقيل أدت إلى استشهاد ٢٢ شهيداً وأكثر من ٨٠ مصاباً بإصابات خطيرة.
إذا كانت أصابع القاعدة هي وراء المجزرة في كنيسة القديسين بالإسكندرية فبالتالي كانت أظافر الإرهابيين المصريين هي التي نخرت أجساد المسيحيين الأقباط الذين قاموا بتنفيذ العملية الجبانة، أما الأيادي العليا التي سمحت بهذه الجريمة النكراء فهي نظام مصر الحاكم والمجتمع المصري جميعهم مشتركون في ارتكاب جميع الجرائم الطائفية ضد الأقباط¡
ولا أعتقد أن ما يقوم به الإعلام المصري من مسرحيات هزيلة هزلية الهادفة لتعتيم وتسطيح قضايا الأقباط في مصر لن تأت إلا بالنار على الأقباط فقط بل ستضر مصر والمصريين وتأكل الأخضر واليابس ناهيك عن تصريحات المسؤولين والمثقفين الذين يتحدثون عن أشياء لقد سمعتوها العديد من المرات وخاصة بعد حادث نجع حمادي على الفور والنتيجة لا شئ صفر.
إن هؤلاء الناس مشتركون في جميع الجرائم ضد الأقباط وضد مصر كوطن فكيف تعتقدون أن مذبحة كنيسة القديسين جريمة إرهابية ضد مصر وليست ضد الأقباط فقط؟.. وأنتم لا تعتبرون أن الأقباط مواطنون من الدرجة الأولى وأن الأقباط مضطهدون على جميع مستويات المعيشة في مصر والآن ما حدث يطلق عليه المسؤولون أنه إرهاب خارجي ضد مصر...
عندما حدثت مجزرة نجع حمادي وتنازل المجتمع والنظام كله عن حق هؤلاء الشهداء بعدم المطالبة بالقصاص من المحرضين الإرهابيين على هذه الجريمة والمماطلة بالحكم فكانت تلك تُعد كإشارة ضوء أخضر لإرتكاب مجزرة العمرانية بيد الأمن، هذا بالإضافة لمأساة الإسكندرية والباقية تأتي!!. إن اللطمة الكبري هي أنه بعد الحادث بأكثر من أسبوعين لم يحدد الأمن حتى الآن من هو المسؤول عن الحادث أو من هؤلاء الإرهابيين الذين قاموا بتنفيذ العملية؟!! ويستخدمون جميع الطرق للوصول للجاني مثل التعذيب حتى الموت للسلفي سيد بلال وهو أيضاً شهيد الغدر... والطريف في الأحداث الدامية خروج بعض الأصوات الشبه مثقفة لكي تتهم أقباط المهجر بتنفيذ هذه العملية النكراء لإثارة الفتنة الطائفية في مصر.. يذكرني هذا الحادث بمقال في جريدة الأهرام بعد حادث الاغتيال الطائفي لأصحاب محل الصياغة في الزيتون القاهرة بأن منفذ هذا الاغتيال أقباط المهجر لإثارة الفتنة الطائفية في مصر، التاريخ يعيد نفسه في مصر بسرعة البرق فهل بعد هذا تنتظرون التغيير للأفضل من هذا النظام الحاكم؟.. من يساوي بين الجناة والضحايا دائماً ويعمل على طمس هوية الجريمة بالتصالح العرفي الإجباري فهو مجرم ومشارك في الجرائم النكراء.
إن النظام الحاكم في مصر هو السبب الرئيسي وراء إشعال الفتن والتضحية بالأقباط من أجل استقراره في الحكم، ما حدث بالإسكندرية يعتبر بداية للإبادة الجماعية للأقباط في مصر، بعدما سمح النظام الحاكم بالتحريض العلني في وسائل الإعلام وبخروج المظاهرات ضد الأقباط والكنيسة بل وحراستها، لقد حصلوا على الضوء الأخضر بإبادة الأقباط جسدياً ومعنوياً، وتنحدر مصر الآن في المنحنى الخطر من الطائفية فهذه ليست حوادث طائفية فحسب بل تطهير عرقي للأقلية بسبب الدين.
قضايا الأقباط في مصر ونحن نعيش في الألفية الثالثة تفاقمت بسبب عدم العدالة، وعدم المساواة، والتفرقة، والتمييز الذي يؤدي إلى الاضطهاد الجماعي والفردي.. ولماذا؟!! لأنهم يؤمنون بدين غير دين الأغلبية، ان حل القضية في مصر بإعتماد وتعميم ثقافة الاختلاف وتعددية المجتمع والاعتراف بالآخر، وبعد ذلك يأتي كل شيء.
صحوة المارد القبطي
تحية خالصة إلى أقباط مصر بعد هذه الجريمة النكراء بصحوتهم الجبارة وخروجهم إلى الشارع لكي يعبرون على غضبهم واستيائهم من كل ما حولهم ثقوا جيداً أن الشارع هو الطريق الوحيد لأخذ الحقوق.