الأقباط متحدون - الانفصال عن الوطن
  • ٠٧:٢٣
  • الجمعة , ١٨ نوفمبر ٢٠١٦
English version

الانفصال عن الوطن

مقالات مختارة | د. عماد جاد

٢٠: ٠٧ م +02:00 EET

الجمعة ١٨ نوفمبر ٢٠١٦

د. عماد جاد
د. عماد جاد

عبر عبدالرحمن يوسف، نجل القيادى الإخوانى، يوسف القرضاوى عن حزنه لفوز مصر على غانا فى التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم، وشدد فى مقابلة مع قناة «الجزيرة» القطرية أنه كان يتمنى هزيمة مصر فى هذه المباراة، وأنه لا يزال يتمنى عدم صعود مصر إلى نهائيات كأس العالم، ولم يتوقف أمام ملاحظة المذيع بأنه بهذا الموقف إنما يصدم المصريين الذين فرحوا بفوز فريق بلدهم، وقال إن النظام يستخدم كرة القدم لإلهاء الشعب عن القضايا الحقيقية. فى نفس الوقت، كتب عشرات الشباب والشابات أعضاء وعضوات الجماعة على مواقع تواصل الاجتماعى يعبرون عن حزنهم لفوز مصر وأنهم كانوا يتمنون فوز غانا، ومنهم من ذهب إلى القول بأن الشعب «بيفرح فى الاتجاه الغلط»، ويقصد أن الشعب غير محق بالاحتفال للفوز على غانا، وكان عليه الحزن واختزان الفرحة إلى حين هزيمة فريقه القومى (أى اختزان الفرحة إلى حين هزيمة الوطن). السؤال هنا: هل ما عبر عنه ابن القرضاوى وعشرات من شباب الجماعة يمثل أمراً غريباً، أم هو نتاج طبيعى لفكر الآباء المؤسسين للجماعة، وتكرار مشاهد تاريخية عبرت فيها قيادات تاريخية للجماعة عن شماتتها فى عثرات الوطن ونكساته؟

الحقيقة أن الجماعة تأسست منذ البداية على الانفصال التام عن الوطن وفق المفهوم المتعارف عليه للأوطان، فالجماعة تدرس لأنصارها أن الرابطة الوحيدة بينهم وبين غيرهم من البشر هى رابطة الدين، وتحديداً الطائفة، وعلى نحو أكثر تحديداً ودقة عضوية الجماعة أى الانتماء لجماعة الإخوان، وقد جعلوا عضوية الجماعة أشبه بدين جديد خاص بهم على النحو الذى عبر عنه أحد قيادات الجماعة الذى دعا الله أن «يميته على الإخوان». ووفق هذه الرؤية وتلك التنشئة لا يحفظ الإخوانى للوطن قيمة تذكر بل تعلم أن لا قيمة للوطن مقابل رابطة الدين، الطائفة وعضوية الجماعة، قرأ فى كتب قيادات الجماعة أمثال سيد قطب أن الوطن ما هو إلا حفنة من التراب العفن، ومن ثم فلا قيمة للوطن ولا معنى للرابطة الوطنية، ووفق هذه التعاليم جرى الانفصال التام عن الوطن، بل وتناقل أحاديث داخلية لا تحفظ أى قيمة ولا تكن أى احترام للوطن ومؤسساته، ومن ثم تجد الإخوانى ومعه السلفى أيضاً لا يحترم رموز البلاد من علم ونشيد، وتجدهم لا يقفون احتراماً للنشيد الوطنى، كما أبطلوا تحية العلم فى المدارس التابعة لهم، وقد أظهروا ذلك ومارسوه علناً إبان مرحلة التمكين، وقد شهدنا ذلك فى مجلس الشعب الذى انتخب نهايات عام ٢٠١١، حيث الخروج على القسم ورفض الوقوف للنشيد الوطنى وغيرها من التصرفات التى تظهر عدم احترام الوطن ورموزه.

هذا النمط من الفكر والطريقة فى التنشئة القائمة على كراهية الوطن ورموزه هى التى جعلت قيادات الجماعة تشعر بالسعادة الغامرة لهزيمة مصر العسكرية فى حرب يونيو ١٩٦٧، وهى التى دفعتهم لصلاة شكر لله على هزيمة الوطن وجيشه، فعلوا ذلك وتفاخروا به وسجلوه فى مذكراتهم، وهو نفس الفكر الذى وقف وراء شماتة قيادات الجماعة وكوادرها فى أى مصيبة يتعرض لها الوطن أو أزمة يمر بها، بل لديهم الاستعداد للاستقواء على الوطن بأى أجنبى يشاركهم كراهية الوطن، لا ننسى سجودهم شكراً لله فى اعتصام رابعة عندما سمعوا أن سفناً حربية أمريكية تقترب من السواحل المصرية، ولا ننسى إشادة القرضاوى بحلف شمال الأطلنطى ودوره فى تدمير دول عربية، مثل ليبيا.

باختصار جماعة الإخوان، جماعة عنصرية فاشية لا تؤمن بوطن ولا مواطنة ولا مكان للقيم الإنسانية فى نفوسهم وفكرهم، ولا طائل من وراء محاولات استرضائهم ولا إمكانية لاستيعابهم، فهم جماعة عنصرية مغلقة لا تؤمن بوطن ولا رابطة وطنية، ومستعدون للعمل مع كل من يساعدهم فى تحقيق حلم الهيمنة والسيطرة، ومن ثم فلا مجال للحديث عن مصالحة أو إعادة إدماج، لأنهم ببساطة لا يريدون ذلك، فقد انفصلوا عن الوطن فى اللحظة التى أسسوا فيها الجماعة، وكل من انضم إليهم لاحقاً أعلن انفصاله عن الوطن.
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع