الأقباط متحدون - مجدى.. سائق الكارو
  • ٠٥:٢٢
  • الجمعة , ١٨ نوفمبر ٢٠١٦
English version

مجدى.. سائق الكارو

مقالات مختارة | محمود خليل

٤٨: ٠٩ ص +02:00 EET

الجمعة ١٨ نوفمبر ٢٠١٦

 محمود خليل
محمود خليل

ليست الأولى ولن تكون الأخيرة.. أتحدث عن واقعة قتل المواطن مجدى خليل مكين على يد عدد من الأمناء وأحد ضباط قسم الأميرية، كما تؤكد زوجته وأقاربه وعدد من شهود عيان الواقعة، فى حين قال مسئول بالداخلية إن المواطن توفى نتيجة هبوط فى الدورة الدموية بعد القبض عليه واثنين آخرين بتهمة حيازة 2000 قرص ترامادول. «مجدى» من هؤلاء المصريين البسطاء الذين ألهب سوط الغلاء ظهورهم، ومرر معيشتهم، ورغم ذلك يصبرون، عشماً فى غد أفضل، وأملاً فى انصلاح الحال فى المستقبل. شغلته «سائق عربة كارو»، يستخدمها فى نقل البضائع وخلافه لمن يريد مقابل جنيهات محدودة يحصل عليها بهدة الحيل طول اليوم. يحكى أهله وعدد من شهود العيان أنه كان يسير بعربته ويمارس عمله كالعادة فحدث أن حكّت «الكارو» فى ميكروباص تابع لقسم المطرية فكانت القارعة، إذ تكاثر عليه مجموعة من الأمناء وأخذوا يركلونه بلا رحمة، وهو يصرخ لهم أنه لم يكن يقصد، تاهت صرخاته وسط الركلات، خلعوا ملابسه وسحلوه على الأرض، ثم اتصلوا بضابط همام من ضباط القسم، لاستكمال حفلة التنكيل والتعذيب، بمواطن لا حول له ولا قوة، فكانت النتيجة أن صعدت روحه إلى السماء شاكية لبارئها ظلم البشر وفرط قسوتهم. القصة ليست جديدة، وإنكار الداخلية للأمر واتهامها لـ«مجدى» بحيازة مخدرات يذكرنا ببيانات قديمة لها فى حوادث مشابهة!



كتبت عدة مرات خلال الأعوام الثلاثة السابقة عن مواطنين لقوا مصرعهم برصاص شرطيين، وفى كل مرة أقول لك إنها ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، فعندما تغيب المساءلة ويتوارى العقاب، لا بد لأى واقعة مشينة أن تتكرر، فمن أمن العقاب أساء الأدب. ودعنى أزيدك هذه المرة وأقول إن وضع حوادث القتل الشرطى التى شهدتها مصر خلال الأعوام الماضية إلى جوار بعضها البعض يعنى ببساطة أننا أمام عمل «مرْضى عنه»، فلو كان هناك غضب حقيقى منه ورفض جاد له لما تكرر بهذه الصورة، ولما بلغ هذا القدر من البشاعة، نحن أمام عمل «مرْضى عنه» لأن هناك من يريد أن يغرس الخوف فى قلوب المصريين، ويكرسه ويؤكده، ويبدو أنه جزء من السعى الحثيث لاستعادة هيبة الشرطة التى تراجعت أيام ثورة يناير، من خلال «إرهاب الشعب». المواطن مجدى خليل -كما أكد بعض شهود العيان فى تقارير صحفية- قُتل سحلاً وركلاً فى الشارع، كان ثمة تعمد لإهداره أمام الناس، حتى يستوعب الجميع الدرس. وهذا التوجه خطر لو تعلمون عظيم.



على هامش مقتل أحد المواطنين برصاص أمين شرطة، قبل عدة أشهر، كان هناك حديث عن إجراء تعديلات لقانون الشرطة، بحيث يتم تأمين المواطنين من ساعة غضب أى فرد أو ضابط يريد الاستئساد عليهم، وتمت الموافقة على هذه التعديلات أغسطس الماضى. اشتملت التعديلات على كلام «زى العسل» عن واجبات رجل الشرطة فى حفظ الكرامة الإنسانية وحماية الحقوق والحريات وفقاً للدستور والقانون، وضمان الحقوق الدستورية والقانونية ومعايير حقوق الإنسان فى التعامل مع المتهمين والمشتبه فى تورطهم بارتكاب جرائم. كله كلام فى كلام، ويصدق عليها المثل الذى يقول «القوانين توضع فى مصر كى يتم الخروج عنها»، أو الحكمة التى تقول: القانون سيف على رقاب الضعفاء.. وعسل وطحينة بالنسبة للأقوياء!

نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع