إعلام التضليل و فقدان المهنية
جاكلين جرجس
الخميس ١٧ نوفمبر ٢٠١٦
ݘاكلين جرجس
ما بين إعلام زمن نكسة 5 يونيو 1967والإعلام المصاحب لمعركة السادس من أكتوبر 1973 من اختلاف جوهري في الشكل والمضمون وسبل الأداء والإدارة ، ما يؤكد على دور الإعلام في صياغة منظومة داعمة للتقدم حتى لو كان من نوعية الإعلام الموجه في الحالتين ، وفي ظل نظم لم تتعامل مع الأخت " ديمقراطية " ولا تستخدم أي آلية من ألياتها لدعم كافة الحريات الإنسانية ...
وجميعنا يتذكر منظومة الأداء الإعلامي الخاطئة إبان نكسة يونيو التي اعتمدت نهج التهويل الكاذب المخادع على حساب المسئولية الوطنية إلى حد فقدان الجماهير الثقة في بيانات السلطات حول المعارك الأولى بحرب الاستنزاف رغم صدقها وروعة وبطولة قواتنا المسلحة حتى جاءت شهادات العدو قبل الشهادات العالمية المشيدة بانتصاراتنا الرائعة فيها.
وفي المقابل كان التخطيط العبقري لإدارة منظومة الخداع الإستراتيجي المضلل للعدو بل لكل الدنيا عند الإعداد لمعركة السادس من أكتوبر 1973 ، والتي لعب فيها الإعلام المصري الدور الأهم وبأداء غاية في الدقة والانضباط في التنفيذ والمتابعة لكل الخطوات الموضوعية والمنهجية التي وضعها خبراء وفق رؤية وطنية علمية ..
ومن منا لا يتذكر إعلام السنوات الأخيرة في زمن الرئيس مبارك ، وبشكل فاق كل تصور في التضليل والكذب الرذيل والإعلام الموجه الجاهل الكريه ، والذي تبناه قطاع الأخبار في التليفزيون المصري بقيادة عبد اللطيف المناوى ونائبه عندما تم توجيه كاميرات القطاع على كوبري أكتوبر أثناء التظاهرات الينايرية في ميدان التحرير ليضلل الرأي العام برسالة مفادها أن لاشئ يحدث في ميدان التحرير ، بل والأبشع اتصال قطاع الأخبار بكل المحافظين ليقولوا " كله تمام وليس بمحافظاتنا أي تظاهرات " بينما كانت البلد كلها تتعرض لغضبة جماهيرية شاملة !!!
لاشك ، أنه ينبغي التأكيد على أهمية احترام مبادئ الإعلام ودوره الحقيقي فى نقل صورة صادقة عن ما يحدث في الواقع ونقل الأخبار بصورة دقيقة ونقل التحليلات الموضوعية للأخبار ووجهات النظر . وكما نحلم جميعاً بوجود إعلام واعى يوجه جمهوره للحقائق ومتغيرات الأمور التى تحدث على أرض الوطن ، هناك أيضا إعلام كاذب مضلل وأنواعه كثيرة ومتعددة وله وسائله المعتمدة فى كل الدول التى تسعى للكذب على شعوبها لإنهاء الحراك الاصلاحى بها .
ومن بين وسائل الإعلام الكاذب و المضلل ، تبني صياغة تهول من أمر الأحداث عبر إرسال وبث رسائل إعلامية تجعل من المعارضين أو المهمشين أو أصحاب المظالم أشراراً ينبغي مواجهتهم لإنهاء خطر وجودهم ، مثلما حدث فى " كارثة ماسبيرو " الدموية ، حينما خرجت مذيعة التليفزيون المصرى الجاهلة بكل أصول الإعلام المهنية لتحشد وتحرض الشعب ضد الأقباط الذين يقاتلون جنود الجيش المصرى في تهويل وتضليل لمشهد الحدث البشع ، فقالت " يمكن أكثر من ثلاثة شهداء و 20 مصاب كلهم من جنود الجيش المصرى وبأيد من .. ليس بيد الإسرائيليين أو بأيد عدو . ولكن بأيد فئة من أبناء الوطن .هذا الجيش الذى يُضرب الأن ،هذا الجيش هو الذى حمىَ الثورة ورفض أن تطلق رصاصة واحدة على أى من أبناء الشعب المصرى لنجد اليوم .أن هناك من يطلق الرصاص على أبناء الجيش " ... فكادت أن تحول بتصريحاتها الكاذبة الأمر إلى حرب أهلية !!
وأرى في هذا المقام أهمية ماطرجه الكاتب الصحفي الكبير مكرم محمد أحمد في كلمته لمؤتمر شباب شرم الشيخ حول أهمية دور الإعلام المهني ، قال " هناك خلط شديد حدث، وتاهت القضية، القضية ليست وسائل الاتصال الجماعي أو الصحف اليومية، فالصحافة مهمتها أن تنقل الرأي والمعلومة والخبر، والقضية هي المصداقية والصدق، الصحافة المصرية بخير ورغم المشكلات المتراكمة عليها فهي أحسن الصحافات العربية وفي الشرق الأوسط، ولا يوجد صحافة قادرة على التحاور مع رئيسه إلا في مصر، وهى ليست منحه من أحد، فالصحفيين خاضو تاريخ من العذاب والتضحيات والصحفيين القو بهم في السجون، الحرية ليست الفوضى ولكنها مسؤلية ، فنحن عالم فقير يحتاج الى الجهد يحتاج الى التوحد الوطنى وان نكون واحد في الشدائد ، التنوع مطلوب وضرورة وهذا لايعنى تفكيك المجتمع ، لدينا إشكالية في غياب الحرفية. وتابع مكرم، يجب أن نعود بالمهنة إلى ما كنا عليه، الصحفى ليس زعيما سياسيًا والصحفى ليس محرضًا، ويجب أن تكون لديه جرأة النشر، منوهًا إلى أن القنوات الخاصة يحكمها أصحابها وتفتقر إلى ميثاق الشرف، أما الصحفيين لديهم ميثاق شرف، ولكن ما نراه في القنوات أصبح يفوق الوصف، يجب ان تسارع الدولة في انشاء نقابة اعلاميين وميثاق شرف اعلامى ، لايجوز حبس صحفى شاب وترك هذه المساحات الشاسعة بدون ضوابط أخلاقية وبدون قانون ،أطالب السيد الرئيس سرعة اصدار القوانين المشرفة على اللجنة القومية للصحافة والاعلام ، ثم يصدر قانون الإعلام، قانون الإعلام الموحد لن يحل المشكلات "…