أنا غلبـــــان ..!!

نبيل المقدس
         علي سيرة إلقاء الرعب والخوف من قبل أعداء الوطن في وجوه الشعب و الحكومة والرئيس نتيجة تحريك أوتعويم الدولار مما يسبب في رفع الأسعار والخدمات .. أنه سيترتب علي ذلك قيام الشعب المصري بثورة , أطلق عليها الذين يرفضون الإصلاح , والذين تعودوا الأكل والشرب والكساء علي " النوتة ", والذين يعيشون نهارهم ولياليهم علي القهاوي والتسكع في الشوارع بثورة الغلابة .. و هناك أخرون أطلقوا عليها ثورة الجياع .. وكم من مجهودات "فنكوشية" قام بها أعداء التقدم والوطن من خلال الميديا إظهار الشعب المصري أمام العالم أنه يحيا حياة المغلوب علي أمره , حتي أنه وصل إلي حياة الجوع والعطش والعُري.. مما حطوا من كرامة الشعب المصري بين الأمم , وكأن المصري الغلبان مادد يداه يستجدي ,و ينتظر إلي مَنْ يقوم له بتظاهرات لكي يأخذوا حقوقهم , وبشبعون , و يرتوون , ويكتسون.

       تذكرت مسرحية عادل إمام ألذي كان يردد فيها أمام وكيل النيابة في مسرحية شاهد ماشفش حاجة " كلمة أنا غلبان " .. "أنا غلبان" . ليس من الشرط ان يكون الغلبان هو هذا الشخص الذي يحيا حياة ما تحت خط الفقر .. لكن ربما يكون هذا الشخص ميسورا و يعيش العيشة الرغدة ذو شخصية ضعيفة من السهل تطويعها فنُطلق عليه رجل غلبان , أو يكون من هؤلاء الذين يشعرون بالتلذذ بعرض قفاهم للملطشة .. هنا نستطيع أن نطلق عليه شخص غلبان .. أو ربما يكون شخصا أدمن شيئا ما وأصبح عبدا لها فهو في هذه الحالة يُعتبر غلبان لأنه وقع تحت تأثير هذا الشيء ولا يستطيع أن يعيش من دونه مثل الإدمان وماشابه ذلك من ملذات الحياة التي يرفضها الرب والمجتمع الواعي .

     في كل تجمع من الناس كان غنيا أو فقيرا ..  في مدرسة أو جامعة ,  في عمل أو بيت .. تجد فيه الغلبان .. حتي صبيان الورش بأنواعها تجدهم غلابة , ليس لفقرهم , بل لإذلالهم وإجهادهم في العمل حتي يصل هذا الصبي الغلبان أسطي قد الدنيا يستقل بنفسه . 

    ملعون كل من يصف اي شخص مصري بأنه غلبان .. ملعون من يحض الشعب المصري القيام بثورة تحت إسم ثورة الغلابة .. الشعب المصري هم أبناء وأحفاد الفراعنة , الذين بهروا وما يزالوا يبهرون العالم بحضارتهم وبثقافتهم وبعلومهم ... الشعب المصري هو من أكثر الشعوب عمقا في التاريخ , و العامل الأساسي في تغيير العالم من حالة إلي حالة . مصر لم تكن أبدا مغلوبة علي أمرها .. بل هي في مركز إهتمام العالم كله , والكل شاءوا أو لم يشاءوا في محل تقدير وإحترام ..!

   اما ثورة الجياع .. فعلينا ان نتعرف وندرك أولا حدود هذه الكلمة بالقياس بمدي أمكانيات مصر .. فهي في حد ذاتها غير فقيرة .. بل مملوءة في داخل باطنها ثروات  لا تُحصي .. لكن  هناك أسباب سياسية وإقتصادية , فرضت نفسها علي إنخفاض مستوي المعيشة بنسبة ليست قليلة من الشعب , فمن  الناحية السياسية نجد أن التوزيع الجغرافي لبعض المحافظات قد يؤثر على مستوى المعيشة بالنسبة لأفرادها , وذلك بسبب قلة إمكانية إستغلال الموارد المتاحة لأفرادها .. وبالتالي يؤثر على مستوى معيشة الفرد .. ولعلاج هذه الظاهرة هو التحلي بالعلم والعمل الشاق ودراسة كيفية إيجاد  أحدث الأمكانيات لإستغلال هذه الموارد الطبيعية ..

    لاننسي أن بعد ثورتين تغلغل الإرهاب في جسد مصر كنوع من الإنتقام ومحاولة إسترداد مصر لإسقاطها في مستنقع التقسيم والدمار . فالإرهاب أثّر على النشاط الاقتصادي وعلى الموارد الموجودة  , والحصار الذي فُرض علي مصر من قبل الدول التي لها مصلحة مع الإرهاب ,عملت علي توقف أي نشاط تجاري أو سياحي أو أي إستثمار داخلي أو خارجي ، وبالتالي لا يجد أفراد المجتمع أمامهم إلا الموارد القليلة المتاحة لهم , وبالتالي وصلوا إلى مرحلة عدم الإكتفاء اليومي . كما ان نتيجة لبعض السياسات الخاطئة والتي مارسها أغلب رجال الحكومات السابقة أدت إلي نشر الفساد , مما تسبب  إلى إمتلاك بعض من أفراد الحكومة , وبعض من رجال الدولة الكبار والصغار ذوى النفوس الضعيفة  ثروات طائلة من قوت الشعب مما أدي إلي الفقر لكثير من أفراد مصر .

     أما الفقر نتيجة الأزمات الإقتصادية تتركز في عدم إستغلال الموارد التي تساعد على رفع المستوى الاقتصادي لمصر . كما لا ننكر أن السياسات الاقتصادية التي تم فرضها علي مصر عبر الحكومات السابقة التي كانت غير متوائمة في وقتها مع الإقتصاد المصري مثل الجات والعولمة والخصخصة والتمويل الاقتصادي أزادت من إنتشار عدم الإكتفاء اليومي . كما أن الحكومات السابقة أهملت في عدم إستغلال الموارد الطبيعية الموجودة  مثل البترول،والزراعة، والأنهار , وبالتالي يكون إستهلاك الأفراد  أكثر من الإنتاج . كذلك لم تتوجه الحكومات السابقة إلي الاهتمام بإنشاء أنشطة جديدة داخل المجتمع مما يزيد  من دخل المجتمع وأفراده. أيضا عدم الإهتمام بتكوين علاقات جيدة مع العالم الخارجي للمجتمع لتبادل الأنشطة التجارية بين المجتمعات وبعضها البعض.

   علي الحكومة الحالية يجب أن تتجنب أخطاء الحكومات السابقة .. وفعلا بدأت الآن في تنفيذ عملية تصحيح المسار الإقتصادي .. لم تتيع الحلول النمطية , بل وضعت أكثر الطرق صعوبة في إسترداد صحة الإقتصاد مرة أخري . كما ننادي أن تحقق الحكومة مبدأ التكافل الإجتماعي , فعليها السرعة في تخفيض علي الأقل 20 % من مرتبات كبار المسئولين , ونواب الأمة , وعليها أن تستغني عن المستشارين المنتشرين في دولاب الحكومة بلا فائدة .. وانا أنذر وأحذر أن عملية هذا الإصلاح الإقتصادي سوف يكون غير مُجدي إن لم يشارك الشعب وخصوصا الشباب في هذا العمل .. أمامكم يا شباب مصر رسالة عظيمة ومسئولية جبارة في رفع رأس مصر .. كل ما عليكم أن تقبلوا علي العمل , وتتركوا الجلوس علي المقاهي , وان تساهموا في دعوة تنشيط الترشيد بين الشعب ..!!

      الإصلاح الذي يجتازه الإقتصاد المصري , عبارة عن دواء مُر علينا أن نتجرعه لكي نعيد إقتصادنا مرة أخري , ولا يتجرأ أحد أن يتفوه بكلمة سيئة علي هذا الشعب العريق ويصفه بالشعب الغلبان  ... حاشــــــــا .. !!