الأقباط متحدون - نحو رشدية عربية (18) ماذا حدث بعد عام 1996؟
  • ١٣:١٧
  • الاثنين , ١٤ نوفمبر ٢٠١٦
English version

نحو رشدية عربية (18) ماذا حدث بعد عام 1996؟

مقالات مختارة | مراد وهبة

٤٠: ٠٩ ص +02:00 EET

الاثنين ١٤ نوفمبر ٢٠١٦

مراد وهبة
مراد وهبة

فى عام 1997 أخرج يوسف شاهين فيلماً عن ابن رشد بعنوان «المصير». وكان قبل ذلك قد أرسل خطاباً إلى رئاسة مؤتمر «ابن رشد والتنوير» الذى انعقد فى عام 1996 يعتذر فيه عن عدم الحضور، ويُعلمها بأنه قرر إخراج الفيلم المذكور. وقد تُرجم سيناريو الفيلم إلى الفرنسية فى عام 1997.

وفى فبراير 1998 أقام معهد ثرفانتس بدمشق والمعهد الكاتالانى لثقافة البحر المتوسط، بالتعاون مع كلية الآداب بجامعة دمشق والسفارة الإسبانية والسفارة الموريتانية ندوة «ابن رشد الدولية». ولم يكن عقد هذه الندوة مجرد مناسبة، إنما لبيان الأهمية التاريخية لابن رشد باعتبار أنه يشَكل ذروة التطور الفلسفى والعلمى الذى بدأ قبل عصر الخليفة عبدالرحمن الثالث الناصر بالله بمائتى عام. وقد شاركه فى ذروة ذلك التطور ابن باجة وابن طفيل. ابن باجة مات مسموماً فى عام 1138 ولم يكن يأنس إلى عصره ولا إلى بيئته، إذ كان على الضد من ملاك الحقيقة المطلقة الذين يزعمون أنهم يمتلكونها بنور يقذفه الله فى العقل، فقد طالب الإنسان بأن يتولى تعليم نفسه بنفسه. وابن طفيل مات فى عام 1185 ومشهور بقصته المسماة «حى بن يقظان» وفيها ينبه إلى أن العامة لا قدرة لها على إدراك الحقيقة مجردة، وأن محمداً (عليه السلام) قد أصاب، إذ أبان للعامة الحقيقة وذلك بضرب الأمثلة الحسية. يبقى بعد ذلك ابن رشد وهو يشترك مع الاثنين الآخرين- ابن باجة وابن طفيل- فى الصفات الآتية، وهى أن الثلاثة أطباء وعلى علاقة بالسلطة، ويهتمون بالعلوم وبالأخص علم الفلك، وأنهم جميعاً فى رعاية الدولة الموحدية وعلى الأخص فى عهد الخليفة أبى يعقوب يوسف. وقد تأسست هذه الدولة بعد انهيار الدولة المرابطة التى كانت قد رفضت العلوم اليونانية، خاصة الفلسفة وعلم الفلك، فأهملت كلا من الثقافة والعلم.

وفى العام نفسه، عام 1998، صدرت ثلاثة كتب فى أوروبا عن ابن رشد. فقد أصدر المستشرق الفرنسى روجيه أرنالديز كتاباً عنوانه «ابن رشد.. عقلانى فى الإسلام». وعلى غلاف الكتاب صورة الممثل نور الشريف على هيئة ابن رشد. والكتاب يدور على نقد ابن رشد لحجج علماء الكلام فى حدود أن هذا النقد لا يعنى نفى الوحى لأن الغاية من ذلك النقد هو تحرير المسلمين من سلطان الفقهاء وهو سلطان لا يعتمد على البرهان. وينتهى الكتاب إلى القول بأن ابن رشد فيلسوف مؤمن بالله على طريقة التصوف القرآنى. والقارئ لا يعرف بعد ذلك شيئا عن العلاقة بين التزام ابن رشد بالطريقة الصوفية وما حدث له من اتهامه بالكفر وحرق مؤلفاته. والكتاب الثانى ترجمة المستشرق الفرنسى ألان دى ليبيرا لكتاب توما الأكوينى عدو ابن رشد وعنوانه «ضد ابن رشد». وجاء فى مقدمة ترجمته عبارة توما الأكوينى الصارخة: إن ثمة خطأ غزا الجامعة الباريسية يلزم رفضه. ومَنْ هو صاحب هذا الخطأ؟ إنه ابن رشد، وتابعوه المسيحيون اللاتين الذين يتجاهلون مسيحيتهم ويحتقرون لغتهم اللاتينية. أما الكتاب الثالث فهو من تأليف المستشرق الإنجليزى أوليفر ليمان عنوانه «ابن رشد وفلسفته». الغاية منه بيان أسلوب ابن رشد فى كيفية التدليل على أهمية الفلسفة فى قدرتها على معرفة العالم، وعلى معرفة المبادئ الكامنة فى البنية الفلسفية. والغاية منه أيضاً بيان أن الفلسفة الإسلامية هى فلسفة بالمعنى الدقيق.

يبقى بعد ذلك فى نهاية المطاف بيان مكونات الرشدية العربية.
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع