الأقباط متحدون - الإخوان و«الغلابة»
  • ١٣:١٢
  • الاثنين , ١٤ نوفمبر ٢٠١٦
English version

الإخوان و«الغلابة»

مقالات مختارة | د. محمود خليل

٢٣: ٠٧ ص +02:00 EET

الاثنين ١٤ نوفمبر ٢٠١٦

د. محمود خليل
د. محمود خليل

أكثر ما استوقفنى فى المسيرات الهزيلة التى قادها عشرات من أعضاء جماعة الإخوان يوم الجمعة الماضى، مجموعة الهتافات والعلامات واليافطات والأغانى التى ترددت فى المسيرات. أصحاب الدعوة التى لم يستجب لها سوى عدد محدود من الإخوان أطلقوا عليها «ثورة الغلابة»، ورغم ذلك خرج الإخوان رافعين صور الرئيس المعزول محمد مرسى ولوحوا بأيديهم بعلامة رابعة، وانطلقت ألسنتهم بهتافات تقليدية سئمنا من كثرة سماعها عبر السنوات الماضية، ولم يخل المشهد من بث أغان بأصوات سورية تحفز على الثورة!. لم أسمع هتافاً واحداً يتحدث عن الغلابة وقطار الغلاء الذى دهسهم خلال الأشهر الأخيرة، لم أر يافطة واحدة فى يد واحد ممن شاهدت مسيراتهم على بعض الفيديوهات المتناثرة هنا وهناك تحتج على ما يعانيه قطاع «الغلابة» من المصريين. الإخوان ليسوا مشغولين بالغلابة، كذلك تؤكد تجربتهم التاريخية، وعلى هذا النحو يتحرك أفرادها فى الواقع المعيش. الغلابة بالنسبة للإخوان مجرد وقود يتم استخدامه عندما تحتاج ماكينة الوصول إلى السلطة ذلك.

يشهد التاريخ وتؤكد التجربة أن الإخوان جماعة رأسمالية حتى النخاع، ونظرتها إلى الغلابة لا تختلف كثيراً عن نظرة الكثير من الحكومات والأنظمة الرأسمالية إلى هذا القطاع. يذكر التاريخ أن جماعة الإخوان اعترضت على قانون الإصلاح الزراعى وتحديد الملكية لتمكين الفلاح المصرى الغلبان من حيازة الأرض. وكان للمستشار حسن الهضيبى -المرشد الثانى للجماعة- موقف معروف فى هذا السياق، تعاكس فيه مع توجهات الرئيس الراحل جمال عبدالناصر الذى تبنى القانون، حاول بعض الكتاب الإخوان أو المتأخونين ستر هذه الوصمة التاريخية الكبرى بالحديث عن مسألة «تفتيت الرقعة الزراعية»، وأن موقف الجماعة من القانون كان مرده الحيلولة دون ضرب المصدر الأهم للاقتصاد المصرى الذى تأسس حينذاك على تصدير الحاصلات الزراعية، وهو كلام يتناقض مع ما يمكن أن تجده فى كتب الإخوان التى تؤكد عدم وضع أى حدود على الملكية الفردية، مع التأكيد على ضرورة رعاية الغلابة من خلال آليات الزكاة والصدقات وغيرها.

لا بأس أن تكون تلك رؤية الإخوان. المشكلة فى المراوغة، وقلب الحقائق، ويظهر ذلك واضحاً فى أشكال الرعاية التى كانت تقوم بها الجماعة لصالح الغلابة من خلال المساعدات المادية والعينية والرعاية الطبية عبر المستوصفات الملحقة بالمساجد، أو تنظيم مجموعات تقوية مجانية لتلاميذ المدارس، وغير ذلك. المراوغة وقلب الحقائق يظهران فى هذا السياق فى المفارقة الواضحة بين مفهوم التوجه إلى الله بالزكاة والصدقات وأعمال الخير، واستغلال حاجة الغلابة من أجل تحقيق أهداف سياسية، تتمثل فى الدعم الشعبى، وحصد الأصوات فى الانتخابات، والدفع بهم فى أتون المظاهرات والاعتصامات وغير ذلك. الإخوان لا تعطى الغلبان لوجه الله بل لوجه الجماعة. ولكى أكون منصفاً، فإن معادلة الأداء القائمة على حماية مصالح أصحاب المال والرعاية المحسوبة لـ«الغلابة» لا تحكم تفكير الإخوان وحدهم، بل تحكم تفكير الجميع، وكأنها نبت ثقافة سائدة فى التربة المصرية، ليس بمقدور أحد الإفلات منها، لكن الفارق بين الإخوان وغيرهم أن الجماعة تزعم أنها تفعل ذلك من أجل أهداف سماوية، فى حين لا يدعى غيرها ذلك. والمثل المصرى يقول: «الكدب خيبة»..!.
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع