المُبَشَّرون بالعفو الرئاسى!
مقالات مختارة | حمدي رزق
الأحد ١٣ نوفمبر ٢٠١٦
أرجو مخلصا ألا تَنْجَرَّ لجنة الغزالى حرب إلى الهوة التى تحفرها بعض المنابر الإعلامية بتداول أسماء بعينها مستهدفة بقرارات العفو الرئاسية، وكأن مهمتها الإفراج عن هذه الأسماء التى يدور من حولها الجدل السياسى، أو أنها شُكلت لبحث مواقف هؤلاء، أو تختصر مهمتها فى العفو عن البعض وتتجاهل كثيرين!
وأخشى أن تسقط اللجنة من حالق، وتختصر مهمتها فى بحث مواقف هؤلاء تحديدا، وتنصرف عن آخرين مجهولين لا يعرفون طريقهم إلى هذه اللجنة، ليس لهم ظهير سياسى متحمس للإفراج عنهم، ويضغط إعلاميا على أعصاب اللجنة من أجل إطلاقهم، وقعوا من قعر القفة!
اختبار جد صعب، ونجاح أعمال اللجنة إعلاميا للأسف مرهون ومُعلَّق بإطلاق المشاهير، فإذا حدث أن تجاوزتهم أعمال اللجنة لأسباب قانونية أو تأجل بحث مواقفهم المعلقة إلى مرحلة لاحقة، حكموا عليها بالفشل، ووصموها بأنها لجنة «موالسة»، تخضع لإملاءات وتوافقات أمنية، وقرارها ليس من صميم أعمالها ولكنه ترجمة لمواقف السلطة من هؤلاء.
القوائم المنشورة، والأسماء المذكورة، واستباق أعمال اللجنة إعلاميا بإطلاق أسماء بعينها فى الفضاء الإلكترونى للأسف تُحرف اللجنة عن أعمالها، وميل بعض أعضاء هذه اللجنة لإطلاق التصريحات على مدار الساعة يُوَتِّر الأجواء من حولها، ويجلب عليها صداعا سياسيا لا يُحتمل، ويُشبع رغبات إعلامية نهمة فى كشف المستور من أعمال هذه اللجنة التى كان مستحباً صمتها تماما، وتوفُّرها وانكبابها على فحص الحالات التى ترد إليها تباعا، وتسعى هى حثيثا إلى الأسماء التى تعجز عن الوصول، وتعدم الوسيلة للتواصل من قعور السجون.
نعم هناك قوائم جاهزة لدى الأحزاب والمنظمات الحقوقية، أغلبها قوائم مُسَيَّسة، قوائم مشاهير، وإذا كانت أعمال اللجنة ستقتصر على هذه القوائم الجاهزة، فلا أمل فيها لسجين مجهول فى سجن بعيد لا يملك سوى الدعاء إلى الله أن يلهم أعضاء اللجنة الصواب وأن يفتح أعينهم ليروا مظلمته، التى لم تجد طريقها إلى الفضائيات والصفحات الإلكترونية.
يقينا تنقصنا معرفة القواعد التى استَنَّتْها هذه اللجنة لطلب العفو عن الشباب، وما القاعدة التى تنطلق منها إلى تصفية مواقف هؤلاء، القاعدة العادلة التى ننتظرها ولا نسمع عنها أن تكون عامة ومجردة، ليس مهما الأسماء المهم القاعدة التى يُقاس عليها طلب العفو الرئاسى، المعيار الذى يُطبق على الجميع، لا تهم هوية السجين أمام اللجنة، المهم القاعدة التى على أساسها يستحق العفو.
التصريحات الصادرة عن بعض أعضاء اللجنة للأسف تقدم ملفات البعض على البعض، وتميز بين المساجين على الهوية السياسية، وتقرر أولويات فى عملها دون أسباب مقنعة، وبعضها يغازل جماعات وأحزابا، ويتكسَّب سياسيا من عمل طوعى تَنَزَّل على رؤوسهم رئاسيا، فصاروا يتَبَضَّعون به فى الأسواق السياسية!!
حق مشاهير المساجين فى العفو مثل غيرهم حق مستحق، ولكن إذا اعتمدت اللجنة على الأسماء الشائعة فقط، ظلمت المجهولين غير المشهورين فى السجون، وإذا ارتكنت إلى مطالبات الأحزاب والقوى السياسية الزاعقة فى الساحة طلبا للعفو عن شبابها فلن تحصد إلا أسماء المُسَيَّسين من شباب المسجونين، وإذا قررت عملاً سياسياً فارقت العمل الحقوقى المطلوب.
أخشى على اللجنة من المزايدات السياسية، ومن تعسُّف النخب والقوى والأحزاب التى تطمع فى تشهيل أعمال اللجنة لصالح شبابها المسجونين قبل غيرهم، وستصيح على اللجنة إذا لم تقدمهم على غيرهم، أخشى أن تدخل اللجنة مدخلاً ضيقاً بين ما هو مستحق العفو قانونياً ومَن هو مبتز سياسياً، والمبتزون كثر.
نقلا عن المصري اليوم