هل غضبوا من عض القلب أم من عض الرغيف؟!
مقالات مختارة | خالد منتصر
الجمعة ٤ نوفمبر ٢٠١٦
قامت قيامة البعض من موظفى المؤسسة الدينية على د. سعد الدين هلالى، واجتمعوا على قلب رجل واحد ليضربوه بسيف التشهير والتجريس بعد حواره الأخير مع الإعلامى عمرو أديب عن الحجاب، أرغوا وأزبدوا وكالوا الشتائم ورفعوا أيديهم بالدعاء عليه وطالبوا الدولة بمنعه من الظهور فى الإعلام أو التدريس فى الأزهر، بل اشتط بعضهم وطالب بعدم خروجه من بيته أصلاً وننتظر أن يخرج أحدهم غداً لقيادة مظاهرة تمنعه من التنفس!!، فورة حماس وثورة غضب لم نشهدها منهم تجاه داعش التى تذبح وتحرق وتلعب بالجماجم الكرة!!،
يقولون إن الحماس والغضب والثورة هى حماية لحقوق الله، وغضبة من أجل الرب، يدعون أنهم يدافعون عن صحيح الدين ويذودون عن حياض الإسلام، لكن للأسف أنا وغيرى مش مصدقين الحركات دى قوى!، لم تعد تنطلى علينا تلك الألاعيب والتمثيليات من انتفاخ عروق وتهدج أصوات وحنفيات دموع وارتعاش حناجر، بصراحة ومن الآخر هم لا يدافعون عن الرب إنما يدافعون عن البزنس!، لسبب بسيط أنعش به ذاكرة بعضكم المخترقة ووعيكم المزيف وعقولكم التى عشش فيها عنكبوت الإلحاح والقولبة والكتالوج الوهابى، وهو أن الله لا يحتاج إلى دفاع، فهو، جل جلاله، الذى يدافع عنا، نلجأ إلى حماه، ولا يلجأ، حاشاه، إلى حمايتنا، لا تصدقوا أن هذا البعض عالى الصوت، متحشرجه، يدافع عن الدين أو الشريعة أو الإسلام.. إلخ،
إنهم يدافعون فقط عن المصلحة وعن إعارات الخليج وعن قصور الشيخ زايد والتجمع وعن الفور باى فور، وعن مكافآت رحلات العمرة والحج مع شركات السياحة وشيكات برامج الفضائيات وأرصدة مؤسسات الخير وريش نعام مؤتمرات السبع نجوم، إنهم يحمون مكاسبهم التى صارت بالمليارات من سمسرة الدين وافتتاح بوتيكات الفتاوى فى شارع شواربى الدعوة!، إنهم يدافعون فقط عن شهواتهم المتحرقة إلى زواج الأربع، وكنز الثروة وتشكيل حزب المؤلفة جيوبهم المنتفخة صراتهم، الكثيرة ريالاتهم! خلاص فينيتو، انتهى زمن التخدير الدينى والتنويم المغناطيسى تحت شعار نحن الذين نحتكر بضاعة الدين فقط فى مخازن مؤسساتنا الدعوية، نحن الذين نفهم ونمنحكم صكوك الغفران ونوزع عليكم قراريط الفردوس، اطمئنوا، فالوقت قد اقترب لإغلاق توكيلكم الوهابى لقطع غيار المعلوم بالضرورة، الذى معكم فقط مفتاحه ولا يراقبكم فيه جهاز حماية المستهلك!!، ماذا فعل د. سعد هلالى حتى ينال منكم أقذع الألفاظ وأحط الشتائم؟!، الرجل فقط عرض كل الآراء، عرض كل الأقمشة، لكى نختار ما نرتديه لا ما تفصلونه أنتم يا ترزية الفتاوى لنا من أردأ الثياب الفقهية، لم يخف مثلكم أو يخاف، الرجل لسه بيقول يا هادى فى أول خطوة يحتاجها تجديد الفكر الدينى، والتى ما زال أمامنا لإنجاز واستكمال طريقها آلاف الأميال وأطنان العرق وللأسف الدم، ما زالت أمامنا جسارة أن نحترم التغير وحركة الزمن،
ما زال أمامنا الاجتهاد بعيداً حتى عن آراء الأربعة أو الخمسة أو العشرة فقهاء القدامى طبقاً للمستجدات، ما زالت أمامنا مهمة إيقاظ مومياوات الفتاوى المحنطة من توابيت الكتب الصفراء، لكى ترتدى ثياباً جديدة وتتلبسها أرواح جديدة تسعى وتتفاعل وتغير وتضيف حداثة وحضارة إلى حياتنا لا جثثاً وأشلاء إلى مقابرنا!!، للأسف تغلب إحساسكم ورعبكم من ضياع السبوبة على إحساسكم الوطنى الذى كان يجب أن يدفعكم لإنقاذ عقل هذه الأمة من التخريب والغيبوبة، تملككم الرعب والفزع، لأن من يفند الآراء هذه المرة لا تستطيعون اتهامه بعدم التخصص، فهو متخرج من مؤسستكم وحاصل على أعلى الدرجات العلمية فيها، لن تستطيعوا هذه المرة اتهامه بأنه قاض غير متخصص مثلما اتهمتم سعيد العشماوى أو رجمه بأنه وافد على قدس أقداسكم، كما روجتم عن جمال البنا أو نفيه بتهمة التجاسر على المقدسات مثلما فعلتم مع نصر أبوزيد، بهت الذى بزنس وسمسر، أسمعكم تتهامسون، ها قد خرج من بين ظهرانينا من سيعرينا ويخرج ما دسسناه فى سندرة المسكوت عنه وأرشيف لا تجادل يا أخى، للأسف لن تنفع معه فزاعة لحوم العلماء مسمومة، فلحم سعد هلالى مثل لحمنا تماماً وعليه ختم المؤسسة الشرعى!!، من هنا كان الغيظ وكان الانفجار وكانت ردة الفعل الهستيرية، مبروك لك يا د.سعد خروجك من دائرة وانتماءات اللحوم المسمومة إلى دائرة الحرب ضد الأفكار المسمومة.
نقلا عن الوطن