الأقباط متحدون - الوحدة الوطنية نعم أم لا؟.. كتاب لإيقاظ العقل وتنشيط الضمير
أخر تحديث ٠٠:١٢ | الجمعة ٧ يناير ٢٠١١ | ٢٩ كيهك ١٧٢٧ ش | العدد ٢٢٦٩ السنة السادسة
إغلاق تصغير

الوحدة الوطنية نعم أم لا؟.. كتاب لإيقاظ العقل وتنشيط الضمير


قرأته لكم: ميرفت عياد
هل تريدون وحدة وطنية نعم أم لا؟ قد يبدو هذا السؤال غريبًا.. وقد يبدو مريبًا، لكنها الحقيقة المؤلمة، وإن شئنا الدقة لأسمايناها الحقيقة الفجة، وهي أن الكثيرين يرددون عبارة "الوحدة الوطنية" وكأنها واقع حتمي مفترض أو حتى مفروض، ناسين أن أي ثوب مهما كان متينًا يمكن أن يتمزق بأيدي من يزعمون أنهم دعاته أو حتى حرَّاسه..

الوحدة الوطنية ليست قولاً أو إدعاء مهما أقسم أصحاب القول والإدعاء أنهم مخلصون ومصممون وضامنون للوحدة الوطنية.. فالوحدة الوطنية تراث داسته أقدام كثيرة، بعضها عن عمد وبعضها عن جهل، وهي في حالنا الراهن فعل لازم لتغيير ما هو قائم، واستمر قائمًا حتى أصبح هو السائد والمألوف. لكن هذا الفعل يتغنى به الذين يتعين عليهم القيام به دون أن يفعلوا أي شئ لتحقيقه. فالتسامح الديني لا يبرز ولا يُسمع به إلا في خطب رنانة تدوي وقت وقوع الكارثة، حيث تكون القلوب قد أغلقها الغيظ والأسماع منصرفة إلى تلقي التعصب.

إلى ذلك المصري الذى يقف شامخًا على بوابة الوطن، ممسكًا بعصا مينا، ليصد عنها غارات التتار الجدد.. دعاة التفريق بسبب الدين. هذه الدعوة يطلقها د. "رفعت السعيد" في مقدمة كتابه "الوحدة الوطنية نعم أم لا؟ والذي يُعد مجموعة مجمَّعة من مقالاته التي كتبها من أجل السعي نحو ابتسامة حقيقية وصافية تجمع شمل المصريين جميعًا.

التمييز بسبب الدين
وأشار د. "رفعت السعيد" إلى أن هذا الكتاب ما هو إلا صيحة تستهدف إيقاظ العقل وتنشيط الضمير، وإحياء مصرية المصريين التي تخلى عنها الكثيرون بسبب انتشار قوى الظلام، وما ترسَّب في عقولهم من التعليم والإعلام ونعيق البوم المتعصب عن أجمل ما في مصريتهم، وهي الفهم السمح للدين والتدين، هذا الفهم الذي تجلَّى بين بطريرك الأقباط وشيوخ الأزهر خلال الثورة العرابية، ثم بين المسلمين والمسيحيين خلال ثورة 1919، واستمر على طول الزمان  ولا يبقى أمامنا الآن إلا أن نواصل ونتحدى السائد والمألوف؛ لأن السائد مزيَّف والمألوف غير صحيح؛ فندحض الفكر الظلامي، ونمزِّق الغشاوة عن أعين وعقول الكثيرين، وأن نتوحَّد ونعمل ونطالب بتغيير الممارسات الخاطئة، والتعليم غير المتوازن وغير المتعقل، والإعلام غير الذكي، والفضائيات المسمومة، وليس من هدف لكل ذلك سوى "مصر".. "مصر" التي تجعل الكاتب يواصل الكتابة من أجلها كلها بمسلميها وأقباطها. فالمجتمع الذي يقبل التمييز بسبب الدين، سيقبل بالقطع التمييز بسبب الاختلاف في الرأي أو الموقف أو الجنس.

الأقباط فتاوى وأحكام
ويعود الكاتب ليجدِّد الأحزان، ويذكر مشكلات الوحدة الوطنية؛ ليذكِّر الجميع بها؛ لأن ترك الأخطاء وتناسيها والانتظار حتى تشتعل النيران لنناقش الأخطاء والتجاوزات هو الخطأ بعينه، والخطر بعينه أيضًا. فعندما تلتهب النيران تلتهب معها المشاعر، ولا يكون للعقل والتعقل من سبيل. وهو هنا يستدعي فتاوى أحكام قديمة هي من الصحة والعقلانية والتزام صحيح الدين، بحيث تفرض علينا جميعًا، حكامًا ومحكومين، أن نغيِّر المفاهيم، والقرارات الدفينة، والممارسات المشينة. ويلزمنا بأن نفهم صحيح الدين وصحيح المواطنة. فيقول الإمام "القرافي" وهو أحد أئمة الإفتاء القدامى: "واجب المسلم الرفق بضعيف النصارى، وإطعام جائعهم، وإكساء عاريهم، ولين القول لهم على سبيل اللطف والرحمة، ونصيحتهم في جميع أمورهم، وحفظ غيبتهم، وصون أموالهم وأعراضهم وجميع حقوقهم ومصالحهم، وأن يعاون على رفع الظلم عنهم...". أما "إبراهيم باشا" بعد فتحه لبلاد الشام عام 1831، فيقول: "نأمر بإلغاء الضرائب المفروضة على الكنائس.. إذ يقيم في أديرة القدس وكنائسها رهبان ومتعبدون لقراءة الإنجيل وأداء الطقوس الدينية لمعتقداتهم. والعدل يقتضي أن تُعفى من كل الضرائب  التي فرضتها عليها السلطات المحلية بشكل تعسفي..."

"المسيح" و"باراباس" في "نجع حمادي"
"سالت دماء عزيزة لأخوة في الوطن في يوم عيدهم في "نجع حمادي"، وكأن القتلة ومن دفعوهم أو دفعوا لهم، أرادوا أن يحرموا الأقباط حتى من حق الفرح في عيدهم، وأن يحرموننا من فرحة أن نتواصل معهم، و نقول لهم: عيد سعيد".. هذا ما يذكره "السعيد" في كتابه، مستطردًا أن القاتل كما يقولون مجرم معتاد الإجرام ومسجَّل خطر! وهكذا سمحت أوضاعنا التي صنعناها بأيدينا بأن ينتصر القاتل المأجور ومحترف الإجرام على أرواح وحياة الأخوة المسيحيين، وكأن التاريخ يأبى في يوم ميلاد المسيح، إلا أن يعود إلى تذكيرنا بما كان بين المسيح والقاتل "باراباس"؛ حيث سالت دماء المسيح من جديد على يد "باراباس" عصرنا، والسبب هو شحنات البغضاء ورفض الاخر، وفقًا لصراخ كهان العصر الحديث الذين يصوِّرون للعامة أن كراهية الآخر هي جزء من الايمان، وأن اقتراف الجرائم ضده ستقود صاحبها إلى الجنة. ولكننا بتهاونا وسماحنا للجهلة والمغرضين في وسائل الإعلام، ومناهج التعليم، والممارسات الإدارية، أعطينا لـ"باراباس" الحق في أن يُسيل مرة أخرى دماء المسيح.

جذور الفتنة الطائفية.. الأسباب والحلول
ويعرض الكتاب لحوار قامت به جريدة "الوفد" يوم 14 فبراير 2010 مع الدكتور "رفعت السعيد"؛ للحديث حول الحادث الإجرامي الذي شهدته "نجع حمادي" ليلة عيد الميلاد، حتى لا يمر مرور الكرام. ولكنه، بكل ما تعنيه الكلمة، حادث صادم، ولحظة فارقة في تاريخ "مصر" ووحدتها الوطنية، كانت المجزرة و لا تزال تثير التساؤلات، وتدفع دائمًا إلى إمعان النظر في ذلك التاريخ الطويل من الكلام المعسول والأحضان الزائفة، والمصالحات الصورية. فاليوم يجب أن نتوقف في جدوى كل هذه المظاهر التي غرقنا فيها، ونحن لا ندري أن البركان يهدر تحت الماء، ويُنذر بكارثة حقيقية. ومن هنا حان وقت المصارحة؛ لأن حوادث صغيرة قد تحوَّلت إلى جرائم كبرى يتحدث عنها العالم. لذلك قامت جريدة "الوفد" بمحاورة شخصيات مصرية قبطية ومسلمة؛ للإدلاء بشهادة للتاريخ في قضية تحوَّلت إلى مصير وطن في مهب الريح.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter