المبادرة المصرية تطالب بالشفافية فى عمل لجنة توفيق أوضاع الكنائس
نادر شكري
الاربعاء ٢ نوفمبر ٢٠١٦
نادر شكرى
أصدرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية مؤخرا دراسة: "مغلق لدواعٍ أمنية” تناقش الدراسة الصعوبات التي تكتنف الحق في ممارسة الشعائر الدينية للمصريين الأقباط، والتي قصر القانون الجديد لبناء الكنائس عن فهمها، وحث الفاعلين الرئيسيين من أجهزة حكومية وأعضاء برلمان ومنظمات مجتمع مدني ومؤسسات دينية على الاضطلاع بمسئولياتهم في ضمان ألا يؤدي وضع القانون موضع التنفيذ لمزيد من التضييق على بناء الكنائس وصولًا إلى تعديل هذا التشريع المشوه في المدى المنظور في ضوء خلاصات ونتائج هذه الدراسة، خصوصاً أن بناء وترميم الكنائس أحد الأسباب الرئيسية ﻷحداث العنف الطائفي.
فقد أقرّ مجلس النواب في أغسطس الماضي القانون رقم 80 لسنة 2016 الخاص ببناء الكنائس تلبيةً للاستحقاق الدستوري المنصوص بالرغم من موجة الاعتراضات الشديدة من قطاع واسع من الأقباط ومنظمات المجتمع المدني. وقد أطلقت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية حملة بعنوان “مغلق لدواعٍ أمنية” أثناء مناقشة هذا القانون، حاولت من خلالها إلقاء الضوء على أهم العراقيل التي تعترض حق المواطنين المصريين الأقباط في ممارسة شعائرهم الدينية، والتي تظهر بشكل جليّ في التعقيدات الأمنية والإدارية التي تعترض بناء الكنائس. كذلك شددت المبادرة في حملتها على أن استمرار هذه العراقيل يعد من أهم مسببات العنف الطائفي.
وأكدت المبادرة على أن القانون لم يتجاوز شرعنة الأمر الواقع القائم على التمييز الصريح بين المواطنين المصريين من حيث الحق في ممارسة شعائرهم الدينية، عن طريق ترتيب شروط غاية في التعقيد لإقرار بناء كنائس جديدة، وإسناد مهمة تنظيم بناء دور العبادة عمليًا وبشكل شبه حصري للأجهزة الأمنية، فيما يعد وصفة جاهزة لإعادة إنتاج ظواهر العنف الطائفي مرة أخرى. أحداث العنف تلك، يتورط في ارتكابها قطاع واسع من المواطنين وأجهزة الدولة، وتجد لها سندًا قانونيًا، خصوصا لو كانت في منطقة عشوائية أو قرية بالريف المصري، فهي تحتاج إلى موافقات قد تستغرق عدة سنوات، وأحيانا بعد الحصول على الموافقات لا يستطيع المواطنون الراغبون في بناء الكنيسة أو افتتاحها تنفيذها نتيجة اعتراضات من الأهالي أو قيام أجهزة الأمن بنفسها بوقف التنفيذ.
وقال عمرو عبد الرحمن، مدير وحدة الحريات المدنية بالمبادرة، أن الدراسة استغرقت عام كامل بعد تشكيل مجلس النواب.وأشار عبد الرحمن أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة في 2011 وضع قانون موحد لبناء دور العبادة وهو ما قوبل بالرفض من مجمع البحوث الإسلامية في أكتوبر 2011 لاعتراضه على المساواة بين المساجد والكنائس في القانون، ليتم سحب القانون ونص لصيغة قانون بناء الكنائس.
وأكد عبد الرحمن، حملتنا بعنوان "مغلق لدواعٍ أمنية" لضمانة قانون يضمن الحق الأدنى من الحقوق المنصوص عليها دستوريًا وحقوقيًا، واستهدفت الحملة مخاطبة أعضاء مجلس النواب ومسئولي المجلس القومي لحقوق الإنسان والنخبة.
وواصل عبد الرحمن، أن الحملة أطلقت في النصف الثانى من العام الحالي بعد 6 أشهر من التجاهل التام من المسئولين لمخاطبتنا، ووجدنا قانون يصاغ خلف الأبواب المغلقة بين الكنائس فقط ومسئولي الحكومة، رغم أن المصريين مسلميهم ومسيحيهم شركاء في القانون خاصة وأن 74 توتر طائفي رصدناه ووثقناه كان بسبب الكنائس ومشاكلها خاصة فى قرى ونجوع مصر، واندلعت بسبب عدم وجود قانون مصري لبناء الكنائس.
وأضاف عبد الرحمن، أن المعايير في القانون غير واضحة ومخالفة للدستور وللمواثيق القانونية التي وقعت عليها مصر دوليًا.
واعتبر عبد الرحمن، أن الدراسة التي أطلقناها هي وثيقة نضعها بين يديّ القائمين على إنفاذ هذا القانون، خاصة ونحن نراه قانون يعيد انتاج المشاكل الطائفية، والتوصيات الخاصة بالقانون موجهه لأعضاء مجلس النواب والحقوقيين وقادة الفكر ورجال الإعلام.
وقال الباحث ومسئول برنامج حرية الدين والمعتقد بالمبادرة اسحق إبراهيم، نقول أن القانون المعيب لبناء الكنائس والذي يرسخ لتمييز، سيشمل مراقبة كاملة لعمل الحكومة وتطبيقها للقانون، وطريقة عمل لجنة توفيق أوضاع الكنائس، خاصة في مناطق التوترات الطائفية بصعيد مصر.
وأكد اسحق إبراهيم،على أن الدراسة مقسمة لاستعراض قوانين بناء الكنائس منذ زمن، وقسم خاص برصد التوترات والاعتداءات الطائفية التي شهدتها مصر منذ 2011 حتى أغسطس الماضي ولم يتضمن الرقم وهو 74 الكنائس التي تم الاعتداء عليها عقب فض اعتصامي رابعة والنهضة أو حالات الاعتداء على الكنائس في سياق اعتداءات طائفية خاصة بعلاقات عاطفية أو مشاجرات عادية أو شائعات ازدراء أديان، وقسم خاص بالتوصيات.
وذكر التقرير، أن 68 كنيسة بالقرى والنجوع شهدت اعتداءات طائفية، و6 آخرين في المدن، وجاءت محافظة المنيا في المركز الأول بإجمالي 42 % من إجمالي الأحداث بعدد 31 حادثة، تليها بني سويف وسوهاج والقليوبية وأسيوط، نظرًا للتواجد المسيحي الكبير في المنيا، ويمثل العنف بسبب ممارسة الشعائر الدينية نسبة 40 % من إجمالي العنف الطائفي في المنيا بسبب مشاكل خاصة ببناء وترميم الكنائس.
وأشار التقرير أن عام 2012 كان أكثر السنوات التي شهدت اعتداءات طائفية بواقع 18 حالة، يليها 2013 بـ حالة، و2014 بـ 13 حالة، وتوترات 11 و10 في عامي 2014 و2015.
وذكر التقرير أن فترة حكم الرئيس السابق عدلي منصور شهدت 7 حالات اعتداء، وفترة حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي 25 بمعدل حالة كل شهر، وحكم المجلس الأعلى للقوات المسلحة 21 حالة، وفترة الرئيس الأسبق مرسي 21 حالة لكن بمعدل 1.75 حالة كل شهر.
وأشار اسحق الى أن مواقف المؤسسات الرسمية بشأن الكنائس ترى أن المنع هو الحل، وينتهى الأمر بشروط مجحفة عبر جلسات عرفية على المواطنين الأقباط، والامتناع عن تنفيذ أحكام قضائية، وتعنت الجهات الأمنية في منح تراخيص الترميم والتوسيع، بجانب رفض مجتمعي من مواطنين بسبب رؤي دينية وفقهية ضد الكنائس.
وأوصت الدراسة المجتمع المدني بضرورة الضغط من أجل فرض الشفافية على عمل اللجنة الجديدة المكلفة ببحث أوضاع الكنائس القائمة وضمان مناقشة قراراتها، مع إجراء تعديلات جوهرية على القانون الجديد بما يضمن الحق في ممارسة الشعائر، وكذا نواب البرلمان بضرورة المبادرة بعمل تعديلات جوهرية على القانون الجديد، وأوصت الحكومة وممثلي الكنائس المصرية بضرورة عمل اللجنة المكلفة بدراسة أوضاع الكنائس القائمة بشفافية تامة وإعلان منهجية عملها وقراراتها تباعًا للرأي العام، لضمان حد أدني من الحوار المجتمعي.
تنقسم الدارسة إلى جزء تحليلي و ملحقين. يستعرض الجزء التحليلي التشريعات المنظمة لبناء الكنائس والأحكام الشهيرة الصادرة في هذا الصدد، وأثر ذلك على قانونية أوضاع الكنائس الحالية وأنواعها من حيث التراخيص الرسمية. ثم تتناول الدراسة بالتحليل أنماط التوترات والاعتداءات الطائفية المرتبطة بالحق في ممارسة الشعائر الدينية، كما تقدم الدراسة تحليلاً كميا حول التوترات والاعتداءات الطائفية التي شهدتها مصر منذ 25 يناير 2011 وحتى أغسطس الماضي، وعددها أربع وسبعين حالة، وقامت بسرد بؤر التوتر وأنماط الاعتداءات وعلاقتها باﻷحزاب أو القوى الحاكمة، وهل تغير خلال السنوات الأخيرة تبعًا لتغير نظام الحكم.وختامًا لهذا الجزء التحليلي نعيد نشر تعليق المبادرة على قانون بناء الكنائس الجديد والصادر في 31 أغسطس 2016.
ويضم الملحق الأول من الدراسة توثيقًا تفصيليًا لأحداث العنف الطائفي التي نشبت على خلفية الجدل بشأن بناء كنائس جديدة أو ترميم كنائس قائمة. أما الملحق الثاني فيقدم مجموعة تمثل الحد الأدنى من المعايير التي كان من الواجب توفرها في أي قانون لتنظيم بناء الكنائس، كما يستعرض هذا الملحق نماذج لتعامل عدد من الدول لموضوع بناء دور العبادة.
تضمنت الدراسة التي أطلقتها المبادرة المصرية عدة توصيات منها ضرورة استمرار ضغط المجتمع المدني من أجل فرض الشفافية التامة على عمل اللجنة الجديدة المكلفة ببحث أوضاع الكنائس القائمة وضمان مناقشة قراراتها ومنهجية عملها في وسائل الإعلام. واستمرار الضغط بهدف إدخال تعديلات جوهرية على القانون الجديد المنظم لبناء الكنائس انطلاقًا من أرضية المساواة التامة بين المصريين في الحق في ممارسة شعائرهم الدينية.
كما وجهت الدراسة توصية لنواب البرلمان بضرورة المبادرة بإدخال تعديلات جوهرية على القانون الجديد تسقط تمامًا مبدأ التصريح المسبق من قبل الجهات الإدارية بناءً على تقدير “حاجات المنطقة” و“عدد السكان”، وأن تقتصر الشروط المنظمة لبناء الكنائس على المتعارف عليه من شروط في قانون البناء المعمول به حاليًا.
وطالبت الحكومة وممثلي الكنائس المصرية بضرورة عمل اللجنة المكلفة بدراسة أوضاع الكنائس القائمة بشفافية تامة وإعلان منهجية عملها وقراراتها تباعًا للرأي العام لضمان حد أدنى من الحوار المجتمعي.