بقلم : شمعي أسعد

يبذل الجميع الآن مجهودًا ضائعًا في البحث عن المجرم الذي فجر قنبلة في وجه الخارجين من كنيستهم، بعد أن فرغوا منذ دقائق من الصلاة من أجل سلام العالم، وأقول لكل هؤلاء إنني لا أشارككم البحث، لأنني ببساطة أعرف الفاعل، وحتى لا تتسع دائرة البحث أكثر مما يجب سأكون موجزًا وأتهم من أراهم شاركوا أو ساهموا بشكل أو بآخر في أن تصل الأمور إلى حد استخدام القنابل مع الآخر المختلف.
 
أتهم كل من صدق أكذوبة الأسيرات المسلمات، وكل من روج أن في الكنائس أسلحة، وفي الأديرة سجون.
 
أتهم كل وهابي لأنه مجرم بطبعه، أقصد بفكره، أتهم الإخوان لأنهم يرون في الأفكار الوهابية أفكارًا صديقة، أتهم الفكر السلفي لأنه جعل من الشارع المصري "قاعدة" شعبية مهيئة لتلقي أفكار القاعدة الإجرامية.
 
أتهم كل إمام مسجد كان يدعو قائلاً "اللهم يتم أولادهم" وأتهم الذين رددوا وراءه دعواته كالببغاوات.
 
أتهم كل مسلم معتدل لأنه لم يكن شجاعًا بشكل كاف ليتصدى للأفكار الوهابية التي اخترقته.
 
أتهم كل من حول طاقة غضب وإحباطات الشارع العربي تجاهي أنا شريكه في الوطن، لمجرد أني هدف سهل ومتاح.
 
 أتهم البقال الذي نشتري منه اللبن والجبن والعيش الفينو، لأنه لم ينهر الرجل الذي دخل يداعبه قائلاً "أنت مكشر ليه أوعى تكون زعلان على النصارى اللي ماتوا".
 
أتهم الشاب الذي كان راكبًا مواصلة عامة ورد على تليفونه قائلاً "يا ابني دول حاولوا يدخلوا الجامع ويضربوه بالحجارة، لكن احنا عندنا عيال صيع صح ولعولهم في العربيات بتاعتهم وضربوهم.. يا ابني احنا هنربيهم زي ما ربناهم في العمرانية... أنا مش خايف منهم دول مرعوبين مني. دول مسيحيين يا ابني".
 
أتهم اللذين يريدون تمييع الجريمة مرددين أن الانفجار استهدف كنيسة ومسجد، متجاهلين أن دور المسجد هنا أنه كان موجودًا مصادفة أمام الكنيسة.
 
أتهم كل من جعل من حلم الدولة المدنية سيف على رقبة الأقباط، بحيث كلما غضبوا بعد كل فاجعة صاروا هم المتهمون بالطائفية.
 
أتهم كل من فكر أنه حينما يقتل الأبرياء يقدم خدمة  لربه متصورًا أنه يجلس في عرشه في انتظار كأس من الدم.
 
أتهم كل من ظل على مدار العام السابق للحادث يشوه صورة الأقباط، حتى يفقدهم بعض التعاطف الذي نالوه بعد حادث نجع حمادي وقد حدث.
 
أتهم حتى هؤلاء العلمانيين الذين ركبوا موجة كاميليا، وخدعونا وخدعوا أنفسهم حين رددوا أنهم يهتمون بكاميليا الإنسانة، ولم يدركوا حينها أنهم يدوسون بذلك على ملايين الأقباط الأبرياء، في ترديد أكاذيب كانت سببًا في خلق حالة عداء ضدهم. وأريد الآن أن أصرخ فى وجههم وأسألهم: أين أنتم من كل انسان قتل، وأين انسانيتكم المزعومة؟
 
أتهم كل من قام بجلد الضحية ولم يوجه لوم بسيط إلى الجاني.
 
أتهم الدولة التي فشلت في حمايتي بينما تأخذ مني كل مستحقاتها بلا رحمة، الأمر الذي يعد فسخًا للعقد الاجتماعي المبرم بيني وبينها.
 
أتهم الدولة بكل أجهزتها المخترقة من الفكر الوهابي.
 
أتهم حالة التراخي والتباطؤ في حسم قضية نجع حمادي، رغم وجود الجاني والشهود والأدلة، وقبلها قضايا كثيرة تم تبرئة الجاني ومعاقبة الضحية.
 
أتهم أسرة زميل ابني الصغير لأنهم جعلوه يقول لابني "مش هلعب معاك عشان انت مسيحي".
 
أتهم الجموع الغفيرة التي ثارت لأجل "مروة الشربيني" ولم يحرك أحد ساكنًا في حالة مماثلة للشاب كامل قلادة، الذي قتل في ألمانيا أيضًا على يد متعصب نازي بعد مروة بشهور قليلة، أتهم الازدواجية والقبلية التي لم تساو بين القتيلين، ولم تجعل الثورة والغضب لأجل مقتل مصري بغض النظر عن دينه.
 
يبحث الجميع عن مجرم خارجي في المكان "الآخر" والمجتمع "الآخر"، لأننا مازلنا بعد واهمون أننا شعب طيب لا يميل للعنف، وكل الذين يبحثون هم حسنوا النوايا بلا شك ولكنهم فقط يخطئون في "تكنيك البحث" لأنهم ببساطة يبحثون خارج ذواتهم.