كتب: هشام عواض
"أعرف أنك شاب موهوب بل نابغة ومع ذلك لا أريد لك الظلم الذي عانيت أنا شخصيًا منه، كلها ثلاثة أشهر تعمل بالآثار وتعد لدرجة الماجستير، واذا أردت العودة بعد ذلك للكلية سأعيدك لها، أنني أريد أن أمصر جو الآثار ولا أتركه للأجانب فقط، أنت أولي بحضارة بلدك". بهذه الكلمات قدم الأديب الكبير طه حسين، الصحفي النصيحة للأثري كمال الملاخ، عندما نشبت بين الملاخ وعميد كلية الفنون الجميلة المعين حديثًا قسم عمارة عام1944، والذي أوقف الملاخ عن العمل مدرسًا بدون سبب، والذي كان مدرسًا بالكلية وهاويًا للثقافة، بجانب شغفه الكبير بتاريخ وأثار بلاده، والذي بهذا المجال وبرع به وسجل اكتشافات هامة في الآثار باكتشافه مراكب الشعب وعمله كخبير أثري، والي كان يذكرنا يوميًا من خلال بابه المقروء بتاريخنا، فيقدم لنا المعلومة التاريخية البسيطة التي تتفق وقراء الصحف علي اختلاف مشاربهم، ويدفع فينا الاعتزاز بتاريخنا والإيمان بوطننا، كان الملاخ يجعل القراء يقرأون جريدة الأهرم من الخلف ثم يعودون إلي الصفحة الأولي، كما قال الدكتور طه حسين، وأعتقد أن بعض القراء يفعل هذا حتى الآن، وفي الأسطر التالية نبرز أهم 10 معلومات حول كمال الملاخ.
- في أكتوبر ولد وفيه أيضا رحل الفنان متعدد المواهب الكاتب والصحفي وعالم آثار والأديب كمال وليم يونان الملاخ في 25 أكتوبر 1918، وحل عن عالمنا في 24 أكتوبر 1987.
- نال الملاخ شهادة البكالوريا والتحق بكلية الفنون الجميلة قسم عمارة، ليشبع نهمه وحبه للرسم، وأقام معرضه الثاني بالقاهرة في قاعة جولدتبرج في شارع قصر النيل، وكان الملاخ أصغر من اشترك في هذا المعرض.
- تخرج الملاخ في الكلية عام 1943 وكان من أوائل الخريجين حتى إن الكلية عينته مدرسًا في قسم العمارة بها، وكان سعيدًا في عمله، الذي استمر فيه حتى جاء عميد جديد للكلية ومنع الملاخ من تنفيذ وتدريس جدوله، ويثور الملاخ ويعترض وتكون مشادة كبيرة مع العميد الجديد دون سبب، (كما أشرنا في السابق).
- في عام 1949 عندما كان الملاخ في بيته في الزمالك لمح بطاقة في صندوق البريد، وكانت من الدكتور إبراهيم عبده أستاذ الصحافة بجامعة القاهرة يطلب منه التوجه إلى جريدة الأهرام ومقابلة الكاتب الكبير أحمد الصاوي محمد، والذي عرض علي الملاخ العمل معه في جريدة الأهرام رسامًا ووافق الملاخ وبدأت رحلته الصحفية.
- تفرغ الملاخ للعمل الصحفي الذي عشقه واستخدم ثقافته ومعرفته، وعلاقات صداقته في خدمة القارئ وتقديم كل جديد له. وأسس باب من غير عنوان في الصفحة الأخيرة، وحتى الآن اسم الباب بخط يده، وكان يكتب العنوان الرئيسي في صفحته بيده ليعبر عن العلاقة الحميمية بينه وبين القارئ، كان أيضًا صاحب مدرسة في اختصار الأسماء مثل ك الملاخ و ت الحكيم.. وهكذا.
- في 25 مايو 1954 اكتشف الملاخ أهم الاكتشافات الفريدة من آثار الملك "خوفو" صاحب الهرم الأكبر هي مراكبه والتي ذاعت شهرتها على أنها "مراكب الشمس"، وتعرض الآن بمتحف ملحق بمنطقة أهرامات الجيزة، وموجود حتى الآن هو خمسة أماكن لمراكب، الشمس ثلاثة منها تقع إلى الشرق من الهرم الأكبر.
- لم يكتف الملاخ بكتابة بابه اليومي والعمل المؤقت في مجال الآثار، بل اهتم بإصدار الكتب، الثقافية والفنية التي تنشر نور المعرفة بين الناس، من كتبه: "أغاخان.. خمسون سنة من الفن.. حكايات صيف.. صالون من ورق.. قاهر الظلام، عن عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين.. بيكاسو المليونير الصعلوك.. الحكيم بخيلًا، عن توفيق الحكيم.. صقر الحرية, التيه, سويسرا.. حول الفن الحديث.. هؤلاء دخلوا التاريخ.. جمال السجيني.. وكتاب كنوز النيل" ومن كتبه المهمة كتاب ذهب توت عنخ آمون وقد فاز عام1979 بلقب الكتاب الأول المباع في أمريكا وصدرت منه ثلاث طبعات.
- في عام1977 أسس الملاخ جمعية كتاب ونقاد السينما من المتخصصين وهواة ونقاد هذا الفن العظيم، وظل رئيسًا لهذه الجمعية عدة سنوات، وكان من ثمار هذه الجمعية ميلاد مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الأول عام 1978 الذي حقق نجاحًا غير مسبوق وحشدًا من نجوم العالم ومصر.
وأيضًا أقام أول مهرجان سينمائي بالإسكندرية لدول حوض البحر المتوسط، واهتم بإقامة مهرجان للسينما الأفريقية بأسوان.
- فاز الملاخ بجائزة الدولة التشجيعية في أدب الرحلات عن كتابه: صالون من ورق، كما فاز بجائزة الدولة التقديرية في الفن عام 1984، وكانت هذه أول مرة تقريبًا يفوز شخص بجائزتين في الأدب والفن.
- لم يتزوج كمال الملاخ بل عاش راهبًا للفكر والثقافة والفن والتاريخ، مع حبه للعائلة والعزوة، عرف الملاخ معنى وقيمة العم وأنه هو الوالد أيضًا، أهتم بأبناء إخوته وأخواته وهم بالعشرات، كان يهتم بكل واحد فيهم، ودراسته ومشكلاته ومستقبله.