تناولت بعض الأقلام الكلام اللافت الذى قاله الأستاذ مكرم محمد أحمد فى حوار جمعه -مؤخراً- مع الإعلامية عزة مصطفى، فيما يتعلق بموضوع تيران وصنافير، ولست أجد غضاضة فى أن أناقش كلام الأستاذ «مكرم» من جديد، بسبب ما ينطوى عليه من خطورة. الكلام الخطير جاء فى سياق تساؤل طرحه نقيب الصحفيين الأسبق حول تأجيل شركة «أرامكو» السعودية إرسال البترول إلى مصر عدة مرات خلال الأشهر الأخيرة، قال فيه «لماذا نقبل هذا؟!». ذكر الأستاذ «مكرم» -بعد ذلك- أن السعوديين أصروا على إتمام إجراءات ما وصفه باسترداد جزيرتى تيران وصنافير قبل هبوط طائرة الملك سلمان خلال زيارته للقاهرة (أبريل الماضى)، رغم أن الإجراءات لم تكن قد انتهت بعد، لكن القاهرة أتمت الإجراءات إكراماً للملك سلمان، وأضاف النقيب الأسبق للصحفيين أن مصر لم تتأخر فى تسليم الجزيرتين، ولكن هناك إجراءات لا بد من الانتهاء منها، وهناك طرف ثالث فى القضية وهو إسرائيل، التى ستتسلم الإجراءات الأمنية التى كانت موكلة لمصر إزاء الجزيرتين.
الكلام -كما هو واضح- خطير، ويطرح العديد من الأسئلة؛ أولها سؤال حول الكيفية التى تدار بها موضوعات بالغة الحساسية، تتعلق بأرض وترسيم حدود؟. أستطيع أن أتفهم خصوصية العلاقات التى تربط بين مصر والمملكة، لكننى بحال لا أستطيع أن أتفهم أو أستوعب أن تدار مسألة تتعلق بأرض بمنطق «الخواطر والإكرام»، مع احترامى الكامل لمن تم شراء خاطره. الإكرام له وسائل أخرى غير ذلك، وثمة سؤال آخر ذو صلة بهذا السؤال يتعلق بما يمكن استنتاجه من كلام الأستاذ مكرم حول ضغوط من نوع ما مارستها المملكة على مصر، من أجل التعجيل باتفاقية ترسيم الحدود، بلغت حد التهديد بعدم إتمام زيارة الملك سلمان إلى القاهرة قبل الانتهاء من الاتفاقية، رغم أن المسئولين فى المملكة يعلمون مدى حساسية الموضوعات التى تتعلق بالأرض بالنسبة للمصريين، وكمّ الحرج الذى يمكن أن تضع صانع القرار المصرى فيه جراء هذه الضغوط. وقد أكدت الأحداث التى شهدتها الأيام الماضية أن المملكة لا تتوانى عن الضغط على مصر -حال الخلاف معها- بما تمتلكه من أوراق، وأبرزها ورقة البترول التى دفعت الأستاذ مكرم إلى الكلام الخطير الذى قاله.
السؤال الأهم يتعلق بمسألة تأمين الجزيرتين، وقد أشار الأستاذ مكرم -والعهدة عليه- إلى أن إسرائيل ستتولى تأمين الجزيرتين بعد تسليمهما للسعودية. والسؤال: فيمَ حاجة السعودية إلى الجزيرتين إذا كانت إسرائيل ستنهض بتأمينهما؟ وعلى فرض أن الجزيرتين سعوديتان.. أيهما خير للمملكة فيما يتعلق بمسألة التأمين: مصر أم إسرائيل؟. كلام الأستاذ مكرم عن تأمين إسرائيل للجزيرتين يعنى أن السبب الذى تذرع به المسئولون فى مصر من أن مصر كانت تؤمّن الجزيرتين بعد قيام دولة الكيان الصهيونى عام 1948 حتى لا تسقط فى يد المحتل لم يعد له أى معنى، لأن المملكة ما زالت غير قادرة على التأمين حتى الآن!. سؤال أخير أود طرحه: لقد احتج الكثير من المتمسكين بمصرية الجزيرتين بالدم المصرى الذى أريق دفاعاً عنهما على مدار 50 عاماً حتى لا تسقطان فى يد إسرائيل.. فهل من الممكن العبور على فكرة وضع الجزيرتين تحت الحماية الإسرائيلية هكذا ببساطة؟!.
نقلا عن الوطن