الأقباط متحدون - فى مثل هذا اليوم..حصار تيمورلنك لمدينة حلب
أخر تحديث ٢١:٤٢ | الخميس ٢٠ اكتوبر ٢٠١٦ | بابة ١٧٣٣ش ١٠ | العدد ٤٠٨٨ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

فى مثل هذا اليوم..حصار تيمورلنك لمدينة حلب

حصار تيمورلنك لمدينة حلب
حصار تيمورلنك لمدينة حلب

 فى مثل هذا اليوم 20 اكتوبر 1400م..

سامح جميل
زحف تيمورلنك بقواته الجرارة ووقف أمام مدينة حلب لمحاصرتها، حتى نجح في اقتحامها، وارتكب الفظائع والجرائم مع أهلها.
 
بدأ تيمورلنك حملته في 1399 م / 802 هـ بأن بعث جزءًا من جيشه إلى بغداد التي قامت بها ثورة على ظلم أحمد بن أويس فاضطر للهروب من المدينة وذهب باتجاه الشام، ثم قام باللجوء إلى السلطان بايزيد الصاعقة بعد أن رأى حالة التفكك في سلطنة الممماليك، وطلب تيمورلنك من بايزيد تسليم أحمد ولكنه رفض بعبارات لم تكن لترضي غرور تيمورلنك. وهنا أعلن تيمورلنك سياسته القادمة بقوله: “سأقوم أولًا بإخضاع الأتراك”.
 
أتحرك تيمورلنك بباقي جيشه باتجاه الأناضول وقام بحصار مدينة سيواس، وبعد حصار دام ثلاثة أسابيع استسلمت حامية المدينة المكونة من ثلاثة آلاف مقاتل لتيمورلنك مقابل ألا يراق دمهم، وكان تيمورلنك وفيا بوعده حيث قام بدفنهم أحياء، ثم تحرك بجيشه واستولى على ملطية ثم بهسنا ثم عينتاب مدمرًا وقاتلًا كل من يصادفه وارتكب مذابح شاملة لكل السكان في هذه المدن.
 
لم يقم العثمانيون بأي رد فعل على هجوم تيمورلنك على مدنهم، وكذلك المماليك الذين كانوا مصابين بالشلل التام نتيجة الصراعات على السلطه. تغيرت خطط تيمورلنك بعد استيلائه على مدينة عينتاب الخاضعة لسلطنة المماليك؛ حيث حدث أمر جعله يغير وجهته ليصطدم بالمماليك أولًا.
 
أرسل تيمورلنك رسالة إلى حاكم دمشق سودون يطلب فيه الإفراج عن الأمير المغولي أطلمش والخضوع له والخطبة له وصكِّ العملة باسمه، لكن سودون كان له رأي آخر حيث قام بقتل رُسُل تيمورلنك بتوسيطهم، وكان رد فعل بالمنظور العام يتصف بالحماقة، لكن كان أمراء المماليك على علم بأنه على الرغم من التفسخ الذي أصاب الدولة؛ إلاأن الجيش المملوكي كان ما يزال أفضل الجيوش في الشرق، وقد جرب تيمورلنك مواجهة المماليك في العراق وانهزم، وكانوا مقتنعين أن مدن الشام الرئيسية حصينة ومنيعة على جيش تيمورلنك كما كانت منيعة على جيوش المغول من قبل، كما كانوا على علم أن قوات تيمورلنك منهكة من القتال في العام الماضى في الهند، وكانوا قد وصلوا لقناعة أن تيمورلنك لن يستطيع البقاء في الشام من أجل الاستيلاء على المدن المحصنة وهو سيكون معرضا في أى وقت لتهديد الجيش المملوكي الرئيسى المتمركز في مصر وأنه سيضطر للانسحاب.
 
أسقوط مدينة حلب
وصل تيمورلنك بجيشه الجرار إلى مدينة حلب في أكتوبر 1400/803،كانت قد احتشدت داخل مدينة حلب قوات المماليك الشامية “حلب ودمشق وصفد وطرابلس وحماة وحمص” تحت قيادة أمير حلب دمرداش المحمدي.
 
وحدث انقسام كبير بين أمراء المماليك عن كيفية مواجهة العدو، فكان هناك فريق ينادي بالتفاوض مع تيمورلنك، وفريق ينادي بالقيام بهجوم شامل على جيش تيمورلنك، وفريق اقترح الصمود داخل أسوار المدينة. وفي النهاية تغلب الرأي بأن يخرجوا لمواجهة الجيش المغولي خارج حلب بعد أن يئسوا من وصول الجيش المملوكي الرئيسي من القاهرة ، وكان هذا سوء تقدير من أمراء المماليك لحجم جيش تيمورلنك.
بدأت المعركة بأن اندفعت ميمنة المغول لتشتبك في قتال عنيف مع ميسرة جيش المماليك، وكان القتال متكافئًا حتى اللحظة التي أطلق فيها تيمورلنك الأفيال المدرعة باتجاه الجيش المملوكي، تشتت ميسرة الجيش المملوكي وفرّت باتجاه أسوار المدينة وتسببت الأفيال في تفكك الجيش المملوكي بأكمله وتفشي الفزع بين المقاتلين، وقتل تحت سنابك الخيل أكثر ممن قتل في المعركة نفسها، واقتحم جيش تيمورلنك مدينة حلب ويصف مؤرخ تيمورلنك ما حدث بقوله:
لقد لاحقتهم قواتنا المنتصرة بأقصى سرعتها، وقاموا بقتل الكثير من الفرسان والمشاة لدرجة أن أكوام القتلى ارتفعت، واكتظت بوابات وشوارع المدينة بالجثث لدرجة أن جنودنا كانوا يمرون بخيولهم بصعوبة من فوقها.
 
اعتصم أمراء المماليك في قلعة حلب شديدة الحصانة والمناعة، لكن كان الأمراء يعلمون أن الجيش المملوكي لن يصل إلى المدينة لنجدتهم واضطروا للاستسلام تحت ضغط المجازر التي ارتكبها تيمورلنك بالمدينة، عسى باستسلامهم يتم إيقاف المجازر ،لكن مصير حلب لم يتغير، فقامت مذبحة كبيرة في المدينة واغتصبت النساء ولم ينجُ أحدٌ من القتل حتى الأطفال. وتم إشعال النيران في المدينة لمدة أربعة أيام بعد تدميرها تدميرا شبه كامل، وحبس تيمورلنك أمراء المماليك المستسلمين له، وسقطت المدينة التي طالما تصدت للمغول والصليبيين والبيزنطيين، وأصبحت حلب موحشة مظلمة تنعي أطلالها.
استولى ابن تيمورلنك ميران شاه على مدينة حماة التي لم تستطِع الصمود، وفعل بالمدينة نفس ما فعله أبوه بحلب ولاقت مدن بعلبك وصيدا وبيروت نفس المصير، ونجت مدينة حمص من التدمير والخراب لأن تيمورلنك بعد استيلائه على المدينة عفا عنها إحتراما لوجود قبر خالد بن الوليد رضي الله عنه بالمدينة..
 
موقف السلطان فرج والأمراء في مصر
كان أمراء الشام قد أرسلوا التحذيرات والاستغاثات المتتالية إلى السلطان والأمراء في مصر منذ أن وصلت قوات تيمورلنك عينتاب، لكن الجميع كان يبحث عن مصلحته منغمسًا في الصراع على السلطة، ثم لما بدأ تيمورلنك في التحرك باتجاه بوابات الشام أرسلوا إلى السلطان والأمراء في مصر يستحثونهم، فجمع السلطان الأمراء والقضاة والعلماء للتشاور في فرض ضرائب على العامة وأخذ نصف الأوقاف للإنفاق على أعداد الجيش، ورفض العلماء والقضاة هذا الأمر لعملهم لحقيقة الأمر وأن أمراء المماليك لديهم ما يكفي ويزيد لإعداد الجيش وأنه لا حاجة لهذا الأمر.
 
وفي أغسطس 1400 م / 803 هـ أرسل السلطان الأمير اسنبغا الدوادار لكي يقف على حقيقة الوضع في الشام، ولكى يعبئ القوات لمواجهة جيش تيمورلنك، وصل الأمير استبغا وعلم بحقيقة الوضع وأرسل إلى السلطان في القاهرة بأن المغول وصلوا إلى مدينة حلب، ومع ذلك لم يتم حشد الجيش وإعلان التعبئة العامة، في ظل هذا التقاعس قام شيخ الإسلام “سراج الدين عمر البلقيني” بجمع العلماء والائمة ونادى بالجهاد في شوارع ومساجد القاهرة.
 
وصل الأمير استنبغا الداوداري إلى قلعة الجبل وأخبر السلطان والأمراء بسقوط حلب، فعلم السلطان والأمراء بعظم الحادث، فأصدرت الأوامر بتعبئة القوات، وجمع كل جنود الحلقة، وجمع الخيول والجمال، وطلب البدو من كل أنحاء مصر للاشتراك في القتال، وتحرك السلطان بجيشه في نوفمبر 1400/803 بعد أن أضاع ثلاثة أشهر كاملة من وصول أول تحذير واستغاثة.
 
وصل السلطان الناصر فرج بجيشه إلى دمشق في ديسمبر 1400/803 وعسكر عند قبة يلبغا بظاهر دمشق، وأخذ في الاستعداد لمواجهة جيش تيمورلنك، الذي وصل بجيشه وعسكر غرب قبة يلبغا بحوالي ميلين، بدأت المناوشات بين الجيشين وتعرضت مقدمة جيش تيمورلنك لهزيمة قاسية وأسر بعض قواته وتعرضت فرقة مملوكية لكمين محكم من جانب المغول وتعرضت لهزيمة كبيرة.
 
استخدام تيمورلنك بعض أساليب الحيل والخداع منها إيصال معلومات عن أن عددا كبيرا من جيشه سينضم للمماليك، وأن ملك قبرص سيهاجم بقواته سواحل الشام ومصر، وأن تيمور عازم على الرحيل من الشام، ولم تنطلِ هذه الخدع على السلطان والأمراء.
 
ثم أرسل تيمورلنك رسالة عرض فيها السلام مقابل الإفراج عن الأمير أطلمش، وأن يفرج هو عن الأمراء الذين أسرهم يوم حلب، وتحقق غرض تيمورلنك من الرسالة بتفجر الخلافات بين أمراء المماليك، في هذه الأثناء خرج بعض الأمراء من دمشق وساروا باتجاه القاهرة لكي يخلعوا السلطان ويسلطنوا مكانه الأمير لاجين الجركسي، فبادر باقي الأمراء والسلطان بترك المدينة واللحاق بهؤلاء الأمراء وتركوا دمشق لكي تواجه مصيرها المحتوم...!!

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter