برزَ اسم البطل، أحمد عبداللطيف شهيب، بين أبطال المقاومة الشعبية مُنذ الأربعينيات من القرن الماضي، حيثُ أسس في المرحلة الثانوية، تنظيمًا شعبيًا سريًا من مختلف المهن «عمال وجزارون وطلاب»، من شباب مصر الجديدة بالقاهرة.
وقام ذلك التنظيم بعدد من المهام، أهمها اغتيال الجنود الإنجليز المُتحركين فرادى في منطقتهم، واستخدموا أسلوب «الخنق» أو الإلقاء من الترام السريع، ليقتلوا المُحتلين، حتى إنّ الحاكم الإنجليزي للقاهرة، أطلق عليهم «عصابة مصر الجديدة»، وتناولت الصحف ما قاموا بهِ من عمليات.
وعند وصوله المرحلة الجامعية، دخل أحمد شهيب الكلية الحربية واستمر في ممارسة نشاطه، وتخرج ضابطًا للمدفعية وبطلاً للملاكمة، وانضم للضباط الأحرار، ويقول الكاتب الصحفي، حسن بديع، القيادي في الحزب العربي الناصري، والمُقرب من أحمد شهيب، وفقًا لما كتبه الكاتب الصحفي، دكتور محمد بسيوني، على صفحات مجلة «ديوان»، إنّ المرحلة الثانية في حياة هذا الفدائي كانت خلال الفترة من 1952 حتى 1956، حيثُ كلفه الرئيس جمال عبد الناصر بقيادة أعمال الفدائيين في محافظات القناة.
وكان شهيب يقود الفدائيين مع مجموعة من الضباط الأحرار الصغار، وكانت معظم القيادات من المدنيين الذين أصبحوا قيادات تنفيذية وحزبية فيما بعد، وقادوا العمل السياسي في مصر، ومنهم كمال رفعت، ولطفي واكد، ودكتور نعمان جمعة.
وكلّف الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، الفدائيين بمهمة تكبيد المحتل الإنجليزي خسائر فادحة، ليُسرع الإنجليز بالجلاء، ويقول أحمد شهيب، إنّ ناصر قال لهُ: «أريد أن أرى آثار العمليات الفدائية الشعبية على وجوه الإنجليز الذين يجلسون للتفاوض معنا كُل صباح حتى يرحلوا».
ونجحت عمليات مهاجمة معسكرات المحتل وأجبرته على الانتقال بقواتهم من القاهرة والمدن الكبرى إلى خط القناة، ثُم تحولت حياتهم إلى جحيم في السويس والإسماعيلية وبورسعيد، وفقد شهيب ذراعه اليمنى في إحدى العمليات ورفض الخضوع للراحة، وعاد ليُقاتل حتى تحقق الجلاء.
أما المرحلة الثالثة في تاريخ شهيب، فكانت في فترة ما بين 1967 و1970، حيثُ كلفه الزعيم ناصر بعمل تنظيم شبابي شعبي سري عقائدي مسلح، مهمته تأمين القاهرة والمدن الكبرى، والسد العالي، وإنشاء مجموعات قتالية شعبية للدفاع عن الداخل إذا ما تعرضت مصر لهجوم أو احتلال أجنبي.
وذلك بالإضافة إلى دعم الجيش والحكومة ومواجهة الشائعات والحفاظ على تماسك الجبهة الداخلية، وقام شهيب بالمهمة وإنشاء معسكرات تدريب شعبية في مكان نادى الشمس حاليًا، ومكان مركز شباب الجزيرة، ومعسكرات تدريب في الإسماعيلية والسويس وبورسعيد، كما قاد عمليات فدائية متنوعة أثناء حرب الاستنزاف على طول خط القناة، وفي عمق سيناء وفلسطين.
وفي مرحلة متطورة من العمل، جمع جمال عبدالناصر، الفريق محمد فوزي وزير الحربية، والسيد محمد فائق، وزير الإعلام آنذاك، مع أحمد شهيب، وأعطى له الحق في الحصول على كل أنواع السلاح لتسليح هذا التنظيم المقاوم الشعبي، كما أعطى التنظيم إذاعات بعينها ليُديرها ويستخدمها في المقاومة الشعبية.
وكان أحمد شهيب أيضًا نائبًا عن منطقة مصر الجديدة، ورئيس الهيئة البرلمانية للقاهرة، ورئيسًا لاتحاد الملاكمة في عصره الذهبي، إلى جانب نشاطه الفدائي السري، الذي بقي سريًا ورفض شهيب الإدلاء بأي معلومات عنهُ للرئيس الراحل، محمد أنور السادات، رغم وساطة مصطفى كامل مراد، وعرض أرفع المناصب عليه مقابل تسليم أماكن السلاح، وأسماء قيادات المقاومة.
وبعد رفض شهيب للعرض، قضى 5 سنوات في السجن لذلك، على خلفية اتهامه بانقلاب 15 مايو 1971، كما رفض الاعتذار أو الالتماس، وقضى أعوام السجن كاملة، مُرددًا: «سوف تذهب معي للقبر كل الأسرار التى ائتمنني عليها أبطال المقاومة الشعبية».