الأقباط متحدون - البديل العملي للدور الكنسي المغضوب عليه
أخر تحديث ١٦:١٢ | الاربعاء ١٢ اكتوبر ٢٠١٦ | بابة ١٧٣٣ش ٢ | العدد٤٠٨٠ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

البديل العملي للدور الكنسي المغضوب عليه

نعيم يوسف
نعيم يوسف

 مرت الأحد الماضي الذكرى الخامسة لمذبحة ماسبيرو، التي وقعت في 9 أكتوبر عام 2011، وقد شهدت مجددًا شقاقًا بين الحركات القبطية، وانسحابًا بطيئًا من الكنيسة عن المطالبة بحقوق هؤلاء الشهداء في المحاكمة العادلة. 

كانت مظاهرات "ماسبيرو" عقب الأحداث الطائفية التي وقعت في عدة أماكن بمصر -آنذاك- بديلًا عمليًا لدور الكنيسة في المطالبة بحقوق الأقباط والنيابة عنهم في التفاوض مع مؤسسات الدولة، الأمر الذي أزعج الأخيرة جدًا، خاصة عقب سريان دماء الثورة في عروق المجتمع المصري بأكمله بعد ثورة يناير، وبالتالي احتاجت الدولة لكبش فداء والتضحية به لإخماد حركة الثورة، وهو ما حدث ضد الأقباط في ماسبيرو. 

من أهم عوامل نجاح مظاهرات "ماسبيرو" هو التفافها نحو قضية وطنية وشعبية حقيقية، وتضامن الحركات الثورية المدنية مع الأقباط، بالإضافة لحالة الاحتقان التي تسببت فيها أجهزة الدولة، ورغم أن الدولة استخدمت كل أذرعتها الإعلامية لتشويه المتظاهرين والمظاهرات، إلا أنه حتى الآن لا يصدقها أحد من عامة الشعب، والجميع يعرف حقيقة ما حدث مهما حاولوا تزوير وتزييف الأحداث. 
 
عقب أحداث "ماسبيرو" كانت هناك فرصة حقيقية لأن تكون هناك جبهة شعبية تتفاوض نيابة عن الأقباط في قضاياهم بدلًا من الكنيسة، إلا أن هذه الفرصة ضاعت، وقد ساهم الجميع في ضياعها، بدءًاممن تولوا أمور تنظيم حركة بهذا الاسم، ثم فرقهم التصارع على الزعامة، الأمر الذي جعلهم يتهمون بعضهم بعضًا علنًا اتهامات خطيرة وسيئة، ثم الدولة التي كانت متفرغة تمامًا خلال السنوات الماضية لإجهاض هذه الحركات من خلال رجالها المتواجدون بين أعضائها جميعًا، ثم الكنيسة التي أزعجها كثيرًا ما قام به بعض الشباب من توجيه سهامهم المسنونة لبعض رجالها.. الجميع شارك في وأد هذه الفرصة. 
 
المشكلة الحقيقية في النخبة القبطية أن كبارها "مقضينها اندماج في المجتمع"، وشبابها يريدون لعبها بطريقة سياسية، وعلى الرغم أن الفريقان ينطلقان من قاعدة وطنية إلا أنهما يجهضان كل طرف تحركات الآخر، أما مشكلة الحركات والائتلافات القبطية جميعًا، فهي: التمويل، القضية التي يجتمع حولها الشعب، والزعامة، وبالتالي فإن أي بديل عملي للكنيسة لابد أن يتعامل مع هذه التحديات، وإلا سيُكتب عليه "الوأد" والانقسام وتبادل الاتهامات كما كُتب على ما قبله. 
إن أنجح نموذج شبابي، أثبت فشل مؤسسات الدولة في التعامل معه هو الـ"ألتراس"، فعلى الرغم من كل محاولات التشويه والتعقب والترصد لازال الحركة الشبابية الصامدة في وجه الأجهزة الأمنية، وعلى هذا الطريق يجب أن يسير بديل الكنيسة، لتكوين "ألتراس قبطي" شعبي، يتلافى كل التحديات والمشكلات السابقة، هذا الألتراس سيكون هدفه الأساسي دعم بناء الدولة المدنية الحديثة في وجه كل من يحاول الوقوف عثرة بطريقة سياسية "لوبي ضغط".
 
تعتمد فكرة "ألتراس الشباب القبطي" على مجموعات مفتوحة غير منظمة يجمعها كيان افتراضي ربما مجموعات أو صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، على أن يدير هذه الصفحات شخصيات لديها القدرة على التنظيم والدافع والنظرة الوطنية لقضايا الأقباط، وهم كثيرون في وسط النخبة، ويقتصر دورهم فقط على إدارة الصفحات أو المجموعات، على أن يكون طرح الأفكار وتنفيذها متاحًا لجميع الأعضاء، وبالتالي يتم حل مشكلة "الزعامة" بألا يوجد زعيم من الأساس، حيث يكون كل شخص أو عضو"زعيم نفسه". 
 
بما أن الكيان كله سيكون افتراضيًا فبالتالي لا حاجة لمقرات ومؤتمرات، وبالتالي لا حاجة للتمويل، وهو الباب الذي كان يدفع البعض لاتهام آخرين بالسرقة والتمويل من الخارج، وغيرها من الاتهامات التي طالت العديد من الحركات القبطية مؤخرًا، وفي نفس الوقت تستطيع هذه المجموعات تقديم الدعم ببساطة لمن يتعرضون لاعتداءات طائفية، وأن تحل محل الكنيسة في هذا الشأن، على سبيل المثال، عندما يحدث حدثًا طائفيًا في الأسكندرية، يتم توجيه الدعوة إلى أعضاء الـ"ألتراس" في نفس المحافظة بتقديم مساعدات عينية أو مادية للأسر المتضررة، وتوصيلها إلى أقرب كنيسة خاصة بهم، منعًا لإحراج هذه الأسر، وفي نفس الوقت إعلاءا للتضامن معها، وعند حرق كنيسة في منطقة معينة يمكن مطالبة المطرانية بتخصيص رقم محمول لإرسال رسائل تبرع لهذه الكنيسة، وبالتالي يمكن تقديم دعم مادي كبير من جميع الأعضاء، دون أن ينزل أحدهم حتى من منزله، من هاتفه المحمول فقط. 
 
إن الهدف الأساسي للألتراس القبطي هو التعاون مع الكنيسة والدولة وليس الهجوم عليهما، ولعب السياسة بديلًا عن المؤسسة الكنسية، ويمكن إذا استطاع الشباب القبطي الالتفاف حول الفكرة، أن يضغطوا على أي مرشح رئاسي لتنفيذ مطالبهم ولو شيئًا فشيئًا.
نقلا عن الطريق

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع