كتب: محرر الأقباط متحدون
توصل علماء ألمان إلى وجود آلية جديدة لحدوث مرض ألزهايمر، معروف حتى الآن أن تراكمات بروتين بيتا-اميلويد على خلايا الدماغ هو الذي يقود إلى تدهورها ونشوء المرض.
قال علماء ألمان من جامعة بون في مجلة "سيل بايولوجي" أن تراكم بيتا- اميلويد على الخلايا يمنع وصول الطاقة من الحبيبات الخيطية (الميتاكوندريا) إلى الخلايا، ومعروف أن الميتاكوندرا هي بطارية الطاقة التي تزود الخلايا العصبية بالطاقة اللازمة لعملها، حسبما أفادت إيلاف.
والتراكمات الخطيرة على خلايا الدماغ، التي تسبب مرض الزهايمر، عبارة عن تراكم لبروتين بيتا-اميلويد على الخلايا العصبية، وهي الحالة التي ينجم عنها "الخرف" الناجم عن النسيان وعدم التركيز.
والبروتين المذكور ليس خطيرًا على الدم وإنما على الدماغ فقط، لكنه مهم في ذات الوقت، بل أنه يدخل في عملية تنظيم استقلاب الشحوم.
وتتراكم جزيئات بيتا-اميلويد، التي تميل للتصلب والاستقرار في أنسجة الادماغ، بالتدريج مع تقدم العمر، وتسببت موت خلايا الدماغ واختلال وظائفها.
والبيتا-اميلويد عبارة عن بروتينات من سلاسل قصيرة يجري فرزها في جسم الإنسان الطبيعي أيضاً، لكن جسم الإنسان الطبيعي، والشاب على وجه الخصوص، قادر على تفكيكها والتخلص من شرها، إلا ان جسم الإنسان المعرض للزهايمر يعجز عن التخلص منها، وتتراكم على خلايا الدماغ. ولهذا يركز العلماء في العلاج على البحث عن طريقة لإذابة هذه البروتينات أو غسلها أو تفكيكها.
وبحسب تجارب الدكتورة جيوفانا سينيني وزملائها من جامعة بون الألمانية مثل "سلاح النفط في المعركة"، حول نشوء ألزهايمر، لأن المعتقد حتى الآن أن المرض ينشأ عن طريق تراكم البيتا-اميلويد على الخلايا الدماغية، في حين تثبت أبحاث سينيني ان البيتا اميلويد يتسلل إلى داخل الخلية الدماغية ويبطل نشاط الحبيبات الخيطية المسماة "ميتاكوندريا".
تعجز بعدها الميتاكوندريا بالتدريج عن ايصال الطاقة إلى الخلية الدماغية وتبدأ عملية التنكس التي تنتهي بالزهايمر.
وأكدت الباحثة "سينيني" أنها ركزت في بحثها على معرفة ما إذا كانت بروتينات بيتا-اميلويد قادرة على التأثير سلبًا على الميتاكوندريا.
وكشف الباحثون تحت المجهر أن الميتاكوندريا في خلايا مرضى ألزهايمر غالبًا ما تكون عاطلة عن العمل، وهو ما يوقف تدفق الطاقة منها إلى الخلايا باعتبارها"محطة توليد الطاقة" الدماغية.
وأضاف زميلها في البحث فولفجانج فوس انهم عرّضوا خلايا دماغية بشرية إلى بيتا-اميلويد في المختبر ورصدوا كيف تعمل هذه البروتينات على مختلف وظائف الخلية.
ولدهشة الباحثين، وعكس توقعاتهم، اتضح أن الحبيبات الخيطية لم تتأثر تركيبياً بتراكمات بيتا- اميلويد، إلا ان البيتا-اميلويد منعت حركة البروتينات بينها وبين الخلية العصبية.
ومن جهته قال "فوس" إنه لم يلاحظ، خلال حياته العلمية، حصول مثل هذا المنع البروتيني التام بين أجزاء الخلية. وكان وقف تدفق الطاقة من الميتاكوندرا إلى الخلية العصبية النتيجة الحتمية لوقف حركة البروتيتات الحيوية داخل الخلية.
وعلميًا تحتاج الميتاكوندريا لتحقيق وظيفتها المعقدة، إلى أكثر من 1000 نوع من البروتينات، وتقوم هي نفسها بإنتاج 13 نوعًا مهمًا منها، ويتولى السايتوبلازم في الخلية إنتاج البقية.
وتستقي المتياكوندريا هذه البروتينات بواسطة جزيئات ناقلة للبروتين تتحرك بين خيوطها وبقية أجزاء الخلية، وواقع الحال ان البيتا-اميلويد يوقف حركة هذه الجزيئات بالضبط.
وكانت كفاءة بيتا-اميلويد في وقف عملية وصول البروتينات إلى الميتاكوندريا "عالية جدًا"، كما كتب العلماء.
والميتاكوندريا، بحسب وصفهم، مثل ماكنة متعددة الأجزاء ويحتاج كل جزء منها إلى الصيانة والترميم بين الحين والآخر، لكن البيتا-اميلويد تعرقل هذه العملية، بل انهم كشفوا عن حاجة الحبيبات الخيطية إلى انزيم معين يحرك نشاطها، وان تراكم البيتا-اميلويد يكبح نشاط هذا الانزيم أيضاً.
وأكدت سينيني أن هذا الميكانزم يحصل في خلايا كافة المرضى المعانين من الزهايمر، وانه سر صعوبة وقف تقدمه عند البشر. ولكن الباحثة الألمانية تعترف بأن ما تم الكشف عنه حتى الآن جرى في الأنابيب المختبرية، وان عليهم الآن التيقن من حصولها في أدمغة كافة البشر أيضاً.
وستنصب الدراسات اللاحقة أيضاً على التوصل إلى طريقة ناجحة لوقف ميكانزم منع حركة البروتينات من وإلى الميتاكوندريا.
يذكر أن المركز الألماني للأمراض التنكسية، تحدث قبل فترة عن فحص دم يضمن الكشف المبكر عن الزهايمر، ويمنح الطب والمرضى على حد سواء، فرصة مكافحة المرض قبل تفاقمه.