الأقباط متحدون - الطفيلي في خدمة الإرهاب
أخر تحديث ٠١:٢٦ | الاثنين ١٠ اكتوبر ٢٠١٦ | توت ١٧٣٣ش ٣٠ | العدد ٤٠٧٨ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

الطفيلي في خدمة الإرهاب

 الطفيلي في خدمة الإرهاب
الطفيلي في خدمة الإرهاب
كتب : د.عبدالخالق حسين
 
استلمت من خلال بريدي الإكتروني، فيديو لرجل الدين اللبناني، الشيعي، المعمم، الشيخ صبحي الطفيلي، يتهجم فيه على النظام العراقي الراهن، ويصفه بأنه "أفسد نظام وأحقر نظام وأشنع نظام" في التاريخ. كما ويثير الشيخ اكذوبة مفادها ان الحكم في العراق بيد الشيعة، وهذا ما يروج له الإعلام السعودي والخليجي بصورة عامة، وأتباع السعودية المحليين في العراق، والإدعاء ان جمهور الشيعة قد وصلوا الى قناعة بان الشيعة فشلوا في الحكم، وان السنة هم اهل الخبرة السياسية. وكل هذا لتمهيد عودة التفرد السني بالحكم كما كان قبل 2003. وللأسف، انطلت هذه الأكذوبة الخبيثة على الكثيرين الذين باتوا يرددونها باستمرار. وكما عودنا الإعلام المعادي لعراق ما بعد صدام، فالشيخ لم ينس الكليشة التي يكررونها كلما ذكروا الحكومة العراقية، حيث يضيفون بعدها العبارة :(التي يهيمن عليها الشيعة والموالية لإيران)، مركزاً في تسقيطه على قادة الشيعة فقط في الفساد، وكأن غيرهم منزهين من كل فساد وإرهاب.
 
استغربت في أول الأمر من هكذا هجوم عنيف على الحكومة العراقية من رجل دين لبناني شيعي، وفي هذا الوقت الحرج بالذات حيث تتهيأ القوات العراقية المشتركة الباسلة لتحرير الموصل من أبشع احتلال، وأشرس عدو متوحش، لا يقيم للإنسان أية قيمة. 
 
كما وأعترف مسبقاً، أن معلوماتي عن هذا الشيخ كانت قليلة، لذلك استفسرت من "العم" غوغل، حفظه الله وأبقاه للباحثين ذخراً، فاستفسرت: (مَنْ هو الشيخ صبحي الطفيلي؟)، فجاءني الجواب التالي: 
"صبحي الطفيلي (1948 - ) هو عالم دين شيعي من بلدة بريتال اللبنانية، وأول أمين عام لحزب الله اللبناني. انتقد الطفيلي تدخل حزب الله في الحرب الأهلية السورية محذراً من أن زج إيران للحزب في المعركة بسوريا سيفتح الباب أمام حرب بين السنة والشيعة، ومن شأنه أن يقضي على المقاومة ضد إسرائيل"(1). وفي تقرير في أرشيف الجزيرة نت، "أنه [الطفيلي] فُصِلَ من حزب الله عام 1991، لإعلانه العصيان المدني على الدولة اللبنانية ...الخ"(2). وهناك روابط فيديوهات عديدة له، اخترت منها رابط واحد يظهر فيه الشيخ الطفيلي قائلاً: (قتلى المعارضة السورية شهداء، وقتلى حزب الله في جهنم)(3). يعني قتلى الدواعش وجبهة النصرة وغيرهم من الإرهابيين شهداء، وقتلى من يحارب الإرهاب يذهب إلى جهنم. وعندئذ لم استغرب من شتائمه على الحكومة العراقية التي تقاتل (داعش) بباسلة، ولم أكن مبالغاً أو متجاوزاً إذا استخدمت عبارة (الطفيلي في خدمة الإرهاب) عنواناً لهذا المقال. فهو مستميت في الدفاع عن الإرهابيين في سوريا والعراق، ويفتي أن قتلى من يحاربونهم ليسوا شهداء بل يذهبون إلى جهنم.
 
يظهر الشيخ في الفيديو بوقار مصطنع، وألم مفتعل على ما آل إليه العراق، فيقول أنه شاهد جلسة من جلسات مجلس النواب العراقي، لمساءلة وزير الدفاع، وأنه "بدأ الحديث بطريقة لا يحبها أي إنسان ولأي إنسان"، حيث يتهم وزير الدفاع خالد العبيدي، رئيس البرلمان سليم الجبوري بالرشوة والفساد...الخ. ثم ينهال على الحكومة العراقية "المحسوبة على الشيعة" على حد قوله بأنها: "أفسد نظام، وأحقر نظام وأشنع نظام) في التاريخ، ويلقي اللوم على السياسيين الشيعة المشاركين في السلطة وبالأخص المعممين منهم، وأنهم أساؤوا لسمعة الشيعة وأهل البيت!!. طبعاً هذا الكلام يعتبر موسيقى عذبة في آذان فلول البعث وأيتام صدام، والحكومات المعادية للعراق الجديد وخاصة السعودية، علماً بأن الشيخ يعلق على الجلسة البرلمانية التي تبادل فيها وزير الدفاع ورئيس البرلمان الاتهامات بالرشوة والفساد، وهما ليسا شيعيين ولا معممين، لذلك يجعلنا نعتقد أن الرجل مدفوع من جهات مشبوهة ليستغل هذه المناسبة ليشن هجومه على النظام العراقي ويحرق الأخضر بسعر اليابس.
والسؤال الذي نود طرحه على الشيخ هو: هل حقاً الحكومة العراقية هي حكومة شيعية، فقط لأن رئيس مجلس الوزراء هو شيعي؟ وهل رئيس الوزراء هو كل شيء في الحكم الديمقراطي، الذي لا يستطيع تعيين أي مسؤول في الدولة إلا بعد موافقة البرلمان؟ وماذا عن بقية الشركاء من ممثلي مكونات الشعب العراقي، هل هم أبرياء من أي فساد ومحصنين من أية محاسبة؟ 
 
لا شك أن الشيخ الطفيلي ذكر بعض الحقائق المؤلمة التي يمر بها العراق، من فساد بعض المسؤولين الفاسدين ..الخ، ولكن هذه الحقائق ذكرها ليتعكز عليها من أجل تمرير الأغراض السيئة وهي تسقيط السياسيين الشيعة فقط، وتشويه صورتهم دون غيرهم، وهي من باب (قول حق يراد به باطل). 
 
هل أدرك الشيخ أن ما حل بالعراق من فساد وإرهاب وفوضى الآن، هو نتاج مباشر لدكتاتورية المكون الواحد؟ وهذه حقيقة تذكرها كل كتب التاريخ والبحوث الأكاديمية الأجنبية، أن سقوط أي نظام دكتاتوري لا بد وأن تتبعه فوضى عارمة. وهذا ما حصل في الصومال بعد سقوط حكم محمد سياد بري، وفي ليبيا بعد سقوط معمر القذافي، وفي اليمن بعد علي عبدالله صالح... وغيره كثير. ونشير هنا إلى البحث القيم بعنوان: (فوضى مقابل الاستقرار: الاستبداد والفوضى يد بيد)(4). ولا ننسى تكالب بعض الدول الإقليمية على العراق الجديد مثل السعودية وقطر وتركيا لأغراض سياسية واقتصادية وطائفية. (راجع مقالنا الموسوم: اسباب عداء السعودية للعراق)(5)
 
يستغرب الشيخ من مشاهدة هذا النوع من المناظرات أو (الحديث) على حد قوله في البرلمان العراقي، والسبب هو أن في العراق ديمقراطية حقيقية، والكل يتمتعون بمطلق الحرية لانتقاد أي مسؤول في الدولة، كبيراً كان أم صغيراً، دون أن يقطع رأسه بتهمة الكفر أو التجاوز على الذات الهية كما يحصل في السعودية وغيرها من البلاد العربية. أما نحن، كعراقيين فنفتخر بهذه الشفافية والحرية التي يتمتع بهما شعبنا في التعبير عن آرائه وانتقاد أي مسؤول كان. وما يجري في العراق من مناظرات حادة، وعلنية، وتعددية المنابر الفكرية، والقوى السياسية، دليل على حيوية الحرك الاجتماعي، وفعالية الديمقراطية التي نعتز بها، وهي عبارة عن تمارين يتمرن عليها شعبنا لتعلم قواعد الديمقراطية، وقد خرج الجني من القمقم ولا يمكن إعادته إليه.
 
إن قصد الشيخ من هذه الشتائم على الحكومة العراقية "المحسوبة على الشيعة"، ليس النقد البناء من أجل الإصلاح، وتألمه على الشعب العراقي، كما يتظاهر، بل هو خدمة لأغراض أولئك الذين دفعوه ليردد ما يردده إعلامهم. لقد ذكرنا مراراً، أن السعودية وغيرها من الحكومات الخليجية لجأت إلى تأجير العديد من الكتاب الشيعة وحتى رجال دين شيعة، ليركزوا ويكثفوا هجومهم على ممثلي الشيعة في العملية السياسية، دون غيرهم في العراق، ويحملونهم تبعات كل ما حصل من إرهاب وفساد..الخ، وليوحوا للقارئ أن عهد صدام حسين كان أفضل العهود التي مر بها العراق، وبذلك يعطون الذريعة لتجنيد المنظمات الإرهابية بالشباب بعد أن يعرضونهم لعملية غسيل الدماغ، تمهيداً لعودة دكتاتورية المكون الواحد كما كان قبل 2003، ولكن هيهات.
 
إن حملة الشيخ ضد الحكومة العراقية المنتخبة لها مردود معكوس عليه، فقد فضح نفسه وأسيده السعوديين الذين يدفعون له، فالعملية السياسية تسير قدماً إلى الأمام رغم التحديات والمعوقات، فهاهي المنظمات الإرهابية في هزائم مستمرة، أما الحكومات الراعية للإرهاب مثل السعودية وقطر وتركيا، فهي الأخرى في ورطة من جراء سياساتها الإجرامية في دعم الإرهاب، وهي تجر الآن أذيال الخيبة والفشل. فالديمقراطية العراقية محكوم لها بالنجاح ومهما روّج المروِّجون، ففي نهاية المطاف لا يصح إلا الصحيح.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع