الأقباط متحدون - قصة إنسانية تنشرها المخابرات الإسرائيلية في ذكري أكتوبر 73
أخر تحديث ٠٣:١٩ | الجمعة ٧ اكتوبر ٢٠١٦ | توت ١٧٣٣ش ٢٧ | العدد ٤٠٧٥ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

قصة إنسانية تنشرها المخابرات الإسرائيلية في ذكري أكتوبر 73

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

محرر الأقباط متحدون
نشر باروخ مئيري، صحفي متقاعد من صحيفة معاريف، بوست على صفحة “المحافظين على اللغة العراقية” بالعبرية حادثا صادفه في خضم حرب يوم الغفران، هذه الحرب الضروس التي غيرت مفاهيم القتال لدى إسرائيل ولقنتها درسا بتنويع مصادر المخابرات للحيلولة دون ارتكاب أخطاء  في التحليل، ، حيث تم تفسير التحركات العسكرية المصرية بأنها ذات طابع غير حربي.

يروي همئيري الذي كان يسكن في مدينة إيلات الساحلية ما صادفه في ال 11 من أكتوبر 1973 وهو مجند في الخدمة العسكرية، في مهمة غير قتالية، بعد ان تلقى مكالمة هاتفية من زميل جريح في المستشفى يطلب لقائه:

بعد عدّة ثوانٍ، اتصلت بقائد اللواء وطلبت الإذن بالتغيب لمدة 24 ساعة. لم يكن لدي أدنى علم بهوية من سألتقيه في المستشفى. همست في أذن جميلتي كلمات حب ووداع، وبعد عدة دقائق كنت أمخر عباب طريق العربا متجها إلى الشمال. هذه المرة فعلا إلى الشمال البعيد. ولعلمكم فقط، بالنسبة لسكان إيلات، فإن كل ما يقع إلى الشمال من تمناع، يعتبر “شمالا..”

دون توقف في منتصف الطريق، ودون ارتشاف قهوة الصباح، وصلت بعد عدة ساعات إلى المستشفى في العفولة. حسنا، لا تنسوا، فقد كنت شابا في تلك السنوات، ولم تكن تعتبر السفرية المتواصلة جلوسا خلف المقود – مهمة صعبة. عند مدخل إحدى الغرف، استقبلني فوكسي: “اسمع جيدا ما سأقوله لك: الأطباء هنا على شك شبه كامل بإمكانية حياته. لكن صديقك مجبول من مادة مميزة. لديه إرادة كبيرة للاستمرار في العيش”. نظرت مطولا إلى وجه صديقي موشي براك (بتسون) الدامي. لقد كان تحت التخدير ومن الممنوع إيقاظه. عندما فتح عينيه ورآني – لم يقل أية كلمة. لقد استصعب الحديث. لكن كان بإمكاني أن ألاحظ المفاجأة الكبيرة التي بدت على وجهه.

بعد مرور سنة كاملة أمضاها في المستشفى، لم يفاجئ موشي الأطباء فحسب، وإنما أفراد عائلته أيضا. لقد عاد إلى الحياة. قبل عدة أيام، سافرت إلى هضبة الجولان، برفقة نسيبي ضابط الاحتياط إيلي – الذي “يسجد” لمؤسسة الجيش. رغبنا أن نرى في تل ساقي – المكان الذي أصيب فيه موشي – النصب التذكاري للمقاتلين الـ 12 الذين سقطوا خلال المعركة. شاهدت عشرات تلاميذ المدارس يزورون المكان. عرضت على أحد المعلمين أن يستمع من مصدر أولي إلى أهم تفاصيل الحرب المذكورة.

على مدى دقائق طويلة، وقف موشي وروى: “وصلنا إلى هنا، الكتبية 352 راجمات ثقيلة، بناقلات جند مجنزرة، وقمنا بإطلاق النار باتجاه القوات السورية. وفجأة لاحظنا فوقنا طائرتين. في البداية كنا على يقين بأنهما من طائراتنا، لكن سرعان ما تحول المكان إلى قطعة من جهنم. زلزال حقيقي. رأيت أصدقائي يتهاوون. غطت الكثير من الدماء كافة أنحاء جسدي. شعرت بأن يدي اليسرى تفتّت. بدأت شيئا فشيئا أفقد وعيي. رأيت أمامي زوجتي الحبيبة وأبنائي الثلاثة. كلا، قلت لنفسي، أنا لا أنوي ترككم. سأعيش. بواسطة ما تبقى من قواي، أمسكت بيدي اليسرى، من أجل وقف تدفق الدم. في المستشفى، قال الطبيب، إنني لو لم أفعل ذلك – لما كان تبقى لديهم أحد يعالجونه…”

– متى كان ذلك؟ تم سؤال موشي. “في الـ 10 من أكتوبر 1973، الساعة 09:31″، أجاب. لكن التلاميذ زادوا الصعوبة: وكيف تتذكر الساعة الدقيقة؟
اتضح، أنه قبل هذا الحدث بعدة أيام، احتفل موشي بعيد ميلاده. وقد اشترت له زوجته، راحيل، هدية: ساعة يد. وضعها موشي في يده اليسرى، التي تفتت مع الساعة.

بعد عدة أيام، في المستشفى، بدأ موشي يظهر علامات الانتعاش العجيبة. عندما علم أن الطيار السوري، الذي تم إسقاط طائرته وطائرة رفيقه من قبل طائرات الميغ التابعة لنا، يرقد في نفس القسم – طلب رؤيته. فوجئ الطيار السوري بالطلب، وسارع بالحضور إلى سرير موشي. حتى خلال هذا الموقف المميز، أبدى الطيار السوري كراهية عميقة: “سيستمر الشعب السوري بالحرب إلى حين طرد آخر يهودي من إسرائيل. إذا لم أقم أنا بذلك، سيتابع أبنائي وأحفادي الأمر…”

في مستشفى العفولة ادركوا أن من بين الأمور التي من شأنها أن تسبب شعورا طيبا لموشي، الطعام العراقي اللذيذ. خصصوا زاوية صغيرة من المطبخ للوالدة الرائعة والمخلصة، سيمحا التي لم تبرح سرير ابنها الصغير (هكذا أطلق عليه في العائلة لكونه أصغر أبناء العائلة).

استمتع بالطعام العراقي الكثير من الجنود المصابين. وصلت الروائح، طبعا، إلى أنف الطيار السوري أيضا. فأخذت الأم صحنا واسعا ووضعت فيه الأرز الأبيض الناصع بجماله. وفي الصحن الثاني، العميق، سكبت بعض الحساء والكبة. خطت خطوات صغيرة، لكن مع ابتسامة كبيرة، نحو سرير الطيار السوري: “هذا لك”.

نظر الطيار السوري إلى الأم اليهودية ولم ينبس ببنت شفة. تناول الأرز والكبة بشغف كبير. طعام ذكره، على نحو شبه مؤكد، بمنزله. بعد ذلك، قام من سريره وذهب إلى الغرفة المجاورة: “موسى”، كما أحب أن ينادي على صديقي موشي، “إذا كانت لديكم أمهات كهذه، تقدمن الطعام لطيار عدو كاد يقتل ابنها، فإننا لن نستطيع أن ننتصر عليكم أبداً”.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter