الأقباط متحدون - فصل المقال بين الوطني والسياسي والكنسي
  • ١٥:٣٦
  • الاثنين , ٣ اكتوبر ٢٠١٦
English version

فصل المقال بين الوطني والسياسي والكنسي

سليمان شفيق

حالة

٥١: ٠٩ ص +02:00 EET

الاثنين ٣ اكتوبر ٢٠١٦

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

سليمان شفيق
1. يدور في اوساط الشباب المصري القبطي هذة الايام جدلا عاصفا حول الوطني والسياسي للكنيسة عامة ولصاحب القداسة خاصة ، وسبق ان كتبنا حول ان الكنيسة القبطية كنيسة وطنية ، سبق وان شاركت في بناء الدولة الحديثة 1804 ، 1882، 1919، 1952، وصولا ل 30 يونيو 2013، بغض النظر عن طبيعة النظام السياسي ، وماهية الدولة ، وان تركيبة الكنيسة القبطية تختلف عن كل كنائس العالم في تقدم لاهوت الوطن علي لاهوت العقيدة فهي "القبطية " اولا ثم تذكر العقائد (الارثوزكسية او الكاثوليكية او الانجيلية) هذة التسمية في حد ذاتها تجسد دلالة ،ومعني الوطنية في المعجم الوسيط : "اسم مؤنَّث منسوب إلى وَطَن ،تعني : التَّعَلُّقُ بِالوَطَنِ وَحُبُّهُ وَالْإِخْلاَصُ لَهُ وَالتَّضْحِيَةُ مِنْ أَجْلِهِ،" وفي التوصيفات الحديثة فالوطنية من المواطنة والانتماء ، في حين ان السياسي تعني: "حقوق كلّ مواطن في أن يشترك في إدارة بلاده أو ممارسة أعماله الانتخاب وغيره "والدوائر السياسية : "وساط ، محافل سياسيّة تهتمّ بالسِّياسة"

وهي الاحزاب والنقابات الخ ،والسياسة هي التي ينبثق منها المفاهيم الطبقية والانحياز الايدلوجي ، وهكذا فالوطنية معني شمولي يهتم بالوطن دون الانحياز الحزبي او الايدلوجي ، عندما نحارب عدو مشترك فالدعوة للقتال موقف وطني ، ومواجهة الارهاب بشتي صورة موقف وطني ، ومثل هذة المواقف لاتفرق بين الشيوعي واللبرالي ، وهكذا في مواجهة الكوارث الخ .

كل تلك الدلالات لايدركها البعض من يريدون تأؤيل ما لا يؤل ، الوطنية تختلف عن السياسة ، وهناك ايضا تاريخ للكنيسة تجهلة كثير من الاجيال ،هناك خمسة أجيال تقريبا لا تعرف أن الصراع الديمقراطى داخل هذه الكنيسة العتيدة يكاد يكون السر الثامن إضافة إلى أسرارها السبعة. فمن عام 1872 حينما تأسس المجلس الملى العام بفرمان من الباب العالى واختيار بطرس باشا غالى الكبير وكيلا له 1874، وحتى المجلس الحالي غير العامل الذى اختير لوكالته الدكتور ثروت باسيلى، أكثر من 130 عاما من الصراع أدى إلى نفى الأنبا كيرلس الخامس إلى دير البراموس 1891 بإيعاز من بطرس غالى، وجمد المجلس أربع مرات فى عصور البطاركة مكاريوس ويوساب وكيرلس السادس وشنودة الثالث. أما اللائحة الأخرى التى شهدت صراعا لا يقل حدة عن سابقتها فهى لائحة انتخاب البطريرك التى اندلعت بعد وفاة الأنبا كيرلس الخامس 1927، واستمرت حتى وفاة الأنبا يوساب 1957، واشتدت فى أوقات اختيار البطاركة يؤانس ومكاريوس ويوساب. وكانت المعركة تدور حول شرط الرهبنة الذى كان يعارضه الإصلاحيون، وشرط تكوين المجمع الانتخابى، وشرط ترشيح المطارنة لأنفسهم. ومن الغرائب أن الخلاف وصل بين دعاة الإصلاح وبين القائم مقام يؤانس بعد وفاة كيرلس الخامس إلى حد أن تقدم عضو مجلس الشيوخ الدكتور سوريال جرجس باستجواب فى مجلس الشيوخ، وعقد مؤتمرا فى فندق الكونتننتال فى 13- 12- 1927 حضره 102 عضو مجلس شورى ونواب برلمان وأعيان من الأقباط وانتخبوا القمص يوحنا سلامة بطريركا، ولكن القمص تنازل بعد ذلك خوفا من انقسام الكنيسة، ورفعت سبع قضايا لإيقاف انتخاب البطريرك، وعقدت جلسة برلمانية وافقت على لائحة 1927 التى أعدها الفقيه عبدالرحمن بدوى، وكانت لائحة 1927 لا يوجد بها شروط دينية سوى أن يكون المرشح مصرى الجنسية مسيحيا أرثوذكسيا، وانتخب بهذه اللائحةالباباوات (يؤانس، مكاريوس، يوساب). وبعد وفاة الأنبا يوساب 1956 تجدد الصراع، فقام عبدالناصر عبر رمزى ستينو وزير التموين آن ذاك بصناعة لائحة تنص على (القرعة الهيكلية)، حيث إنه لا يمكن أن يكون رئيس الدولة قد جاء باستفتاء ويكون البطريرك بالانتخاب، كما نصت على أن تحدد سن المرشح بأربعين عاما يكون قد قدم منها 15 سنة بالدير، وكان ذلك لاستبعاد شباب الرهبان الثوار مثل أنطونيس السريانى (البابا شنودة)، مكارى السريانى (الأنبا صموئيل)، متى المسكين، كما اشترطت تصويت الصحفيين الأقباط بالصحف اليومية نظرا لأن الصحفيين المعارضين كانوا بالصحف الأسبوعية، واللافت للنظر أن قداسة البابا شنودة كتب بمجلة مدارس الأحد مقالات ضد تلك اللائحة، وفى ثالث تصريح له بعد تجليسه على الكرسى أكد أنه سوف يغير تلك اللائحة ولكنه لم يفعل ذلك. تجدر الإشارة إلى أن الصراع داخل الكنيسة دار حول اختيار 73 بطريركا، وتراوحت فترات خلو المنصب البابوى ما بين سنة إلى ثلاث سنوات، ويبلغ عدد القضايا التى رفعت 22في السنوات الثلاث المشار اليها : قضية منها 9 قضايا حاليا إضافة إلى 18 جلسة برلمانية لمناقشة الأمر، كل ذلك يدل على أن منصب البابا ليس روحانيا خالصا بل وسياسيا أيضاً.

كل تلك المعطيات لايعرفها ولا تدركها هذة الاجيال التي تغلب عليها معطيات "التمرد" علي السلطة الابوية عامة واستغلال مواقف الكنيسة "الوطنية" في صراعها السياسي مع نظام الحكم حول السلطة السياسة ، هم لا يعلمون ايضا ان طقوس الكنيسة تدعوا للصلاة (للحاكم والجيش والجنود الخ )

هنا اتذكر المقولة الفقهية :" العذر بالجهل " من حق تلك الاجيال كل الحق الصراع علي السلطة والمعارضة السلمية دون الزج بالكنيسة في تلك الصراعات ـ وهذا لايعني الخلاف مع الاكليروس ـ ولكن وفق رؤية تدرك موقف الكنيسة الوطني ومعني الوطنية والتمييز بين ما هو وطني وما هو سياسي .