فى حوار د. أحمد عمر هاشم على صفحات «الوطن» ذكر أن لحوم العلماء مسمومة، فى تهديد صريح يستعمله رجال الدين كثيراً لتحذير كل من يقترب منهم بالنقد أو التكذيب أو حتى محاولة مراجعة ما قالوا والتأكد منه. فزاعة يشهرونها فى وجه كل من يحاول الاجتهاد أو كسر طوق الاحتكار الكهنوتى أو الاقتراب من التابوهات السلفية أو رتق نسيج الفكر المترهل الذى تجاوزه الزمن أو محاولة سد ثقوب ماسورة الفتاوى التى أظنها ستُغرق الأخضر واليابس وتشل الرائح والغادى!! بالطبع معظم المنتقدين لرجال الدين يتراجعون خوفاً من تلك اللحوم المسمومة ويتصورون أنهم مع أول مقال سيكتبونه بعدها ستصاب أياديهم بالشلل على طريقة «شُلت يدى» نتيجة حماقتهم وانتقادهم للشيوخ وتطاولهم على العلماء،
والبعض الآخر يتخيل أنه بعد المقال سيصاب بالتبول اللاإرادى والعته الهستيرى وسيهرول فى طرقات المحروسة عارياً وهو يرتدى الكسرولة بالمقلوب على دماغه معلناً توبته النصوح صارخاً: أنا مش قصير قزعة أنا منسحق أهبل!! اتضح أن اللحوم ليست مسمومة ولا مشمومة، اتضح أن التصريحات التى تطالب بما يرفضه الشعب هى المسمومة، التصريحات التى تغازل المجرمين وتداعب العصابات هى المسمومة، التصريحات التى تتلاعب بكلمات الله لتمرر إلى الغلابة أن التائب من الذنب الإخوانى كمن لا ذنب له هى المسمومة، يعنى «اقتل وفخخ وادبح ودمّر وحض على الكراهية وبعدين اضرب لك توبة نصوح ومررها من خلال شيخ جليل وكله حيبقى زى الفل والصلح خير قوم نتصالح بصوت نادية مصطفى ومن تلحين أستاذ علم الحديث الشهير»!! أصابتنى وغمرتنى مشاعر الحزن والخجل حين سمعت إنكار د. أحمد عمر هاشم الشيخ الجليل الكبّارة المحترم رئيس جامعة الأزهر السابق وأستاذ علم الحديث الذى يقوم على التفحيص والتمحيص والتفعيص فى تفاصيل التفاصيل للتحقق والتأكد والتثبت واليقين، حين أنكر أنه تحدّث عن المصالحة أو دعا لها فى حديثه مع الصحفى سعيد حجازى، وزاد خجلى وكسوفى وحزنى وهمّى حين أذيع الحوار على موقع «الوطن» الإلكترونى واتضح أنه.. ومش قادر أقول التوصيف الصحيح، اتضح أن كلام الشيخ أحمد عمر هاشم العالم الجليل غير صحيح، وهذا هو التوصيف المهذب حتى نحتفظ بالنزر اليسير الباقى من تصديقنا وتبجيلنا واحترامنا لكلام من يفتينا فى أمور ديننا ويقدم لنا النصح، خاصة أن الفضائيات ما زالت سبوبتها الكبرى من برامج فتاويه وفتاوى أصدقائه ومريديه!! التقية لم تعد تجدى وتنفع فى زمن العم جوجل،
الإنكار لم يعد له مكان فى دنيا الإنترنت والتواصل الاجتماعى، الخواجة يوتيوب يوثق ويفضح ويعلن ويعرى، الخواجة يوتيوب انتصر على الشيخ أحمد عمر هاشم وأذاع له كلماته ودعوته للمصالحة صوتاً وصورة مع الإخوان القتلة أو «الخوان المسلمين» بالجملة والحرف واللفتة والسكتة، ولكن للأسف الذى لم يذعه أو يعلنه الخواجة يوتيوب هو حزننا وغضبنا وخجلنا وصدمتنا فى الشيخ الذى كان، الشيخ الذى كان يسمع منه البسطاء أحاديثه عن الصدق والأمانة فيحلمون بمجرد لقائه لكى يعلمهم أكثر عن تلك الفضائل. نكتفى بهذا القدر فمن الممكن أن تكون لحوم العلماء مسمومة فعلاً وناخد مقلب!! أما لحمنا نحن فمش مشكلة، فمن الممكن عمله بانيه وروستو وهضمه بسهولة، فالليبرالى والعلمانى وكل من يريد الحرية والتقدم لهذا الوطن لحمه مستباح، سواء كان بالعضم أم مشفّى، وسواء كان well done أو كفتة!!
نقلا عن الوطن