د. مينا ملاك عازر
دق الباب في حجرة ما، في جهة ما، ودلف منه دون انتظار الإذن بالموافقة للدخول، رجل ممتقع الوجه، مغمض معظم عينيه، وهو يشاور مسلماً، ليترك العنان للسانه لينطلق معبراً عن دهش وتلعثم، معبر عن لخبطة داخلية هائلة أفاض بهذا كله للرجل الفخم الذي يجلس وراء المكتب الفخم حيث قال الرجل الداخل يفكروا!!!.
فرد الفخم في هدوء اهدأ، ماذا جرى؟ فسأل الرجل المندهش ألم تسمع سيادتك خطاب سيادة الرئيس؟ شعر الرجل الفخم أنه فخ ومنصوب له من أحد مساعديه، فعلت نبرته بحدة ملحوظة -وتبدو أنها مقصودة لكي تكسر الفخ مبكراً- ومنذ متى أنا لا أتابع الخطاب، طبعاً تابعته، ماذا تقصد بسؤالك هذا؟ تغاضى الرجل الذي لم يزل واقفاً عن نبرة الحدة في السؤال، وقال متسائلاً مفضياً بكل ما في قلبه من اندهاش، إذن لماذا لا تندهش مثلي؟ لماذا لم تجتمع بنا لنناقش تلك التغيرات الجديدة التي استجدت بحسب رغبات السيد الرئيس؟ فقال الرجل الفخم وهو يشعل سيجاره ينفث فيها غضبه ويبقي على صبره، وماذا بخطاب الرئيس يستدعي اندهاشك واجتماعنا؟ وتابع هذا في سرعة قائلاً أعرف أن كل كلمة يقولها الرئيس مهمة وتستحق الدراسة لكن ما الذي يستدعي الاندهاش!؟.
فأجاب الرجل وهو يميل للأمام، وكأنه يفضي بسر، وقال أن الرئيس يطلب من الحكومة إنهم يفكروا له في آلية لتنفيذ شيء ما أراده، فسأل الرجل الفخم وما العجب في هذا؟ فقال الرجل وهو يخفض نبرة صوته ويضغط على حروف كلماته، هؤلاء لا يفكرون، وتابع في حسم من أهم شروط اختيارنا لهم أنه لا يفكرون ولا يسمعون الشعب لا يرونه، أليس كذلك؟ إذن كيف يطلب منهم الرئيس هذا؟ ألا يعلم الرئيس أنهم لا يمتلكون تلك الصفة الذميمة، هم ينفذون فقط رغباته ورغباتنا، فابتسم الرجل الفخم ابتسامة كادت تصل للضحكة، وهو يقول الرئيس بقوله هذا ينفي عنهم ما قلته الآن، وما أشيع عنهم بين الشعب، يوحي بأن لهم حرية التفكير، وأنه منحقهم التفكير، وأنهم يستطيعوا هذا، فاستعاد الرجل المندهش وقفته الطبيعية وهو يبتسم، حسناً فهمت،ولكن أخشى أن يصدقوا هذا ويحاولون التفكير -بعد الشر- ويتعودون على هذا ويعملون به في باقي القضايا، فقاطعه الرجل الفخم وهو يلوح له بملف هذه هي الآلية التي يريدها الرئيس معدة خذها وأرسلها لهم، ودعها تأخذ دورتها بين المجلس ومجلسهم والبنوك لتتم على خير دستورياً، قال الكلمة الأخيرة وهو يحاول كتم غيظه من ذلك الذي يشعر أنه يكبله للأسف،التقط الرجل الذي كان مندهش الملف وخرج مسرعاً لينفذ التعليمات، وليرى مشروع الفكة النور مثله في ذلك مثل مشروع القرش مع اختلاف الأغراض والأهداف والمفكرين لكنهم كلهم أبقوا وسيبقون مصر محلك سر للأسف.
المختصر المفيد من مشروع القرش لمشروع الفكة والسلف والإجبار، لا تبني الدول، صدقونا بقى.