كتب: محرر الأقباط متحدون
قال الكاتب كمال زاخر، مؤسس التيار العلماني القبطي، إن وجود قانون ينظم بناء الكنائس يعد شيئًا هامًا ونحن قفزنا قفزة أمامية إلى الأمام بهذا القانون، فمنذ عام 1934، كان بناء الكنائس يدار وفقًا لقرارات يصدرها وكيل وزارة الداخلية، وظل بناء الكنائس يدار بهذا الشكل إلى الآن.
وأضاف "زاخر"، أن واجه الأقباط ذلك طوال هذا السنوات فكرة البناء بالتحايل وبالتالي أصبح الأمر حاجة إنسانية فممارسة الشعائر الدينية حق إنساني، فمنذ عهد الملك فؤاد كادت تعليمات بناء الكنائس كأنها تعليمات لعدم البناء، حيث وضعت شروطًا متعنتة سميت بالشروط العشرة يجب توافرها للسماح بالبناء وظل الحال إلى عهد عبد الناصر والسادات قام بإحياء الخلايا الإسلامية النائمة، ولم يسمح لأي فصيل سياسي بأن يعمل بالجامعات إلا الإخوان، والذين دفعوا الفاتورة هم الأقباط.
وأوضح "زاخر"، أن الإخوان بدأوا في استهداف الأقباط على مرحلتين، ومن هنا ظهرت بداية الفتنة الطائفية، وخاصة 1972، مع أحداث الزاوية، وظهرت لجنة تقصى الحقائق وظهر تقرير العطيفي الذي كان سابقا لعصره، وبالتالي تجد نفسك أمام سطر من التاريخ، حيث قال فيه: "وخلصت اللجنة بأن الاحتقان الطائفي يدور على محورين الأول الخطاب الديني والثاني بناء الكنائس"، وتعود الأيام ويدعو الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى نفس الشيئين تجديد الخطاب الديني وبناء الكنائس.
وأشار المفكر القبطي أن هناك بعض العقوبات التي صادفها القانون، فالمادة 235 من الدستور تنص على التزام البرلمان في أول انعقاد له بإصدار قانون لبناء الكنائس بما يكفل حرية الأقباط بممارسة عبادتهم، إلا إننا تفاجئنا بالحكومة تتقدم بمشروع القانون لمجلس النواب وتوحي للأعضاء بأنه حين عدم الالتزام به فإن المجلس معرض للمشكلات لمخالفتهم للدستور، وهذا ما يخالف النص، وكان يجب على الحكومة المناقشة مع المعنيين بالقانون وهم، ولكن ما حدث هو مخاطبة الحكومة للكنيسة فقط وظل مشروع القانون دائرا بين الجانبين للتعديل في 17 جولة، مما يوحي بتعنت الحكومة في الاستجابة لمطالب الكنيسة في إزالة ما به من ألغام.
ولفت "زاخر"، إلى أن "حشدنا لمؤتمر جماهيري ثم للتنسيقية لبيان أوجه اعتراضنا على القانون حضرهما مفكرون مسلمون أكثر من المسيحيين وتوجهنا لمكتب الرئيس وللواء أحمد جمال الدين مستشار الرئيس للشأن الأمني والملف القبطى لنعرض عليه أوجه اعتراضنا وننتظر الرد، فالقانون في مادته الثانية يصر على فكرة ربط الموافقة بترابط المساحة مع العدد والحاجة، وبالتالي يحيلها إلى أمور تقديرية، ومن هنا التساؤل من يعرف عدد الأقباط في مصر، ثم في المادة من 3 إلى 5 تعطي للمحافظ السلطة التقديرية في الموافقة، ويأتي التساؤل لماذا لا يخضع بناء الكنائس إلى مجلس المدينة مثلها مثل بناء المباني الأخرى".
وتابع: "هناك أمر آخر في قانون 119، على مقدم الطلب أن يحصل على الموافقات ويحصل على الاشتراطات التي يتطلبها القانون بدون تفسير له، وهذا القانون له اشتراطات بعدم البناء على الترع وأملاك الدولة، ولكنه أعطى لوزير الزراعة إصدار قرارات القوانين باستثناء بعض الجهات مثل المباني العامة، المساجد والمدارس والمطافئ ومن هنا نطالب إما أن يعدل قانون بناء الكنائس ويقال به إن تعامل مثل المساجد والمباني العامة، أو تعديل وزير الزراعة للقانون الذي أصدره ويدرج بها الكنائس مثلها مثل المساجد، وهناك مادة تقول إنه لا يحق تغيير النشاط الذي بنيت من أجله الكنيسة وملحقاتها، ومن المعروف أن الكنيسة تنشئ مبنى للخدمات كالحضانات والقاعات، ومن هنا يظهر الجدل نظرًا للتطور الاجتماعي فأسباب الملحقات قد تتغير، وبالتالي الموافقات المطلوبة قانونًا تكون وفقًا لرؤية المحافظ والوزير".
وأوضح "زاخر" أنه لابد من النظر في بادئ الأمر إلى الأزمة التي يعانيها الأقباط منذ بدايات القرن العشرين، ألا وهي التمييز، ومن ثم لابد من إصدار قانون ضد التمييز بصفة عامة أولًا، للمرأة والأطفال والمعاقين والمهمشين، والأقباط، ومن هنا نضع الأساس، ثم يخرج قانون للعدالة الانتقالية، وهناك نص دستوري يلزم البرلمان بإصدار قانون للعدالة الانتقالية، فلابد من مقدمات تؤدي إلى نتائج.
وقال إنه عندما نتحدث عن تعامل الدولة مع الأزمات التي يعانيها الأقباط في الفتنة الطائفية، نتحدث عن الدولة لابد من تحديد المصطلح، وعندما أتحدث عن الدولة أتحدث عن الإدارة المحلية، للأسف ما زالت المحافظات وخاصة الملتهبة مثل المنيا، بها كم من التناقض في مختلف نواحي الحياة هو الذي أحدث التطرف بها، وما يسمى بهيئة بيت العائلة فشل في أهدافه، حيث فاجئنا بتدعيمه للحلول العرفية لحل الأزمة، ولكن لابد من تواجد القانون، فعليه مراجعة نفسه وما الذي يعرقل اقتحامه لعرين الخطاب الديني، ومن جهة أخرى الحلول التقليدية التي تحل الأزمات ليست فعالة .
وأضاف أن عدم ظهور تعداد رسمي لعدد الأقباط في مصر حتى الآن، بسبب أن الدولة لا زالت تعيش في أجواء الثورة الصناعية، فكان يتخيل أنه حينما يظهر عدد الأقباط فيتم المطالبة بحقهم في السلطة والحكم، وهذا تخيل ساذج لأسباب عدة، أولها أنه لم يتواجد بالمجتمع المصري تقسيم أحياء على حسب الأديان، والسبب الثاني أنه في دولة المواطنة لا توزع الحقوق بنسبة الحصص، ولكن على أساس الكفاءة، فتاريخيًا لا نستطيع تجربة التجربة اللبنانية المبنية على الأرقام، وثالثًا أن الانتقال من الثورة الصناعية لعصر الأرقام، نقلنا إلى فكرة المواطنة.
وأشار "زاخر"، ألى أم هناك آراء كثيرة حيال تعداد عدد الاقباط في مصر فقيل 20 مليونًا، و15، و5 ملايين، وأنا لا أميل إلى فكرة الإصرار على إظهار عدد الأقباط، ولكن على ماهية الأقباط، ومن هم الأقباط.
وأوضح أن الخطاب الحالي المتواجد في كثير من المؤسسات الدينية بعيد عن الدعوة بالموعظة الحسنة، وأيضًا في الخطاب المسيحي لابد وأن يعود إلى فلسفته الأولية، وهي أن يخرج لنا مواطنًا متسامحًا مع خط أفقي يصل به إلى الله وآخر رأسي يصل به إلى الإنسان، ولكن كثير من الخطابات تتجه إلى انكفاء المواطن المسيحي على ذاته، فالمجتمع فرض العزلة بين المسلمين والمسحيين، إذا المسيحي عليه دور مزدوج، وهو أن يكون عنصرا إيجابيا حتى يفرض نفسه على المجتمع، فالمجتمع لا يحتاج إلى قرارات وقوانين لكن يتبنى فكرة التنوير وهو إضاءة المناطق المعتمة في الذهنية العامة فعلى المسيحى أن يتخلى عن سلبيته.
ونفى ما أشيع عن أن هناك اتصالات تليفونية تلقاها نواب الأقباط من قبل قيادات كنسية ودعوتهم للموافقة على قانون بناء الكنائس دون مراجعته، مؤكدًا أن هذا الحديث غير دقيق، فنحن لا نتعامل مع انطباعات أو تسريبات، ولكن نتعامل مع القضايا الحساسة بناء على معلومات، فنحن لا نعول عليها، لأن في النهاية لا نسأل الأسقف، ولكن الذي سيسأل هو النائب، التاريخ من يرحم كل من أخل بواجباته.
وشدد على رفضه كوته المسيحيين وقال :أنا واحد من الذين رفضوها، وهوجمت هجومًا كبيرًا من الكثير، لكن كنت أراها التفافًا على الدولة المدنية فكل مكتسبات الدولة المدنية التي جاءت بعد محمد على واصطدمت بالسادات تذهب إلى حيث لا نراها، وأعدها أحد أوجه التمييز وتكرس الطائفية وعندما نقيم الكوتة في البرلمان الحالى نجد التجربة تؤكد ما رأيته بأنها لا تضيف إلى الديمقراطية ولا الأقباط، وبالتالي تصبح الكوتة هي شر من الألف إلى الياء.
وعلق المفكر القبطي، على مسألة الأساقفة المغضوب عليهم في العهود السابقة هناك من أعيد مرة أخرى، وهناك من يخدم بالولايات المتحدة رغم استبعاده، قائلًا "أنه في حدود معلوماتي الكنسية هي مجموعة من البشر وقيادتها في النهاية بشر، وما نحن فيه الآن نتيجة تشابكات حدثت في حبرية قداسة البابا شنودة والممتدة لأربعين سنة وانتهى الأمر إلى أن أغلب الأساقفة كانوا من تلاميذ وأبناء البابا شنودة، وهناك من استقر في ذهنه أنه ليس في الإمكان أحسن مما كان، وهنا يحدث صراع بين الحرس القديم ودعاة التطوير، وهو الذي ألقى بظلاله على فكرة العفو وإعادة قراءة ملفاتهم، وأي تغيير في المؤسسات التقليدية لا يأتي بطفرة، وبالتالي البابا البطريارك أمامه كل التشابكات لا يستطيع - حتى إذا أراد - إصدار قرارًا بالتطوير المفاجئ، وعليه مراعاة الموروث الثقيل والتجريف الثقيل وعدم إحداث صدمة حتى لا يأتي بنتائج وخيمة".
وأوضح في أمر إلزام الكنيسة المقبلين على الزواج بتلقى دورات المشورة الأسرية كشرط لعقد الزيجة، أن الضرورة هي التي تنتج القرار في الكنيسة، وفي الفترة الأخيرة دخل على المجتمع المصري النزاعات الأسرية والتي لا يمكن حلها عن طريق تدخل البيت الكبير فظهرت أزمة الأحوال الشخصية، ومن هنا ارتأت الكنيسة خلق آلية لتجنب القدر الأكبر من هذا القضايا، وتلك الآلية ظهرت في مجتمعات وكنائس سبقتنا، فالفكرة والمبدأ صحيحين.