چاكلين جرجس
" الدنيا هات وخد " تصريح غريب وعجيب وغير منطقي أن يصدر على لسان أحد أساقفة " الحشد المقدس " الذي أعدته الكنيسة ليكون في استقبال الرئيس السيسي فى نيوجيرسي ، لأنها لهجة برجماتية نفعية يمكن تقبلها على مضض من أهل السياسة أو بتفهم لوجاءت على لسان تجار الفاكهة في مزاد لبيع المعيوب من البضاعة ، أما " شيلني واشيلك " و"سيب وأنا أسيب" و" التقيله عليه والخفيفه عليك إكراماً ليك يامعلم " ..
الطريف والغريب أن ينبري بعض النخبة للدفاع عن فكرة حشد الكنيسة لإعداد تظاهرة لتأييد الرئيس مستعرضاً متباهياً بخبرته البحثية المعملية الفذة في قراءة فصول تاريخ الكنيسة الوطنية وعلاقتها بالدولة المصرية ، وكيف أن الكنيسة طول عمرها بتمارس سياسة ، ويكاد يجزم ( سامحه الله ) أن الكنيسة طول عمرها أداة في يد السلطان ، وعليه يوجه اللوم إلى من يرفضون قرار ودور الحشد الكهنوتي المكلف به لتأييد الرئيس باعتبار أن القرار وطني صحيح معتاد من قبل كل بطاركة الكنيسة عبر تاريخها ، ولم يخجل وهو يذكر قبل أن نذكره نحن بموقف حدث في التاريخ القريب عندما رفض قداسة البابا شنودة الثالث الموافقة على السفر إلى القدس إلا بعد تحريرها وبرفقة الإمام الأكبر شيخ الأزهر ، وهو مثل من بين عدة أمثلة تدحض الاتهام الخاطئ الذي ساقه في معرض الدفاع عن السفرية المقدسة ، إلا أنه يذكر أن قداسته تم معاقبته بالإبعاد عن كرسيه ، وكأنه يوجه في مقاله تحذير شديد اللهجة إلى كنيسة الحاضر والمستقبل ألا تخرج عن دورها التاريخي المعهود وإلا فالعقاب وارد والتأديب معروف !!! ..
أعود إلى مقولة الانبا يؤانس "الدنيا هات وخد " ، و حتى بالمنطق التجاري للعبارة أسأل : ماذا أخذت الكنيسة ؟! أو اخذ جموع الأقباط .. هل تقصد الموافقة على قانون بناء الكنائس الكأس المر الذى تجرعه الأقباط وهم في حالة نكد وكدر وغم غير مسبوقة ، أم أنك توافق شريك رحلتكم الاكليروسية غبطة الأنبا بيمن في مقولته أن الأقباط هم اسباب الخلافات الطائفية بنسبة 60% ؟ !!
كلام أخر عجيب في معرض تناول نخبوي أخر للزيارة " الرئيس لم يكن في زيارة لدولة نختلف عليها بل لمؤسسة أممية ينقل الزيارة من المربع السياسي إلى المربع الوطني، وإفشال الزيارة وإظهار الرئيس بمظهر المرفوض شعبيًا كان يتم الترتيب له من نظام الإخوان وبعض الأجهزة الدولية ومنها الولايات المتحدة لحسابات الصراع على المنطقة وعودة الإخوان إلى السلطة، والترتيب لهذا كان يبنى على ركوب ملف القضايا القبطية الداخلية وينطلق منها. أما عن أداء الوفد الكنسي الرسمي فكنا أمام المحامى الفاشل لقضية ناجحة، ويجب مساءلة الوفد الكنسي الذي أُقحم على المشهد بغير داع، وبأدوات تجاوزتها اللحظة " .. مرة أخرى كلام عن مؤامرات كونية افتراضية ، وتضخيم لحجم وأثر جماعة الإخوان ، حتى بعد كل متابعتنا لمشهدهم العبيط الهزيل ، وأن زعامة رجال الدين للتظاهرة كرر مأساة مشهد كارثة ماسبيرو الذي جعل المتابع للمشهد يصورة على أنه بين الكنيسة والإخوان ، وهو ما ينسف فكرة المؤامرة وإسقاط الدولة وكل المراهقات الموالية للنظام بشكل خايب ، وللتخفيف من الشكل الموالي يعلن أن القضية ناجحة والمحامي فاشل ... كوميديا هزلية إعلان فشل الكنيسة التي يدافع عن قرارها ... وأثق أن قارئ موقعنا الاقباط متحدون الرائع قادر على التقييم لو فهم حاجة بس !!! ..
وفي النهاية فليعلم الشعب المسيحى أن عليه واجب السمع والطاعة دون إبداء أى إنزعاج أو إعلان رأى مخالف " أبن الطاعة تحل عليه البركة " .
ويبقى السؤال : هل يحتاج الرئيس السيسي لكل هذا الحشد والدعم وهو المؤيد من شعبه وبعد أن تغيرت مواقف معظم دول العالم من تقييمهم السلبي لثورة 30 يونيو ؟ ..
المتابع لحوارات الرئيس يجد أن ذلك الحشد المقدس لم يمنع الإعلام الغربي من سؤاله عن أبعاد التراجع في مجال حقوق الإنسان والحريات والممارسات الديمقراطية ؟!
الحكاية ابتدت لما تم تمثيل الكنيسة العتيدة والأزهر الشريف والأحزاب الدينية في اجتماع 3 يوليو لوضع خارطة الطريق ، فتصور الجميع وتبدى لكل الحضور أنهم شركاء في حكم بإطار ديني ، في خلط نعاني منه حتى الآن ، حتى أن النخبة باتت تخلط بين السياسي والوطني بشكل غير مقبول !!!
لقد طالب شباب الاقباط مراراً و تكراراً بعدم خلط الدين بالسياسة و بعدم تدخل الكنيسة فى السياسة و التفرغ للشئون الروحية و افتقاد الرعية ، فإذا خرجت الكنيسة عن هذه القناعة ، فأرى أنها خرجت عن سبيل النجاح.