الأقباط متحدون | ألغام في طريق تقديم الشخصيات القبطية في الدراما المصرية
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٤:٠١ | الجمعة ٢٤ ديسمبر ٢٠١٠ | ١٥ كيهك ١٧٢٧ ش | العدد ٢٢٤٦ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

ألغام في طريق تقديم الشخصيات القبطية في الدراما المصرية

الشرق الأوسط- طارق الشناوي | الجمعة ٢٤ ديسمبر ٢٠١٠ - ٣٢: ٠٢ م +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

فيلم «الخروج» وتساؤلات من دبي إلى القاهرة

من المؤكد أن فيلم «الخروج» الذي شهد العرض الأول له مهرجان دبي السينمائي الدولي لا يمكن أن يمر بسهولة للعرض الجماهيري في مصر.. الفيلم لم يحظ بالمناسبة بأي جائزة من المهرجان ورغم ذلك فقد استحوذ على القسط الوافر من ردود الفعل المتباينة بين مؤيد ومعارض.

هذا هو أول إخراج لهشام العيسوي الذي شارك أيضا في كتابة السيناريو.. تناولت الأحداث عائلة مصرية تدين بالمسيحية وإلى هنا والأمر يبدو عاديا ولكن استطاع المخرج أن يقتحم الخط الأحمر في التعامل مع الشخصية القبطية وتغلغل أكثر في تفاصيل هذه العائلة فنرى الابنة الكبرى التي لعبت دورها صفاء جلال وقد صارت فتاة ليل تبيع شرفها من أجل أن تضمن حياة كريمة لابنها.. الشقيقة الصغرى الوجه الجديد ميرهان على علاقة غير شرعية بشاب مسلم لعب دوره الوجه الجديد محمد رمضان تريد الزواج منه وتهدده بأنها حامل.. زوج الأم أحمد بدير يلعب القمار ويستحوذ على أموال العائلة عنوة.. بالطبع لو أن هذه العائلة مسلمة فسوف يتقبلها المجتمع المصري بمسلميه وأقباطه دون حساسية ولكن طبقا لكل التجارب السابقة في التعامل مع الشخصيات القبطية التي تحمل أي قدر من الإدانة الأخلاقية في الدراما، سواء المسلسلات أو الأفلام، فإن الغضب بل والمظاهرات داخل الكنيسة وربما أيضا خارجها هو المصير الذي ينتظر مثل هذه الأعمال الفنية.

تعودنا في الدراما أن نضع أوراق «السوليفان» على الشخصية المسيحية وكأننا نرفع راية كتب عليها ممنوع اللمس أو الاقتراب الإحساس العام الذي يسيطر غالبا على صناع العمل الفني وأن المتفرج لا يريد أن يرى شخصية من لحم ودم وأنه فقط يقرأ عنوانها لكنه لا يتعمق في تفاصيلها.. كان يبدو وكأن هناك اتفاقا ضمنيا على ذلك بين صناع العمل الفني والجمهور، الجميع ارتاح إلى استبعاد الشخصية القبطية.

تصريح الرقابة على المصنفات الفنية بعرض فيلم «الخروج» في مصر يسمح فقط للمهرجان في إطار محدود بجمهور خاص ولكن العرض الجماهيري داخل مصر للجمهور العادي دافع التذكرة، أراه بعيدا عن التحقيق على الأقل في الوقت الراهن نظرا لحالة الغضب المرتقبة التي شاهدناها كثيرا في مثل هذه الأحوال.

المعالجات الفنية التي اقتربت من العائلة المصرية القبطية وجهت لها انتقادات مباشرة من الكنيسة الأرثوذكسية في مصر، رغم أن المعالجة الفنية لم يكن يهدف منها الحديث عن الديانة بقدر ما هو تناول عائلة مصرية مسلمة أو مسيحية.

على سبيل التذكرة فقط، فإن السنوات الأخيرة شهدت أكثر من غضبة عارمة بسبب أعمال فنية تعاملت بحساسية وهدوء مع العائلة القبطية في مصر ورغم ذلك وجهت لها انتقادات حادة، منها مثلا مسلسل «أوان الورد» الذي لعبت بطولته سميحة أيوب ويسرا.. سر الغضب هو أن سميحة لعبت دور امرأة قبطية تزوجت مسلما حتى أن كاتب المسلسل وحيد حامد اضطر أن يضع على لسان الشخصية المحورية في المسلسل حوارا قبل نهاية الحلقات لم يكن في السيناريو الأصلي وذلك في محاولة منه لامتصاص الغضب، حيث قالت روز وهي الشخصية التي أدتها سميحة أيوب، إنها لو عادت بها الأيام فلن تتزوج مسلما وذلك رغم أن المسلسل كان حريصا على التأكيد أنها لم تتخل عن ديانتها المسيحية، فإن مساحة الغضب كانت أكبر من توقع الجميع ولم يقلص ذلك أن مخرج المسلسل سمير سيف مسيحي متدين.. لقد كان بالمسلسل فريق متعادل من المسلمين والأقباط خلف الكاميرا حتى يضمن ألا يثير حفيظة أحد، ما دام أن أقباطا شاركوا في صنعه إلا أن الاحتجاجات ازدادت واضطر البابا شنودة إلى إقامة سحور قبل نهاية رمضان في الكاتدرائية لإنهاء هذا الاحتقان الذي اشتعل في رمضان 2001 وقت عرض المسلسل.. مسلسل «بنت من شبرا» عرض بعدها بنحو ثلاث سنوات بطولة ليلى علوي، أثار الغضب لأن البطلة أشهرت إسلامها حتى أن التلفزيون المصري الرسمي بعد أن أعلن عن عرضه في رمضان تراجع قبل 24 فقط من بداية البث ولم يعرض المسلسل بعدها إلا في قناة خاصة وكأن الدولة تريد أن تقول للأقباط إنها ليست مسؤولة عن العرض.. مسلسل «مين اللي ما يحبش فاطمة» بطولة شيرين سيف النصر واجه أيضا مساحات من الاحتجاج المسلسل قصة أنيس منصور وذلك لأن البطلة أيضا أشهرت إسلامها في نهاية الأحداث.. في مسلسل «يا رجال العالم اتحدوا» الذي كتبه عاطف بشاي ورغم ذلك لم يخل الأمر من غضب لأن حسن حسني كان يؤدي في المسلسل شخصية رجل مسيحي يريد الطلاق من زوجته ولهذا يفكر في تغيير الطائفة وليس الديانة حتى يتمكن من الحصول على الطلاق، اعتبر هذا السلوك من بعض الأقباط يتنافى مع الدين.

أما الفيلم الذي حظي بأكبر مساحة من الغضب فهو «بحب السيما» عام 2004 إخراج أسامة فوزي وتأليف هاني فوزي وبطولة ليلى علوي ومحمود حميدة، كان أول فيلم يتناول عائلة مسيحية، الزوج والزوجة والابن، لم يتحمل قطاع عريض من الأقباط ذلك وخاصة أن الفيلم اتهم من قبل بعض المغالين بين «الأرثوذكس» بأنه يروج للمذهب «البروتستانتي».. مشاعر الغضب والرفض امتدت أيضا إلى أحد رجال الدين في الكنيسة البروتستانتية وهو د.إكرام لمعي، تساءلوا كيف يسمح بتصوير قبلة بين منة شلبي وإدوارد في الكنيسة.. شكلت الدولة وقتها لجنة للتصريح بالفيلم وحرص آنذاك الرقيب مدكور ثابت على أن يشارك في عضويتها أكبر عدد من الأقباط من نقاد وكتاب ورفضت اللجنة التصريح بالفيلم، بل طالب بعض أعضائها بالاستعانة برجال الكنيسة لأخذ الموافقة أمام ذلك الرفض وتم تشكيل لجنة أخرى أيضا ضمت أغلبية عددية من الأقباط روعي في تشكيلها أن يكونوا أكثر مرونة في تقبل وجود عائلة مسيحية في الدراما وبالفعل وافقت اللجنة على الفيلم دون محذوفات.. الغريب أن الجمهور لم يقبل على الفيلم، حيث شهدت الإيرادات تراجعا وهو نفس ما حدث أيضا قبلها بعام مع فيلم عنوانه «فيلم هندي» 2003 يقدم علاقة بين صديقين مسلم ومسيحي لعب بطولته أحمد آدم وصلاح عبد الله، إخراج منير راضي، الغريب في هذا الفيلم أن أغلب النجوم الذين رشحوا لأداء دور الشاب المسيحي الذي لعبه بعد ذلك صلاح عبد الله اعتذروا بحجة أن الجمهور لن يقبل على الفيلم لأنه لم يتعود أن يرى شخصيات قبطية في دور البطولة.

الحقيقة هي أن المشاهد المصري وأيضا العربي تعود على رؤية الشخصيات المصرية في الأغلب مسلمة وإذا قدمت شخصية قبطية فإنها غالبا إيجابية، مثلا مرقص أفندي في «أم العروسة» قبل نحو 45 عاما، هذا الدور الذي أداه منسي فهمي كان عليه أن يتستر على عماد حمدي وينقذه من الفضيحة حتى لا يعرف أحد أنه اختلس من الخزينة للإنفاق على فرح ابنته.. آخر شخصية محورية قبطية قدمت في فيلم «حسن ومرقص» 2008 التي أداها عادل إمام، حيث لعب دور أستاذ علم اللاهوت وحرص عادل إمام على أن يلتقي البابا شنودة ويطلعه على الشخصية قبل الشروع في تصوير الفيلم وبالفعل تم إجراء بعض التعديلات الدرامية ليصبح بدلا من قسيس أستاذا في علم اللاهوت وبالطبع فإن موافقة البابا لعبت دورا في تقبل عدد كبير من الأقباط لشخصية مرقص، كما أن السيناريو الذي كتبه يوسف معاطي قدم إطارا هندسيا صارما ليضمن الحياد الدرامي التام بين المسلمين والأقباط في كل المواقف وتلك «السيمترية» أي التماثل الشديد في المواقف خصمت الكثير من قيمة الفيلم أصبحنا بصدد معادلة حسابية وليس عملا فنيا.

هذه المرة مع فيلم «الخروج» لا توجد هذه المعادلة، رغم أن المخرج ربما بعد نصيحة من أحد العاملين بالفيلم، قدم علاقة هامشية عاطفية موازية بين قبطي ومسلمة.. مأزق هذه الأفلام هو أن المتفرج لم يألف رؤية شخصيات قبطية تمارس أي قدر من الانحراف طوال تاريخ الدراما ولهذا تنتقل الحساسية التي نراها في الشارع إلى دار العرض وبدلا من أن يشاهد الجمهور شريطا سينمائيا به عائلة مصرية بعيدا عن ديانتها سوف يراها عائلة قبطية، بل ويعتبرها البعض في هذه الحالة تحمل إدانة شخصية وليست درامية نكتشف أن بين المثقفين الأقباط عددا منهم يرفض أن يرى شخصية قبطية منحرفة ورغم ذلك فإن الحل لا يمكن أن يصبح هو المنع الرقابي ولكن أن يألف الجمهور مشاهدة العمل الفني ولا يرى شخصيات تعبر عن أديان بقدر ما يراها تحمل هموم وأحلام وإحباطات عائلة مصرية.

يجب أن نعترف بأن ما نراه في الدراما من حساسية تتحمل وزره الحياة الفنية والثقافية المصرية لأنه كلما طال الابتعاد والغياب زادت الحساسية ولكن على صناع الأعمال الفنية أن يواصلوا الطريق ويمنحوا الشخصيات القبطية حضورها الدرامي.. لدي ملاحظات متعددة على فيلم «الخروج» ولكني أدافع عن حق المخرج في أن يرى فيلمه النور ويعرض على الناس.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.
تقييم الموضوع :