الأقباط متحدون - ثقافة العمى!
أخر تحديث ٢٢:٤٨ | الاثنين ١٩ سبتمبر ٢٠١٦ | توت ١٧٣٣ش ٩ | العدد ٤٠٥٦ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

ثقافة العمى!

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

بقلم: عـادل عطيـة
   في المستشفى الأمريكي بمدينة طنطا، بمصر.. وُضعت سيدة مسلمة على وشك الولادة على سريرها الذي يعلوه صليبا. فالصليب بالإضافة إلى مدلوله الديني لدى المسيحيين، كرمز للفداء والخلاص، هو علامة دولية للخدمة الطبية، والعلامة الوحيدة الأصلية؛ فالصليب هو الوحيد الذي تخضب بالدماء المقدسة، وليس الهلال، وليست نجمة داود، ولا غيرهما!

   لكن زوجها اعترض على وجود الصليب المرفوع على رأس زوجته، وطلب بغضب شديد، رفعه من على الحائط، قائلاً: "لا أريد أن يكون الصليب أول ما يراه طفلي"!

   رفضت إدارة المستشفى طلبه، ربما لأن هذا الموضوع يخضع للنظام العام للمستشفى. وخرج طفله إلى النور.. ومع ذلك لم ير النور، ولم ير الصليب؛ فقد ولد أعمى!

   ليست مشيئة الله أن يولد إنسان أعمى. ولكن لا يولد إنسان أعمى في هذا العالم ما لم يكن هناك خطأ ما.. وهل هناك خطأ فادح أكثر من أن نعمي عيوننا، ونفرض عمانا على أولادنا؟!

   مسكين هذا الإنسان؛ لأنه يعيش في وطن ديني محاصر بالعمى، ومكبل بالظلام، ومعزول بثقافة غض البصر!

   يعيش بين أمة قادتها لا يحسون بالضوء، ولا يمنحون غيرهم الحق في الابصار!

   أمة تضطهد العين؛ فتحجب المرأة، وتحرق الصور والأفلام، وتمزّق اللوحات الفنية، وتهرق الألوان، وتجرّم الشاشة الصغيرة، والكبيرة، وتطمس الآخر!

   وكأن الصور محاكاة لله، ومدعاة للعبادة!

   وكأن النظر إلى المرأة، تقود حتماً للخطيئة!

   وكأن أهل الكتاب، برموزهم، سيزلزلون أركان إيمانهم!

   وإن اخضع أحدهم نفسه للنور الذي أشرق عليه؛ يحاربونه، ويزهقون روحه بحد الردة!

   أنهم لا يدركون أن غياب الرؤية، يضاعف العمى. وإذا لم يكتشف المتعصبون هذه الحقيقة؛ فسيعيشون محرومين من الحقيقة، ويظل الحق بعيداً عن ادراكهم!

   ان عليهم التزام بأن يفتحوا عيونهم متسعة، وان يقوموا ببعض القفز فوق جدران: الاستعلاء، والتعصب، وكره الآخر. أو يتمثلوا بالأعمى، الذي يتلمس طريقه في الظلام؛ فيلتمسوا طريقهم إلى الحقيقة في ظلام الآخر ـ إذا كان هناك ظلام في الآخر كما يدّعون ـ، وإلا سيدفعون ثمن عماهم.. ويا له من ثمن!


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع