حمدي رزق | الاثنين ١٩ سبتمبر ٢٠١٦ -
٢١:
١١ ص +02:00 EET
حمدي رزق
بالمرة لم يكن الأنبا «يؤانس»، أسقف أسيوط، أو الأنبا «بيمن»، أسقف نقادة وقوص، موفقين كموفدين عن الكنيسة المصرية إلى أقباط المهجر لحثهم على الخروج ترحيباً بالرئيس السيسى خلال حضوره اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
ورغم المعنى الوطنى الكامن فى رسالة البابا، ومتّنه بيان الكنيسة الصادر فى القاهرة، إلا أن الأسقفين لم يكونا على قدر المهمة، ذهبا وكأنهما يحملان أمراً كنسياً مُطاعاً، ونحن جئنا إليكم بأمر بابوى مُطاع.. وابن الطاعة تحل عليه البركة.
ليس هكذا أبداً تُورد الإبل فى الغرب، وإخواننا فى المهجر ثقافة وتعليماً، وتحديداً جيل الشباب منهم، لا ينتظرون من القاهرة حاملى البركة، ولكن ينتظرون مَن يخاطب عقولهم، ويجيب عن أسئلتهم الحائرة، كانوا فى حاجة ماسة إلى حوارات شفافة وصريحة تحترم عقولاً تربت فى حيوات أخرى بعيداً عن فروض السمع والطاعة.
لا يُتخيل أبداً أن الجيل الجديد من أقباط المهجر يعامَل بطريقة عتيقة هكذا، «طالما سيدنا باعت حد.. يبقى نعَلِّى راسه»، حقيقةً يغيب تماما مغزى العبارة، لا أعرف كيف يكون خروج الأقباط للترحيب بالرئيس يُعلى من رأس الأساقفة، الخروج إن خرجوا فمن أجل أغلى اسم فى الوجود أو هكذا أفهم مغزى الرسالة البابوية، عندهم حق شباب الأقباط فى المهجر أن يغضبوا من هذه الصيغة المعلبة القادمة من القاهرة، ويحتجوا لدى أساقفتهم فى المهجر قولاً وفعلاً.
لم أستغرب حفاوة بوابة الإخوان «الحرية والعدالة» وجل البوابات والمواقع والصفحات السلفية بتصريحات ولا أسوأ، تصريحات صادمة لأقباط الداخل والخارج قال بها أنبا «بيمن» فى المهجر، كما يقولون: «جه يكحلها عماها»، يقول أنبا «بيمن»، مخاطباً أقباط المهجر، الذين يتقلبون على جمر ما يجرى لإخوتهم فى صعيد الوطن، قال لا فُضَّ فوه قولاً خطيراً: «60 بالمائة من مشاكل الأقباط سببها الأقباط أنفسهم وعدم حكمتهم وكلامهم بالعمل وعلاقات عاطفية كما حدث فى إسنا وأرمنت»!!.
مستمسك سلفى، شكراً، شكراً، أنبا قوص ونقادة خلَّص القضية لصالح السلفيين، والشكر موصول من الإخوان إلى السلفيين لنيافتك، تخيل الأنبا «بيمن»، المرسوم أسقفاً قبل ربع قرن من الزمان، القادم من نقادة فى الصعيد، تخونه عبارة مثل هذه، ويخطب فى أقباط المهجر، مبرراً الاعتداءات على أقباط الصعيد، قائلاً: «حتى أمريكا ليس بها أمن»، اشرح هذه العبارة، يعنى إيه، بتبرر إيه، غريبة.. أسقف نقادة يتحدث عن الأمن فى أمريكا، إحنا فى إيه ولا فى إيه، أصلاً انت رايح ليه، للأسف مضطر للقول فعلاً البابا تواضروس لم يُحسن اختيار سفرائه!!
وعندما يستحث الأنبا يؤانس أقباط المهجر للخروج للحفاوة بالرئيس ماذا قال لهم، هل قال لهم: هذه خروجة فى حب الوطن، حفاوة برمز الوطن، قال لا فُضَّ فوه هو الآخر: «ولابد أن يعلم الجميع أن الأقباط هنا قوة، وإذا خرج عدد صغير منا فسنظهر كضعفاء» هى حرب يا أسقفنا؟!
غاب عنهما أن البابا قال استقبال الرئيس وحفاوة بمصر، لم يقل إنها الحرب، مَن الذى حوّر مغزى دعوة البابا لخروج الأقباط- محبين لمصر ورمزيتها الرئيس السيسى- إلى خروج لإظهار قوة الأقباط فى المهجر، لمَن وأمام مَن، ولماذا، الحفاوة مش كده، لا البابا طلب كده، ولا الرئيس طلب أصلاً من البابا كده أو كده.
إن خرجوا فحب، لا الخروج يعنى وطنية ولا القعود ترجمته خيانة للقضية، الرمزية فى رسالة البابا ضيَّعها سفيرا الكنيسة فى لجلجات كلامية، كان يكفى تبليغ الرسالة لأساقفة المهجر، وهم أهل لها، كلاهما (بيمن ويؤانس)، مع حفظ الألقاب، لم يكونا مؤهلين لحمل الرسالة، ضلت الرسالة أهدافها، ولم تصل إلى متلقيها كما استبطنها البابا، وصلت مُشوَّهة بالكلية، واستُغلت سلباً، وأخشى أنها ضلت طريقها تماماً.
نقلا عن المصري اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع