منذ بضعة أسابيع أصدر وزير التعليم قراراً بإلغاء امتحانات الميدترم، ولما ثارث ثائرة الناس اعتراضاً على القرار، أعلنت الوزارة أنها بصدد إجراء استطلاع رأى للوقوف على اتجاهات أولياء الأمور والمعلمين نحو فكرة الإلغاء. حتى الآن لا يعرف التلاميذ وأولياء الأمور والمعلمون هل سيتم تطبيق القرار أم سيتم العدول عنه. منذ أيام كشف مصدر بوزارة التعليم أنه من المقرر أن يحسم الوزير ملف إلغاء امتحانات الميدترم هذا الأسبوع، أى قبل بدء الدراسة ببضعة أيام.
ثمة أسئلة عدة جديرة بالطرح فى هذا السياق: يتعلق أولها بمصير استطلاع الرأى الذى أجرته الوزارة، فإذا كانت الوزارة قد أجرته بالفعل فواجبها أن تفيد الرأى العام بنتائجه، وبما أنها ارتضت به كآلية لصناعة القرار، فمن الضرورى أن يترجم قرارها النهائى هذه النتائج ويمثل استجابة لها، أما إذا لم يكن هناك استطلاع رأى ولا يحزنون، وأن الأمر لم يزد على كونه تصريحاً بغرض الاستهلاك المحلى، فيجب أن يساءل الوزير فى هذا الأمر، لأنه ليس من اللائق أن يتعامل مع المواطنين بهذه الصورة، فيقدم لهم تصريحاً خادعاً، كما أنه من العيب أن يتم اختزال مكانة العلم كأساس لصناعة القرار فى مجرد تصريحات للاستهلاك المحلى. فاستطلاعات الرأى العام علم، وتمثل أداة منهجية لترشيد صناعة القرار.
السؤال الثانى يتعلق بتأجيل حسم هذا الأمر حتى الساعات الأخيرة قبل بدء العام الدراسى، وهى آفة ثقافية مصرية. فنحن كثيراً ما نميل إلى إنجاز أعمالنا فى آخر لحظة، فنظل نؤجل ونؤجل حتى نفاجأ بقدوم الحدث، فنشتعل نشاطاً من أجل إنجاز ما أخرناه، وتكون النتيجة أن يتحول النشاط إلى فوضى وعمل غير هادف، ويستحيل القرار إلى لغو. ولست أدرى ما سر هذا التلكؤ -وبالبلدى «اللكاعة»- التى تتعامل بها وزارة التعليم مع موضوع «الميدترم»، وكأنها بصدد اكتشاف سر الذرة! أومال لو كان لدينا تعليم حقيقى كانت الأمور استغرقت أد إيه؟!
فيم الانتظار؟ والمسألة لا تحتاج أكثر من قرار يتخذه الوزير بناء على استطلاع الرأى الذى أجرته وزارته. هل تنتظر الوزارة الفرج؟ ومن أين سيأتيها وهى تضيق واسعاً؟ لقد سبق وأعلن رئيس قطاع التعليم العام الدكتور رضا حجازى -أوائل هذا الشهر- أن الوزارة سوف تمد استطلاع رأى أولياء الأمور 15 يوماً، وسوف تقوم بعرض نتائجه على لجنة مختصة لتقوم بفحصها، وقبل انتهاء مهلة الـ15 يوماً بساعات خرج علينا مصدر مسئول بالتعليم يتغنى بمزايا الاختبارات الشهرية، وقال فى هذا السياق: «إن النظام الجديد يصب فى مصلحة الطالب، لأن الامتحان الشهرى يمنح الطالب فرصة تقييم نفسه أولاً بأول، فى حين أن الميدترم يمنح الطالب فرصة واحدة، ويعنى ذلك أن الوزارة متمسكة بقرارها بإلغاء «الميدترم». كلام طيب، لكن هناك سؤالين نختتم بهما: أولهما.. لماذا تتلكأ الوزارة حتى الآن فى إعلان قرارها النهائى؟ وثانيهما: هل أيدت نتائج الاستطلاع إلغاء امتحان الميدترم، ووافقت العينة التى شاركت فيه على الاختبارات الشهرية؟ ظنى أنه لو كانت النتيجة بالنفى، فليس لذلك من معنى سوى أن الوزارة تسخر من العلم وأدواته، وتنظر إلى متلقى الخدمة التعليمية أو مؤديها على أنه «كمالة عدد»!
نقلا عن الوطن