- مُبارك يُطالب البابا "شنودة" بالتهدئة، و"عبد الرسول": عظة البابا عن "الصمت" بعد اللقاء لها دلالاتها!
- "إسلام كاميليا وآخرين وتنصير بعض المسلمين".. كتاب جديد أغضب الأقباط
- "ملاك لوقا": لم يصدر حكم قضائي واحد في صالح الأقباط منذ عام 1910!!!
- «مبارك» يطالب البابا شنودة بـ«التهدئة في هذه المرحلة الحرجة»
- "لكل شيء تحت السموات وقت"
بالقوة والدين والتكنولوجيا.. غزو الأوطان وحرب اللغات!
كتب: عبدالمنعم عبدالعظيم
استضاف متحف الآثار بالأقصر، د. "أشرف أحمد فراج" -عميد كلية الآداب بجامعة الإسكندرية وأستاذ العلوم اللغوية المقارنة بالكلية- في ندوة عن "حرب اللغات" أدارتها د. "سناء أحمد علي".
أوضح د. فراج أن للغزو اللغوى ثلاثة أوجه؛ الأول بالقوة الجبرية، والثاني ناجم عن الثقل الحضاري والنفوذ الديني، والأخير عبر الوسائل التكنولوجية.
بالقوة الجبرية!
وضح -أستاذ العلوم اللغوية المقارنة- أن الغزو اللغوي بالقوة الجبرية، يفرض فيه المستعمر لغته بالقوة الجبرية على السكان الأصليين للبلاد التى يستعمرها، وذلك بهدف طمس السمات اللغوية في لغتهم القومية، سواء كان هذا الطمس على مستوى المفردات، أو على مستوى التركيبات اللغوية والبناءات النحوية، وهذا المستوى الأخير هو الأخطر والأسوأ، على الإطلاق، لارتباط طرق بناء العبارة اللغوية بطرق التفكير العقلي والسلوك الاجتماعي، الذى يميز ثقافة وحضارة كل شعب على حدا، ويتم الإحلال على ثلاث مراحل؛ ظهور اللفظة الدخيلة، والصراع بينها وبين اللفظة الأصلية، ثم استسلام اللفظة الأصلية وانسحابها من جسمها اللغوي.
وعدد صور محاربة الاستعمار الفرنسي والإنجليزي للغة العربية، بإغلاق المدارس العربية، وإلقاء معلمي العربية في السجون، والترويج للغة المستعمر كنموذج للتحضر، والوجاهة، والثقافة.
وقال د. "فراج" أن الاستعمار الأنجلو فرنسي أشعل حرب اللغات، دافعًا بلغاته لكي تغزو اللغات الآمنة المستقرة، في قارات آسيا وأفريقيا وأستراليا، والعالم الجديد، معتمدًا على نفوذه السياسي وجبروته العسكري وإرثه الثقافي، وقاومت اللغات الوطنية دفاعًا عن بقائها، وسرعان ما انهارت أمام هذا الغزو اللغات الهشة، والغير مكتوبة.
وكانت اللغة العربية أكثر اللغات صمودًا لاعتبارات كثيرة، أهمها النقوذ الثقافي والديني، وتجذّر اللغة، كما صمدت من قبل في مواجهة الغزو الفارسي والأردي والتركي.
الثقل الحضاري الديني
ولشرح فكرة الغزو اللغوي الناتج عن الثقل الحضاري والنفوذ الديني، استخدم د. "فراج" النموذج اليوناني، الذي يتجلى في غزو اللغة اليونانية القديمة للغات العالم القديم في غرب أوربا، وخاصة اللاتينية لما تحمله من إرث ثقافي، وكيان حضاري رفيع، مكنها من أن تسود كل اللغات القديمة المعاصرة لها في غرب أوربا، ثم جاء الإسكندر الأكبر، ليوحد أوربا تحت لواء اللغة اليونانية، ثم تقدم لفتح شرق العالم، بداية من مصر، و بنى مدينة الإسكندرية على النموذج اليوناني، تخطيطًا وفكرًا وثقافة ولغة، حتى أصبحت منارة العلم والثقافة في العالم أجمع، وغزت اللغة اليونانية اللغة المصرية القديمة، واندفعت شرقًا لتغزو اللغة العبرية.
أما النموذج الثاني فهو العربي، والمتمثل في غزو اللغة العربية للغات غرب آسيا، وشمال وشرق وغرب أفريفيا، واللغة الأسبانية في جنوب غرب أوربا، فأكسب الدين الإسلامي اللغة العربية ثقلاً حضاريًا ونفوذًا روحيًا، ساعدها على الانتشار في آسيا، حتى وصلت إلى الصين، كذلك قضت اللغة العربية على اللغة اليونانية والمصرية المكتوبة بالخط القبطي، وامتدت إلى شرق وغرب أفريقيا وأسبانيا.
الوسائل التكنولوجية
النموذج الثالث في حرب اللغات؛ هو المعتمد على الوسائل التكنولوجية، وهو نوع من الغزو تخسر فيه اللغات المخترقة أساليبها وصيغها وتراكيبها ومفرداتها لصالح اللغة الغازية.
فالغازي لا يلجأ للعنف أو القوة الجبرية، عن طريق الترويج لثقافته عبر وسائل الإعلام المتطورة كالإنترنت، والمبهرة كالسينما، وتمثل اللغة الإنجليزية الأمريكية هذا النوع من الغزو للغات العالم أجمع، لتحقيق الهيمنة عن طريق عولمة أو أمركة العالم.
بدأ هذا الغزو من منتصف القرن العشرين، فقد كانت الولايات المتحدة مدركة منذ البداية أن أمركة العالم لن تتم بالتحكم في المقادير الاقتصادية للشعوب فحسب، بل أيضًا بتغيير نظمها الثقافية، وتجهيز عقليتها لتقبل النموذج الأمريكي في الحياة، لقد رصدت أمريكا أموالاً طائلة للوصول إلى هذا الهدف، وقد بات كثير من المفردات والصيغ والمصطلحات الإنجليزية الأمريكية تغزو لغات العالم، وراحت تتغلغل داخل أنسجتها، وتستقر لتبدأ مرحلة التجذّر.
مما حدا بفرنسا إلى تأسيس المنظمة الفرانكفونية؛ لخلق تكتل ثقافي لغوي فرنسي مضاد للتكتل الإنجليزي الأمريكي المتنامي، كذلك الصين وضعت خطة طموحة لنشر والحفاظ على اللغة الصينية.
مقاومة إليكترونية
تنبهت الأمم المتحدة لهذا المصير التعس الذي تواجهه لغات العالم، وأدركت المثالب التي قد تترتب على اندثار الثقافات المحلية، وضياع الخصوصيات الحضارية التي تؤدى لفقدان نعمة التنوع الثقافي والتعددية اللغوية، ولهذا دعت منظمة اليونسكو لحرب إليكترونية لغوية مضادة لكسر الاحتكار اللغوي الأمريكي، وتبنت مشروعًا للغة حاسوبية جديدة بشفرة عالمية، ويعد هذا المشروع نوعًا من الحرب اللغوية الإليكترونية المضادة.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :