رأب الصدع القبطي حتى لا يخسر الجميع
سليمان شفيق
٥٣:
٠٥
م +02:00 EET
الاثنين ١٢ سبتمبر ٢٠١٦
كتب - سليمان شفيق
تقف مصر والمنطقة في لحظة حرجة لا تحتاج إلي استقطاب ولا تعبئة لرأي عن أخر.. بقدر ما تحتاج تحديد المطالب والحوار حولها دون فرض رأي أو وصاية علي احد.. ومن اكبر أصحاب المظلوميات في المنطقة هم المسيحيين.. والمصريين المسيحيين لهم وضع خاص، كونهم تربوا داخل الكنيسة ولم يحملوا سلاحا إلا ضد المحتلين ورفضوا الاستقواء بالخارج مثل اغلب مسيحي المنطقة.. بل ووقفوا دفاعا عن وطنهم رغم اضطهادهم، وأعطوا أسبقية للاهوت الأرض قبل لاهوت العقيدة ولذلك سميت كنائسهم (الكنيسة القبطية) ارتباطا بالأرض ثم (الأرثوذكسية أو الكاثوليكية أو الإنجيلية ) -إشارة للعقيدة.
المواطنين المصريين الأقباط كمكون رئيسي لمكونات الأمة المصرية استطاعوا طوال قرن من الزمان ونيف أن يساهموا في كل الثورات المصر ( 1804_ 1882_1919_1952_ يناير 2011_ 30يونيو2013) كما لم يبخلوا بالعرق والدم في كل حروب القوات المسلحة، ودفعوا أثمانا غاليا من جراء حرق كنائسهم وممتلكاتهم بعد فض الاعتصامات الإرهابية في "النهضة ورابعة" ورغم كل هذه التضحيات لم تتحقق لهم المواطنة الكاملة، ويعود ذلك بالأساس إلى عده عوامل.
أولًا: إنابة الكنيسة عن الأقباط وتلخيص الكنيسة في شخص البطريرك.
ثانيا: منذ تأسيس أول مجلس ملي في مطلع القرن التاسع عشر وحتى المجلس الملي الأخير وهناك صراعات بين الاكليروس والعلمانيين أفقدت المجالس الملية فاعليتها
ثالثا: انتهازيه قطاع كبير من العلمانيين الأقباط وتسولهم الرضا والنفوذ من جلوسهم في الصفوف الأولي بالكنائس في الأعياد.
ولكن بعد مذبحه ماسبيرو المعروفة ظهرت مبادرات شبابيه مهمة منها اتحاد شباب ماسبيرو الذي عُمد بالدم وارتوى كيانهم بالدموع.
ثم ظهرت كيانات أخري مثل المجلس الاستشاري القبطي وأخيرا تنسقيه المواطنة التي يقول عنها المفكر القبطي كمال زاخر:(تنسيقية المواطنة ليست كياناً مستقلاً، أو رقماً يضاف إلى الكيانات القائمة، بل هي تنسيق بين كيانات قائمة بالفعل ـ أحزاب وجمعيات ومراكز ومؤسسات وأفراد ـ ائتلفت في لحظة لمواجهة خطر يتهدد حقوق وحريات مصريين، تمثل في مشروع قانون بناء الكنائس، وجاءت المواجهة عبر قنوات شرعية قانونية مدنية.
وهى مرشحة للتكرار مجدداً حال الإقتداء مع تغير العنوان والسبب، ربما بمكونات أخرى بحسب طبيعة القضية المطروحة واحتياجاتها.
وهى ليست حكراً على احد، شخوص أو كيانات، والتصدي للإشكاليات العامة مصرية وقبطية ليس محل، أو مدعاة، للصدام أو الصراع أو للوجاهة السياسية أو الاجتماعية، بل هو التزام ومسئولية له تكلفته وتداعياته.)
وقد استطاعت التنسيقيه بالتوافيق مع اتحاد شباب ماسبيرو أن تحقق عده مكاسب أهمها:
اتخاذ موقف قبطي موحد من قانون بناء الكنائس جعل طرفي المعادلة الكنيسة والدولة يعملان حساب للتنسيقيه ويسعيان للتقارب معها الأمر الذي أزعج قطاعات مختلفة من الأجهزة وجماعات الضغط، وبدا ذالك واضحا منذ أن أعلنت تنسيقيه المواطنة بدعم السيد الرئيس أثناء زيارته للأمم المتحدة لإلقاء كلمه مصر في الجمعية، العامة، وبدأت تلك الجماعات المغرضة النفخ في خلافات وهميه بين التنسيقيه وماسبيرو، وبين بعض أقباط الخارج والداخل.
الخلاف الداخلي بين الشباب والشيوخ له سقف واحترام متبادل ورؤية وأرضية مشتركة تجمع بين طياتها الاحتفاظ بحق الخلاف مع الكنيسة والدولة دون أطروحات راديكالية أو استعلائية ولكن الخلاف بين تنسيقية المواطنة وبعض أشقائنا في الخارج جعل بعض القيادات من أقباط الخارج تحمل في خطابات اتهامات قاسية غير مبررة علي الإطلاق مثل (الخيانة) و الكنيسة (مخترقة) الخ مما يعد من خطابات الاستعلاء والأحادية العدوانية التي لا تليق بين الأشقاء.. كما تحمل أساطير من أوهام القوة التي لن تنجح في استبدال الداخل بالخارج لان المجال الحيوي للأقباط سيظل في الداخل وما الخارج إلا رد فعل للداخل، فالداخل هو الذي يدفع الثمن وهو الذي يتعرض مباشرة للاضطهاد ومنه تدار المعارك فيا أيها الأشقاء الأعزاء لا داعي للاستعلاء (واللي ايدة في المية غير اللي ايدة في النار!!)
ومن ثم لا بديل سوي رأب الصدع بين جميع الفرقاء شباب وشيوخ.. خارج وداخل.. اكليروس وعلمانيين حتى لا نخسر تضامنا ووحدتنا مع احترامي للجميع.