الأقباط متحدون - الصلاة «أولاً» ثم الوضوء ومنظومة الفساد..!!
أخر تحديث ٠٢:٢٤ | الجمعة ٩ سبتمبر ٢٠١٦ | نسئ ١٧٣٢ش ٤ | العدد ٤٠٤٦ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

الصلاة «أولاً» ثم الوضوء ومنظومة الفساد..!!

عبدالعظيم درويش
عبدالعظيم درويش

حتى لحظة كتابة هذه السطور، صباح الأربعاء الماضى، لم يؤد وزير التموين الجديد، اللواء محمد الشيخ، اليمين الدستورية ليلحق بـ«فريق الدكتور شريف إسماعيل الوزارى» ليحل محل الدكتور خالد حنفى، وزير التموين الذى لحق باسمه «السابق»، بعد أن «اُستقيل» من الحكومة ولم يُقدم استقالته، والذى ينتظر «الطحن» فى مطاحن جهاز الكسب غير المشروع والنيابة بسبب ما نسبه إليه تقرير اللجنة البرلمانية لتقصى الحقائق فى فساد القمح، إلى جانب الشبهات التى أحاطت به نتيجة ما قدمه النائب مصطفى بكرى من مستندات تكشف عن إقامته فى فندق «سميراميس إنتركونتيننتال» التى كانت تكلفه -وفق ما يقوله- 30 ألف دولار كل شهر على مدى 31 شهراً، فى حين أن راتبه لا يتجاوز 30 ألف جنيه شهرياً.

من جانبى، فإننى أستبعد أن يكون الدكتور حنفى فى فعلته هذه قد ورّط نفسه فى «مستنقع الفساد» بإقامته فى الفندق على نفقة الوزارة التى يحمل حقيبتها، خاصة أن إقامته قد قاربت الثلاث سنوات، وإلا كانت أجهزة الرقابة «تغط نوماً فى العسل».. وإن كان الوزير السابق فى نفس الوقت يتحمل الجانب الأكبر من هذه الشبهات، خاصة أنه كان وزيراً للتموين يتعامل مع مواطنين محدودى الدخل يعانون يومياً من «لهيب الأسعار»، إلى جانب أننا يحلو لنا دائماً أن نخالف القاعدة القانونية الشهيرة «المتهم برىء حتى تثبت إدانته» لتصبح «المسئول دائماً متهم حتى تثبت براءته»، ولنا فى ذلك العذر، إذ لا يصح مطلقاً أن تحوم الشبهات -أى شبهات- حول من يتصدر العمل العام أو يتولى منصباً يتيح له فرصة اتخاذ قرارات تتعلق بـ«المال العام».. ورغم ذلك فإن من حق الرأى العام أن يعلم حقيقة ذمته المالية قبل وبعد الوزارة!!

وعودة إلى الوافد الجديد إلى «فريق إسماعيل الوزارى» فإن الكثيرين يتمنون أن تكون أجهزة الرقابة قد تأكدت فى تحرياتها من سلامة ذمته المالية ومن عدم وجود أى ميول لديه من الانحراف أو الفساد حتى لا يكون «الثالث» الذى «يهوى إلى قمة الفساد» بعد وزيرى «الزراعة والتموين»، هذا من جانب.. ومن جانب آخر فإن الرأى العام فى انتظار أن تكون الحكومة قد اختارت الوزير الجديد فى ضوء المهام والتكليفات التى سيقوم بها حتى نتوقف تماماً عما نرتكبه من أخطاء، إذ كان يتم اختيار الوزير ثم تحدد له سياسات أو تكليفات بدلاً من أن نكون قد اخترنا من هو قادر على تنفيذ هذه السياسات المحددة سلفاً وهو ما كانت تقدم عليه الحكومات السابقة التى اعتادت على اتباع منطق معكوس مثل من «يؤدى فريضة الصلاة ثم يسارع لكى يتوضأ»..!!

اتهام الوزير «المُستقال» بالفساد بعد مرور كل هذه المدة على توليه المنصب كشف خللاً واضحاً فى عمل أجهزة الرقابة العديدة، إذ إنه بالتأكيد كانت تقارير عدة «ذُيلت» نهاياتها بتوقيعات رؤساء هذه الأجهزة تؤكد صلاحية هذا الوزير لتولى المنصب قبل أن يقف أمام «السيسى» ليؤدى اليمين: «أقسم بالله العظيم أن أحافظ على النظام الجمهورى وأن أحترم الدستور والقانون وأن أرعى مصالح الشعب رعاية كاملة وأن..».. وإن صحت اتهامات الوزير فإنه يبدو هنا أن خطأ مطبعياً فى نص القسم -الذى تسلمه هذا الوزير قبل دقائق من أدائه- قد وضع تعبير «وأن أرعى مصالحى الخاصة جداً» بدلاً من «وأن أرعى مصالح الشعب رعاية كاملة»..!!

فعلى الرغم من تعدد الأجهزة الرقابية الموكل إليها التأكد من صلاحية المرشح لتولى منصب رسمى فإنه ربما كان «الكسل» الذى أصابها، ولا أقول الإهمال أو التواطؤ، أو قصر تحرياتها واهتمامها على تحديد الهوية السياسية للمرشح دون أن تتطرق إلى فساده أو مدى ميوله واستعداده لذلك الفساد، هو السبب فى نجاح الوزير فى التسلل إلى مقعده.. وإذا لم يكن هذا ما حدث فليخرج علينا «رئيس الوزراء» ليعلن بكل شفافية أن بعض التقارير الرقابية قد اعترضت على وزير «التموين» إلا أنه -أى «إسماعيل»- لم يلتفت إليها، ووقتها لا بد أن يلحق به فى قفص الاتهام ولا يُكتفى بتقديمه استقالته..!!

يبدو، فى ظل ما نشهده من تطورات متلاحقة لقضية اتهام وزير التموين بالفساد، أننا سنبدأ غناء «يا حلوة يا بلحة».. ترحيباً بمن كانت صورهم تتصدر الصفحات الأولى من الصحف ويتشدقون بالشفافية والمصداقية ومواجهة الفساد على شاشات التليفزيون كل ليلة تقريباً..!!
نقلا عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع