الكاتب
جديد الموقع
الاحتفالات وكيف تكون؟
بقلم: القس لوقا راضي
سألني أحد الأحباء. ترى في هذا العام كيف سيكون شكل الاحتفالات القبطية بمناسبة الأعياد، وهل ستكون مثل كل الأعوام؟ أم أن الشكل سيختلف؟ فقلت له ماذا تعني بقولك هذا؟ فأجابني: في الأعوام الماضية كنا نرى مظاهر الاحتفالات كاملة عند الاقباط؛ مثل الملابس الجديدة، واستخدام المفرقعات والألعاب النارية، التى يلهو بها الأطفال والشباب، إلى آخر تلك المظاهر. قلت له: وأنت ماذا ترى؟ أجابني وقال لي ناقلاً قول نحميا في سفره حين سئل نحميا من الملك."مالي أراك مكمد الوجه هكذا" فأجاب نحميا: "كيف أفرح والمدينة بيت آبائي محرقة وأسوارها مهدمة".
وأكمل قائلاً: نحميا لم يستطع أن يفرح أو أن يتظاهر بالابتسام في وجه الملك، وهو يعلم جيدًا أن عدم إظهار مظاهر البهجة أمام نظر الملك تعني أنه سيفقد لا وظيفته فقط، بل أيضًا حياته، ومع ذلك لم يستطع، بل كان مكمد الوجه، وأكمل لي قائلاً: إني توجعت كثيرًا، فالعام الماضي حيث كان عيد الميلاد هو يوم استشهاد أحبائنا في نجع حمادي، ومع هذا كانت هناك مظاهر الفرح تعم الشباب، إني لا أدينهم بل ربما لم يكونوا يعرفون ما حدث، ولكن هذا العام هم يعلمون كل شيء، لا عن نجع حمادي، بل أيضًا عن أخوتنا الشهداء بالعراق، وأخوتنا الشهداء بالعمرانية، وغيرهم. والآخرون الذين هم في الحبس للآن، وحتى وإن تم الإفراج عنهم، ألا تزال هناك لديهم أحاسيس متألمة ومجروحة من قبل ما تعرضوا له من تعب وإرهاق، وضغط نفسي وعصبي، وليس هم فقط، بل هناك أيضًا أسرهم التي تعاني في الخارج آلام فراقهم، والأسر الأخرى التي تعاني من فقدان أحبائهم الذين استشهدوا. قلت له: معك كل الحق.
أردف قائلاً لي: يا أبي إننا إن لم نهتم بمشاعر أخوتنا فكيف نقف أمام أبينا السماوي القائل لنا أن الذي لا يهتم بخاصته يكون أشر من غير المؤمن، وأين سنذهب من الوصية القائلة لنا: "فرحًا مع الفرحين، وبكاءً مع الباكين" إننا أن أقمنا مظاهر الاحتفالات، ألا نجرح أخوتنا؟ ألا تصيبنا الآية القائلة "دم أخيك صارخًا إلى من الأرض" ونحن نقول "أحارس أنا لأخي". فقلت له: اطمئن الكنيسة واحدة وحيدة مقدسة جامعة رسولية، وتذكر يا أخي أن قداسة أبينا البابا الأنبا شنودة قد ألغى مظاهر الاحتفالات بعيد رسامته، وأيضًا العديد من الآباء الأساقفة قد ألغوا مظاهر احتفالاتهم بأعياد رساماتهم، وأنا شاهد عيان أن الأنبا "توماس" رفض تمامًا إقامة أي احتفالات بعيد رسامته، وقال لنا: "كيف نفرح وأخوتنا حزانى فلنصلي لهم. وهذا أقل ما يجب أن يُقدم لهم .
وهل ننسى ما قام به قداسة البابا الأنبا شنودة الثالث، الذي أصدر بيانًا تضامنيًا مع أهل غزة، وتحدث في عيد الميلاد عام 2009، تضامنًا مع أهالي غزة، الذين كنوا يروعون تحت أخطار الحرب والدمار والتجويع والحصار والمعاناة.(اليوم السابع 7يناير 2009) فقال لي: لقد أسعدتني، لكن هل سنجد مظاهر احتفال من الشباب؟ فقلت أنا له: الاحتفالات هي تعبير عن حالات الفرح التي تغمر الإنسان، ومن فضلة القلب يتحدث اللسان. وإن كان القلب مملوء بالسلام والحب لله يتحدث اللسان بما يمتلئ القلب. وإن كان القلب يمتلئ بمحبة العالم وأفكاره وشهواته ينطلق اللسان معبرًا عما فيه. نحن علينا التعليم والإرشاد. لأن الكتاب قد قال "امح الذنب بالتعليم" وإننا ككنيسة دائمًا نعلم الشعب أن الاحتفالات لابد أن تكون روحية، من يفرح فليفرح بالرب، لا بالعالم، ولا تحبوا العالم والأشياء التي في العالم، لأن العالم سيمضي وكل شهوته معه، وتركني صديقي ومضى. وتوجهت لنفسي بتلك الأسئلة:
ترى هل سنشارك معًا في الأحاسيس والمشاعر؟
ترى هل ستكون لنا أحشاء الرأفات تجاه أخوتنا؟
ما الذي سيحدث إذا اتجهنا في أعماقنا بالصلاة عوضًا عن العالم وأسلوبه؟
ووجدت نفسي أردد قائلاً: نعم نستطيع أن نعلن أننا أبناء لله، الذي قال بهذا يعرف الجميع أنكم تلاميذي، إن كان لكم حب أحدكم نحو بعض أحبائي في اسم الرب يسوع المسيح. إن الاحتفال في القلب لا في العالم وشهواته.
الرب يبارككم.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :