كتبت – أماني موسى
في 5 سبتمبر عام 1981 أخذ الرئيس الراحل أنور السادات عشرة قرارات تعلقت بالشأن القبطي والعمل العام، باعتقال جميع القيادات السياسية والدينية والطلابية بجميع انتماءاتها ومراكزها وأعمارها، وعددهم 1500 شخص، وإغلاق كل الصحف غير الحكومية، ونفي البابا شنودة الثالث وعزله عن منصبه.
وصف بعض المؤرخين هذه القرارات بـ الأسوأ في تاريخ مصر والتي كتبت النهاية لحكم السادات، واستخدمها لتمرير المادة ٧٤ في الدستور.
نورد بالسطور المقبلة بعضًا من المعلومات حول هذه القرارات ودوافعها ونتائجها أيضًا.
1- وجه السادات بيان للشعب، متحدثًا عن الفتنة الطائفية، وأن هناك فئة حاولت إثارة الفتن، والحكومة حاولت نصح تلك الفئة أكثر من مرة، وأن الآونة الأخيرة شهدت أحداثا هددت وحدة الوطن واستغلتها تلك الفئة وسلكت سبيل العنف وتهديد الآمنين، الأمر الذي يستلزم إعمال المادة 74 من الدستور المصري والتي تنص علي أن لرئيس الجمهورية إذا قام خطر يهدد الوحدة الوطنية أو سلامة الوطن أو يعوق مؤسسات الدولة عن أداء دورها الدستوري أن يتخذ الإجراءات السريعة لمواجهة هذا الخطر، ويوجه بيانًا إلى الشعب ويجري الاستفتاء علي ما اتخذه من إجراءات خلال ستين يوماً من اتخاذها".
2- جاء في القرار حظر استغلال الدين لتحقيق أهداف سياسية أو حزبية، والتحفظ على بعض الأشخاص المشاركين فيما وصفه بـ "تهديد سلامة الوطن"، كما تم التحفظ على أموال بعض الهيئات والمنظمات والجمعيات للسبب ذاته، وحل جمعيات مشهرة إذا هددت سلامة الوطن، إلغاء التراخيص الممنوحة بإصدار بعض الصحف والمطبوعات مع التحفظ على أموالها ومقارها، نقل بعض أعضاء هيئة التدريس والجامعات والمعاهد العليا ونقلهم إلى الوظائف التي يحددها الوزير، وكذا نقل بعض الصحفيين وغيرهم من العاملين في المؤسسات الصحفية القومية وبعض العاملين في اتحاد الإذاعة والتليفزيون والمجلس الأعلى للثقافة.
3- أبعد الرئيس السادات البابا شنودة الثالث من منصبه كبابا لكنيسة الإسكندرية وكبطريرك للكرازة المرقسية، ونفاه إلى الدير وأعتقل عددًا من الكهنة والأساقفة.
4- كان على رأس الذين تم اعتقالهم الكاتب الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل، رغم أنه ظل لسنوات طويلة صاحب علاقات وثيقة بدائرة صنع القرار السياسي في مصر، اختلف هيكل بعد حرب أكتوبر 1973 مع الرئيس السادات حول التعامل مع النتائج السياسية لحرب أكتوبر، واتخذ الرئيس قرارًا بتعيينه مستشارًا، واعتذر عن قبول المنصب وتفرغ للكتابة، وكان كل ما يكتبه ينشر خارج مصر وهو يعيش داخلها.
5- فؤاد سراج الدين على رأس الذين ألقي القبض عليهم لأنه شبه السادات بالملك الفرنسي لويس السادس عشر ، وقال إن ثورة يوليو أخطأت عندما لم تعدمه، أسس سراج الدين حزب الوفد الجديد 1978 ثم جمد وعاد عام 1983 ليظل سراج رئيسه حتى وفاته في 2000.
6- تقول صافيناز كاظم الكاتبة التي تم اعتقالها آنذاك، "انتهى الخطاب وقد أدركنا أننا وقعنا في يد المجهول، منعت عنّا كل الحقوق، فلا زيارات، ولا طعام إلا طعام السجن غير المناسب للاستهلاك الآدمي، وبالطبع لا صحف ولا رسائل إلخ.".
7- على الرغم مما أعلنه السادات بأن عدد المتحفظ عليهم "1536"، إلا أن "هيكل" يذكر في كتابه "خريف الغضب" بأن عددهم يزيد عن 3 آلاف.
8- في يوم 3 سبتمبر تم اعتقال مئات الأساقفة والرهبان والكهنة، وفى صباح 5 سبتمبر جرى تطويق الدير الذي كان يقيم فيه "البابا شنودة" بقوات الأمن، وطبقًا لكتاب "خريف الغضب"، ذهب أحد الأساقفة إلى "البابا" ليسأله إذا كان سيشاهد خطاب السادات في التليفزيون، فرد البابا بأنه لن يفعل وسوف يأوى إلى غرفته ليقرأ، وأعلن السادات في خطابه، سحب اعتراف الدولة بانتخاب البابا، وتعيين لجنة بابوية مؤقتة من خمسة أعضاء لإدارة شئون الكنيسة، مما زاد من احتقان الأقباط.
9- يذكر أن هذه القرارات جاءت بعد عودة السادات من أمريكا، ما أوحى إلى البعض بأن هناك اتفاق وتفاهمات حول هذه القرارات.
10- أختتم السادات بيانه الذي عزل فيه البابا شنودة قائلاً: أجريت هذا بعد أن استشرت المخلصين للبلاد والكنيسة وعلي هؤلاء الأساقفة سرعة معالجة الشعور القبطي العام في الداخل والخارج لكسر حاجز التعصب والحقد والكراهية وبث روح المحبة والتسامح، وعلي هذه اللجنة أن تتقدم للحكومة بكل الاقتراحات المناسبة لإعادة الكنيسة إلي وضعها التقليدي الأصيل كنسيج حي في جسم الدولة.
11- في يوم 6 سبتمبر، وصفت صحيفة الجمهورية الحدث بـ"ثورة جديدة للسادات، ووصفتها "الأهرام والأخبار" بـ"قرارات ضرب الفتنة"!