الأقباط متحدون - النسخة السينائية للكتاب المقدس
أخر تحديث ١٣:٥٠ | السبت ٣ سبتمبر ٢٠١٦ | مسري ١٧٣٢ش ٢٨ | العدد ٤٠٤٠ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

النسخة السينائية للكتاب المقدس

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

Codex Sinaiticus

إعداد/ماجد كامل
المقصود بالنسخة السينائية للكتاب المقدس هي المخطوطة التي تم اكتشافها في دير سانت كاترين علي يد العالم الألماني قسطنطين فون تشيندروف ( 1815- 1874 )؛ والتي تضم أسفار الكتاب المقدس بعهديه . وقصة اكتشاف تشيندرف لهذه المخطوطة كما وردت في الكتب مثيرة ومؤثرة ؛فلقد فكر تشيندروف في السفر إلي دير سانت كاترين يحدوه بعض الأمل في اكتشاف مخطوطات نادرة في الدير هناك ؛وبالفعل وصل الي دير سانت كاترين في شهر مايو 1844م ؛ وأثناء جلوسه في مكتبة الدير لمح سلة مهملات كبيرة مملؤة من الرقوق القديمة ؛ فقال له أمين مكتبة الدير أنه يوجد كومتين من هذه الأوراق التي بليت وتآكلت مع الزمن قد تم حرقها. ولقد سجل تشيندروف في مذكراته هذه الحادثة فقال عنها " عندما كنت متوجها نحو الرفوف وجدت في وسط القاعة الكبيرة سلة مهملات كبيرة ملأي بالرقائق القديمة .فأخبرني أمين المكتبة بأن مجموعتين أخريين من هذه الرقائق القديمة قد ألتهمتها النيران . والأمر الذي أثار استغرابي وجود صفحات من الرقائق مدون عليها العهد القديم باللغة اليونانية . وقد بدت لي أنها أقدم مخطوطة شاهدتها في حياتي " .ولكن رئيس الدير لم يسمح له أن يأخذ معه أكثر من 43 ورقة ؛وهي المحفوظة حاليا في متحف ليبزج . وبالفعل عاد تشنيندروف الي وطنه محملا ب 43 ورقة يحدوه حلما كبيرا أن يعود مرة أخري إلي دير سانت كاترين لمعاودة البحث عن برديات أخري .

فأخذ يلح علي قيصر روسيا أن يسمح له بتمويل رحلة له إلي الدير مع وعد أنه سوف يهدي القيصر جميع المكتشفات الأثرية التي قد يعثر عليها . وبالفعل وافق قيصر روسيا وسمح له بالعودة مرة أخري إلي دير سانت كاترين في يناير 1859 ؛وفي يوم 4 فبراير من نفس السنة طلب من الوفد المرافق له التهيؤ لمغادرة الدير بعد 3 أيام ( أي يوم 7 فبراير 1859 ) بعد أن أوشك من اليأس من العثور علي أي شيء . وفي أثناء تناول بعض المرطبات مع أحد رهبان الدير ؛أخبره أنه شاهد رزمة مربوطة بقماش أحمر يعتقد أنها شيئا ثمينا ؛ فأحضرها إليه ؛وما أن فتحها تشيندروف حتي فوجيء أنها بقية أوراق المخطوطة التي عثر عليها في عام 1844 . فبعث برسالة إلي زوجته قال فيها " أن صفحات هذه المخطوطة فريدة من نوعها في العالم . وبما أن مخطوطة الفاتيكان ومخطوطة الإسكندرية خاليتين من النص الكامل للعهد الجديد ؛فأن تضمين هذه المخطوطة للعهدين يجعلهما مهمة للمعرفة المسيحية . ولما لم يكن هناك أدني شك في أن مخطوطة سيناء هذه هي أقدم المخطوطتين المشار إليهما في أعلاه فإن اكتشافهما يمثل حدثا هاما في المعرفة بعامة والمسيحية بخاصة . وبطبيعة الحال ليس هناك شخص في الدير يدرك قيمة المعلومات الموجودة في المخطوطة ".

وبعد الحاح شديد وافق رهبان الدير علي السماح له بنسخ المخطوطة ؛فعكف تشيندروف لمدة شهرين في نسخ المخطوطة ؛ وكان يعاونه طبيب وصيدلي يجيدان اللغة اليونانية ؛ وكان مجموع السطور التي نسخها وراجعها حوالي 12 ألف سطر. ولقد طلب من رهبان الدير السماح له بإعارة المخطوطة إلي بطرسبرج ؛ وبعد إلحاح شديد وافق رهبان الدير ؛ وبالفعل قام بالتوقيع علي تعهد بإعادة المخطوطة إلي الدير في حالة جيدة فور الانتهاء من فحصها .

وفي روسيا كلفه القيصر بدرسة المخطوطة دراسة علمية تمهيدا لنشرها وطبعها خلال عامين ؛وفي خلال عيد الفصح عام 1862 مباشرة ظهر 22 سفر من العهد القديم و29 سفر من العهد الجديد في طباعة جديدة فاخرة ؛كما أنهالت عبارات التكريم علي تشيندروف وحاز علي أوسمة ونياشين من معظم ملوك أوربا .
ولقد تفاوضت الحكومة الروسية مع رهبان دير سانت كاترين لشراء المخطوطة منهم ؛ وبعد مفاوضات طويلة وعسيرة وافق رئيس أساقفة دير سانت كاترين علي إهداء المخطوطة إلي قيصر روسيا ؛ونجح في إقناع رهبان الدير بالإهداء ؛ ومقابل تلك الهدية الثمينة تسلم رهبان الدير مبلغ 9 آلاف روبل مع بعض الأوسمة من قيصر روسيا . ولقد توفي تشيندروف عام 1874 عن عمر يناهز الستين عاما تقريبا . ولقد عبر في مذكراته عن فرحته بالإنجاز الذي تم تحقيقه بإكتشاف وتحقيق المخطوطة السينائية بقوله " إن العناية الإلهية قد منحتنا الكتاب المقدس السينائي ليكون بمثابة الضؤ الذي يقود الإنسان إلي ما ستكون عليه الكلمات الحقيقة للرب في الزمن الذي تكثر فيه الهجمات علي المسيحية . سيساعد هذا الكتاب في الدفاع عن الحقيقة وذلك بتحقيقه النموذج الأصلي " .

وبعد اندلاع الثورة البلشفية عام 1917 ؛مرت الحكومة الروسية بظروف اقتصادية صعبة مما اضطرها الي بيع بعض المخطوطات الثمينة التي تحتفظ بها ؛ وفي عام 1933 ؛قام رئيس قسم تبادل المطبوعات النادرة في المكتبة الروسية بزيارة لندن ؛وهناك تقابل مع بائع للكتب النادرة ؛فسأله " لو أردنا بيع المخطوطة السينائية التي بحوزتنا ؛فكم تساوي من المال ؟ " فرد عليه البائع "أنه لا يستطيع تقدير ثمنها بالضبط ؛ولكن إذا كنتم جادين في بيعها ؛فسوف يحاول إيجاد مشتر لها ". ووصل الخبر إلي السير "فرديرك كيفن " مدير المتحف البريطاني في ذلك الوقت ؛ وبدأت عملية المساومة بين المتحف البريطاني والمكتبة الروسية ؛ حتي وصلت المساومات الي بيعها بمبلغ 100 الف جنيه استرليني ؛ علي أن تدفع الحكومة البريطانية نصف المبلغ ؛ ويتحمل الشعب البريطاني النصف الآخر ؛وتمت عملية البيع ووصلت المخطوطة إلي المتحف البريطاني يوم 27 ديسمبر 1933 ؛ وما أن شاهد الجمهور المحتشد بالمتحف المخطوطة حتي بادر الجميع إلي رفع قبعاتهم احتراما للكتاب المقدس ؛ ولقد ذكرت أحدي المجلات الفصلية التي تصدر عن المتحف البريطاني في عددها الصادر عام 1934 الجمهور الواقف أمام المخطوطة لإلقاء نظرة عليها " لم يشهد المتحف البريطاني في تاريخه هذا العدد من الزوار الذين وقفوا بصبر في انتظار دورهم لإلقاء نظرة علي صفحات المخطوطة " . ومازالت المخطوطة محفوظة حتي الآن في المتحف البريطاني داخل صندوق منقوش عليه العبارة التالية " اكتشفت المخطوطة عام 1859 من قبل عالم اللاهوت الالماني قسنطين تشيندروف وذلك في دير القديسة كاترينا الذي يقع في جبل سيناء ؛ ولقد تم إهداء المخطوطة إلي قيصر روسيا من قبل رهبان الدير ". ولقد سجل المخطوط بدليل المتحف البريطاني تحت رقم

B .MUS .ADDIT .MS .43725

ويرجح بعض العلماء أن الأصل التاريخي للمخطوطة السينائية للكتاب المقدس يرجع إلي الإمبراطور قسنطين الكبير ( 306- 337 م ) قد أصدر أمرا إلي يوسابيوس القيصري ( 260- 340 م ) والملقب ب"أبو التاريخ الكنسي " بنسخ 50 مخطوطة من الكتاب المقدس (حيث كان يدير دار للخطاطين في القسطنينية) لتوزيعها علي بعض الكنائس والأديرة المنتشرة في طول الإمبراطورية وعرضها ؛ وكانت النسخة السينائية من نصيب دير سانت كاترين ؛أما تاريخ نسخ المخطوطة فيرجع لعام 331 م تقريبا .


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع